الأجواء السورية في عهدة «إس- 300»

الحدث الأربعاء ٢٦/سبتمبر/٢٠١٨ ٠٤:٠٨ ص
الأجواء السورية في عهدة «إس- 300»

موسكو - دمشق - عواصم - رويترز - وكالات

كان حلم الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بالحصول على منظومة «إس- 300» فقد طلب حافظ الأسد من موسكو، في آخر زيارة له قبل انهيار الاتحاد السوفييتي، بتزويد سوريا بالمنظومة الصاروخية «إس- 300». وزار الرئيس السوري الراحل في العام 1987 الاتحاد السوفييتي، وجرت محادثات بينه وبين رئيس الاتحاد السوفييتي ميخائيل جورباتشوف، وطلب حافظ الأسد حينها تزويد سوريا بـ«إس- 300» ولكن جورباتشوف رفض الطلب حينها، وبعد ذلك في أوائل التسعينيات توقفت صادرات موسكو من الأسلحة إلى سوريا وكان السبب الدين الكبير الذي كان يتوجب على سوريا دفعه.

مع بوتين

في عصر بوتين عادت صادرات الأسلحة الروسية إلى سوريا، وكان يريد تزويد سوريا بـ«إس- 300»، عندما حلّقت الطائرات الإسرائيلية فوق قصر الرئيس السوري الحالي، بشار الأسد، لكي يمنع طائرات تل أبيب من التحليق مرة أخرى فوق القصر الرئاسي، ولكن تل أبيت استخدمت كل قواها لمنع الصفقة، ولم تتم حينها أيضا.

لكن تمّت

تفاجأ الجميع من إعلان روسيا تزويد سوريا بنظام إس- 300 الصاروخي خلال أسبوعين رغم الاعتراضات القوية من إسرائيل بعد أسبوع من تحميل موسكو إسرائيل مسؤولية التسبب بشكل غير مباشر في إسقاط طائرة حربية روسية في سوريا. وقال البيت الأبيض إنه يأمل أن تعيد روسيا النظر في الخطوة التي وصفها مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون بأنها «تصعيد خطير» للحرب المستمرة منذ سبع سنوات.
وقال وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو إن موسكو تفضلت على إسرائيل في الماضي بالامتناع عن تزويد سوريا بالنظام الصاروخي. لكن الحادث الذي وقع الأسبوع الفائت وأودى بحياة 15 فردا من القوات الروسية أجبر روسيا على اتخاذ «إجراءات ملائمة للرد» من أجل الحفاظ على أمن قواتها.

لماذا تمّت؟

وأضاف شويجو: «نظام إس- 300 الصاروخي الحديث للدفاع الجوي سيُنقل للقوات المسلحة السورية في غضون أسبوعين... وسيعزز بدرجة كبيرة القدرات القتالية للجيش السوري».
وقال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ناقش القرار عبر الهاتف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقالت روسيا التي تقاتل في سوريا لمساندة الحكومة إن سوريا أسقطت طائرة الاستطلاع آي.إل- 20 بطريق الخطأ بعد فترة وجيزة من ضرب طائرات مقاتلة إسرائيلية لهدف قريب. وتحمّل روسيا إسرائيل مسؤولية إيجاد ظروف خطيرة أدّت إلى تحطم الطائرة.

تعنت إسرائيلي

وقالت إسرائيل، التي ضربت أهدافا في سوريا مرارا خلال الحرب، إنها ستعمل على تحسين «منع تعارض» مهماتها مع القوات الروسية لكنها لن توقف هذه المهمات. وكانت إسرائيل منذ فترة طويلة تحث روسيا على عدم تزويد سوريا بنظام إس- 300، خشية أن يعرقل قدراتها الجوية على ضرب تجمعات قوات إيران وحزب الله في سوريا.
وقال مكتب نتنياهو إنه أبلغ بوتين بأن تزويد «أطراف غير مسؤولة» بنظم أسلحة متقدمة سيؤجج المخاطر في المنطقة.
وقال بيان نتنياهو «تقع مسؤولية الحادث المؤسف على عاتق الجيش السوري، الذي أسقط الطائرة، وإيران التي يزعزع عدوانها استقرار (المنطقة)». وهناك قوات إيرانية في سوريا لتقديم العون للحكومة في الحرب.

