هيئة حماية "من" المستهلك

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٣/أكتوبر/٢٠١٨ ٠١:٥٤ ص
هيئة حماية "من" المستهلك

لميس ضيف

على سبيل الإنصاف، وبغض الطرف عن طول الإجراءات ورتابتها، وبوضع حقيقة أنها هيئة بلا أسنان بلا صلاحيات عقابية واضحة. إلا أن الجميع متفق أن هيئة حماية المستهلك هي من أنشط الجهات الحكومية وأكثرها فعالية في خدمة المواطنين. فلا يكاد يمر يوم إلا وتحل مشكلات وتُحسم ملفات تعاد بموجبها حقوق وتُرد بفضها مظالم. بعض تلك الملفات تجد طريقها للنشر على صدر صفحات الجرائد أما البعض الآخر فيتناقل على ألسنة الناس. ولو قُدر لتلك الهيئة أن تُمنح صلاحيات إضافية لردع الغشاشين والمتلاعبين بحقوق الناس لرأينا منها ما هو أكثر، بوجود النية الحقة لخدمة الناس والطاقم الوطني الذي يعلق حديثه صلى الله عليه وآلة وسلم "خير الناس أنفعهم للناس" في كل زاوية من زوايا الهيئة.
لكن هذا ليس بموضوعنا حقا، بل هو السؤال الذي يجب أن يسأل: إن كان للمستهلك هيئة تحميه من جشع التجار وترد له حقه. فمن للتاجر إن تم هضم حقه؟
هل تدركون كم المقاولين، وأصحاب الأعمال الصغيرة منها والكبيرة، الذين يعانون لاسترجاع حقوقهم من المدينين أو المتعاملين معهم؟
مثال للاستئناس: ينص القانون، والعُرف الذي جرت عليه العادة، أن يحتفظ صاحب البيت بـ10% من قيمة المقاولة العامة كضمان على المنزل يُسدد بعد حين معلوم للمقاول بعد التحقق من عدم وجود أخطاء في المشروع. هذا المبلغ، الذي لا يُستهان به، أصبح ساقطا من حسابات المقاولين بسبب تواتر هضمه من قبل الزبائن لأبسط الأسباب التي -قد- تكون أحيانا خارجة عن مسؤولية المقاول. وقس على ذلك حالات لا تعد لأصحاب أعمال بسيطة يحصلون على دفعات ولا يحصلون على أخرى. أو يماطل المدين فيها لأشهر.
قد يقول البعض: فليلجؤوا لحماية المستهلك هم أيضا؟
وهنا مربط الفرس. إذ لا تستقبل حماية المستهلك أصحاب السجلات التجارية لأنها -عمليا- غير معنية بهم. ويُحالون للنيابة العامة وللقضاء والكل يعرف أن ذاك درب لا يود الكثيرون عبوره. يعني إجراءات ومصاريف وجهداً لا يريد صاحب الحق بذله في الأغلب الأعم. وبعض أصحاب الحق رجال أعمال على الورق فقط ولكن مسؤولياتهم على الأرض تفوق قدراتهم. وبالتالي فقضم 100 ريال هناك و400 ريال هناك من أجورهم يعني في النهاية جرهم لشفير الإفلاس.
إن الدولة التي أوجدت هيئة ممدوحة كهيئة حماية المستهلك. لترد له أبسط حقوقه لو كان مصرا في ملاحقتها، قادرة على الخروج بقسم أو آلية توفر خدمة لتلك الفئة العريضة من المواطنين الذين يختصمون لأفراد، وأصحاب أعمال مثلهم أحيانا، إنما من أجل مبالغ محدودة. ويمكن تحديد سقف للمطالبات التي تتخذ من تلك الجهة حكماً. فمن لديه مطالبات بعشرات الآلاف لا مانع لديه في توكيل محام ومطاردة حقه سنينا. أما صغار التجار فيريدون حلولا أسرع وطرقا أقصر والله من وراء القصد.