محمد الرواس يرصدها بعدسته: البومة مزيج رائع من الغموض والقوة

مزاج الأربعاء ٠٣/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٢:٥٠ ص
محمد الرواس يرصدها بعدسته:
البومة 
مزيج رائع من الغموض والقوة

مسقط - لورا نصره

بوجهها العريض وعيناها الواسعتين لطالما كانت البومة محور القصص والأساطير. حيناً تكون الحكيمة وأحياناً أخرى تكون الشريرة. وبعيداً عن القصص وما تحمله يبدو طائر البوم مدهشاً بنشاطه الليلي وقدراته العالية وتنوعه المذهل.
صفاته المميزة تجذب مصوري الحياة البرية لتوثيقها ومنهم المصور محمد بن عبدالمنعم عبدالله البحر الرواس، ابن مدينة صلالة في محافظة ظفار.
يقوم محمد بجهد كبير لرصد وتوثيق الطيور سواء المهاجرة أو المقيمة ومن ضمنها البومة التي نحاول في هذا الموضوع أن ندخل عالمها برفقته لنتعرف على أنواعها وطباعه.

يقول محمد: السلطنة غنية بالتنوع البيئي والجيولوجي مما يساعد في تنوع وانتعاش الكائنات الفطرية ودورة حياتها وتعد طيور البوم على رأس قمة السلسلة الغذائية كسائر الجوارح والمفترسات الأخرى وتلعب دوراً كبيراً في المحافظة على توازنها. هذا ويوجد بالسلطنة 8 أنواع مقيمة من البومة بالإضافة إلى نوعين من البومة المهاجرة.

وحول مسمياتها يقول محمد: البومات المقيمة في السلطنة هي بومة الشجر العربي (الثبج عربي)، وبومة الشجر الأروبي (الثبج الأروبي)، البومة العربية النسارية، البومة البضياء، البومة الصغيرة، البومة النسارية الفرعونية، البومة العمانية (بومة الصحراء)، البومة الأشجار المخططة.
أما البومات المهاجرة فهي البومة الصمعاء قصير الأذن، وبومة أوراسي.

اختلافاتها وأماكن عيشها

يختلف البوم من نواحي كثيرة من ضمنها المكان الذي توجد فيه وطريقة عيشها بالإضافة إلى الشكل والحجم. يقول محمد: "لكل نوع من البوم مكانه المفضل والمناسب له ففي حين تبني بومة الأشجار العربية مساكنها في الأشجار الكثيفة، تعيش البومة العربية النسارية عادة بين الكهوف والجروف الصخرية، أما البومة البيضاء فتفضل الأماكن الزراعية والأماكن المهجورة، وتعد الوديان الشبه قاحلة موطنا مناسبا للبومة الصغيرة حيث تكون الأجواء جافة وساخنة نوعاً ما.
ويضيف: تنوع أماكن عيش البومة ليس الاختلاف الوحيد بينها، فأصواتها أيضا تختلف من نوع لآخر. ولكنها تشترك جميعا بحدة سمعها وقوة نظرها ليلاً ونهاراً وطيرانها الصامت وأنواع الغذاء المناسبة تقريبا نفس الشيء.
أما الطيور المهاجرة مثل البومة الصمعاء (قصيرة الأذن) فإنها تزور سلطنة عمان وتستوطن في الأماكن التي يوجد بها أخوار الماء والمستنقعات.

أفضل الأوقات لتصويرها
يتابع محمد حديثه الشيق عن محاولاته رصد البومة وتوثيق معيشتها في بيئتها المناسبة. يقول: "تنشط البومة ليلاً وتكون تحركاتها فترة النهار قليلة ولذلك لا يغدو من السهل معرفة التوقيت المناسب للحصول على صور فنية لها إلا بعد معرفة بيئتها ودراستها بحيث يتم تصويرها بدون إزعاجها، فالبومة حساسة جداً ويمكنها سماع الصوت القادم من عمق 60 سم تحت الأرض وهي تمتلك إحساساً قوياً تجاه الخطر.

وحول الصعوبات التي يواجهها عادة يقول محمد: "يمكن بالإجمال اختصار الصعوبات التي تكتنف تصوير الحياة الفطرية في العناء الذي يتطلبه البحث عن الطائر أو الحيوان والانتظار الطويل بالإضافة إلى المخاطر التي نواجهها أحياناً سواء كان بعبور الوديان. هي هواية تحتاج إلى الكثير من الصبر والتحمل تحت أشعة الشمس أو في البرد. وربما يكون الحصول على صورة فنية طبيعية من أصعب الأشياء التي يمر بها مصور الحياة البرية.

حكيمة أم شريرة؟
تختلف نظرة الناس للبومة. منهم من يحبها ومنهم من يتشاءم منها. فكيف يراها محمد؟ يقول: "لقد قمت بتوثيق وتصوير عدد كبير من الكائنات الفطرية بالسلطنة من الطيور والحيوانات وحتى الحشرات، وفعلياً أجد البومة طائراً مميزاً جداً بشكل خاص عن سائر الطيور والجوارح بما وهب الله لها من قوى خارقة وقدرة غير موجودة لدى الكائنات الأخرى مثل قوة بصرها وسمعها الحاد.

طموحك في هذا المجال
مع استمراره في القيام بجولات التصوير والتوثيق للحياة الفطرية بكل تنوعها يطمح محمد لأن يجمع كل أرشيفه في كتب أو مجلدات مصورة إلى جانب إنتاج عدد من الأفلام الوثائقية التي يتم تنفيذها بطريقة احترافية لتبقى في متناول الجميع وذلك بهدف زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على التنوع الذي تتمتع به السلطنة وأهمية الحفاظ عليه.
ويختم محمد بنصيحة مهمة، ويقول: التصوير ليس مجرد التقاط صورة فنية بل يجب أن يحمل رسالة للمجتمع. وأنا أدعو هواة التصوير الحياة الفطرية لأن يكون لهم دور في زيادة الوعي والتعريف بالكائنات الجميلة التي تعيش على أرضنا الحبيبة ولهذا أنصح هواة تصوير الحياة الفطرية بالقراءة والبحث عن سلوكيات الطيور والحيوانات التي يقومون بتصويرها وتوثيقها ومعرفة مسمياتها العلمية لفهمها جيدا وعدم إزعاجها في بيئاتها والمساهمة بالحفاظ عليها للأجيال المقبلة.

من هو محمد الرواس
رائد أعمال، مصور، وموثق للحياة البرية وراصد للطيور المهاجرة والمقيمة. عاشق للمغامرات، بدأ اهتمامه بالتصوير بفضل الطبيعة الخلابة لمحافظة ظفار، فكان كثير الترحال بغية اكتشاف أماكن جديدة من جبال وبحار وصحراء. له مشاركات كثيرة في معارض فنية متنوعة من ضمنها معرض "خريف ظفار بعدسات عمانية" بمشاركة نخبة من المصورين المحترفين في السلطنة.