في مكالمة هاتفية

وخلال المكالمة الهاتفية، قال نتنياهو أيضا إنه أبلغ بوتين بأن إسرائيل ستواصل حماية أمنها ومصالحها. واتفق نتنياهو مع بوتين أيضا على مواصلة التنسيق بين القوات المسلحة للبلدين.
وقال عاموس يدلين، الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية والذي يدير الآن معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، إن اتهام إسرائيل بأنها لعبت دورا في تحطم الطائرة «أخبار زائفة... تهدف إلى تهدئة الضغوط الدبلوماسية والتعتيم على مسؤولية الضباط السوريين والروس عن إسقاط الطائرة».
وأضاف في تغريدة على تويتر «إمداد (سوريا) بنظام إس- 300 يفاقم خطر مستخدميه السوريين غير المحترفين في المقام الأول على سلاح الجو الروسي وعلى إسرائيل والولايات المتحدة والتحالف بالإضافة إلى الطيران المدني. كانت إسرائيل تستعد لهذا التهديد لمدة 20 عاما وستعرف كيف تتعامل معه».

كبح إسرائيل

جرى تحديث منظومة إس- 300 التي طورها الجيش السوفييتي ثم أنتج منها نسخا مختلفة بقدرات متباينة قادرة على إطلاق الصواريخ من شاحنات. والمنظومة مصمّمة لإسقاط الطائرات الحربية والصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى. وقال ألكسندر كرامتشخين من معهد التحليل العسكري والسياسي في موسكو إن نظام إس- 300 قد «يؤثر بشكل خطير على قدرة إسرائيل على تنفيذ ضرباتها في سوريا».
وذكر مدير مركز كارنيجي في موسكو والكولونيل السابق في الجيش الروسي ديمتري ترينين أن نظام إس- 300 سيجعل إسرائيل «أكثر حذرا في محيط الأصول الروسية».

الكرملين يدافع

بينما قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين إن قرار روسيا تزويد سوريا بمنظومة إس- 300 ليس موجها ضد أي دولة ثالثة.
وأضاف: «روسيا بحاجة لزيادة أمن جيشها ويجب أن تكون المسألة واضحة للجميع». لكنه كرر أيضا اتهامات موسكو لإسرائيل بأنها تتحمّل
مسؤولية إسقاط الطائرة قائلا «لا شك في أنه وفقا لخبرائنا العسكريين، كان العمل المتعمد من قبل الطيارين الإسرائيليين هو سبب المأساة وهذا لا يمكن إلا أن يضر بعلاقاتنا (الروسية-الإسرائيلية)».
وقال مكتب الرئيس السوري بشار الأسد «حمّل الرئيس بوتين خلال الاتصال إسرائيل مسؤولية إسقاط الطائرة وأبلغ الرئيس الأسد بأن روسيا ستطور منظومات الدفاع الجوي السورية وتسلمها منظومة إس- 300 الحديثة».

بولتون ينتقد

وفي نيويورك، قال بولتون للصحفيين «ينبغي ألا يكون هناك أي لبس في ذلك... الطرف المسؤول عن الهجمات في سوريا ولبنان، وهو طرف مسؤول حقا عن إسقاط الطائرة الروسية، هو إيران». وأوضح بولتون أن هناك حاجة لعملية سياسية لإنهاء الحرب في سوريا لكن خطط روسيا بشأن النظام الصاروخي تجعل ذلك صعبا.
وأضاف أن القوات الأمريكية ستبقى في سوريا ما دامت إيران باقية هناك. وقال بولتون: «لن نغادر ما دامت هناك قوات إيرانية خارج حدود إيران ويشمل ذلك وكلاء إيران وميليشياتها».

منظومات متطورة

ويقول الأستاذ في الأكاديمية الروسية للعلوم العسكرية سيرجي سودكوف إن سبع منظومات من «إس- 300» يمكنها إغلاق الأجواء السورية كلها، ويمكن أن تزوّد موسكو دمشق بما لا يقل عن خمسة مثل هذه الأنظمة.

حل المشكلة

وقال الخبير لوكالة «سبوتنيك»: «أعتقد أننا يمكن أن نرسل إلى سوريا سبعة أنظمة من «إس- 300» كحد أقصى، هذا كثير جدا، ولكن هكذا سنكون قادرين على حل مشكلة إغلاق سماء سوريا ومع ذلك، فإن إرسال مثل هذه الكمية احتمال ضئيل، ولكن 3 - 4 منظومات أيضا قادرة على السيطرة على مناطق واسعة من الأراضي السورية. وجميع المواقع التي تقوم فيها روسيا بعملية ضد الإرهاب».
وأوضح الخبير أنه إلى جانب منظومة «إس- 300» في سوريا، ستعمل أنظمة التشويش في مناطق لن تستطيع طائرات العدو المحتمل أن تصل إليها.