«نوبل» تنتصر لضحايا الاسترقاق

الحدث الأحد ٠٧/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٤:٢٨ ص
«نوبل» تنتصر لضحايا الاسترقاق

بوكافو (الكونجو )-كمبريدج-ماساتشوستس-أوسلو- (رويترز)

فازت الناشطة الحقوقية العراقية نادية مراد التي تعرضت للاسترقاق من قبل تنظيم داعش والطبيب الكونجولي دنيس موكويجي الذي يساعد ضحايا العنف الجنسي في بلاده بجائزة نوبل للسلام لعام 2018 أمس الأول الجمعة. وكرمتهما اللجنة لما قالت إنه جهودهما في إنهاء استخدام العنف الجنسي كسلاح في الحرب.

وقالت لجنة نوبل النرويجية في مسوغات قرار منحهما الجائزة: «دنيس موكويجي... وهب حياته للدفاع عن هؤلاء الضحايا. ونادية مراد هي الشاهدة التي تروي الانتهاكات التي ارتكبت ضدها وضد أخريات».
وأضافت: «كل منهما ساعد بطريقته في إلقاء الضوء على العنف الجنسي وقت الحرب، وبالتالي فإن مرتكبيه يمكن محاسبتهم على أعمالهم».
ويرأس موكويجي مستشفى بانزي في مدينة بوكافو بشرق الكونجو الديمقراطية. ويستقبل المستشفى آلاف النساء كل عام تستدعي حالة كثير منهن التدخل الجراحي بسبب العنف الجنسي.

لكل النساء
وتدافع نادية مراد عن الأقلية اليزيدية في العراق واللاجئين وحقوق المرأة بشكل عام. وتعرضت للأسر من مسلحي تنظيم داعش في الموصل العام 2014. وقال دان سميث مدير معهد أبحاث السلام الدولي باستوكهولم: «الاغتصاب في الحرب جريمة ارتكبت على مدار قرون. لكنها كانت جريمة في الظلام. كل من الفائزين سلط الضوء عليها».

ومضى قائلا لرويترز: «إنجازاتهما استثنائية حقا في جذب الاهتمام الدولي إلى تلك الجريمة».
وأهدى موكويجي، الذي سبق أن فاز بجائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وجائزة سخاروف التي يمنحها البرلمان الأوروبي، جائزة نوبل لكل النساء المتضررات من العنف . وأجرى موكويجي عمليات جراحية لعشرات النساء بعد اغتصابهن من قبل مسلحين وشن حملة لتسليط الضوء على محنتهن. وهو يعالج أيضا ضحايا مرض الايدز ويقدم رعاية مجانية بعد الولادة للنساء.

تحت الخطر
ورغم أن الحرب الكونجولية الثانية التي قتل فيها أكثر من خمسة ملايين شخص انتهت رسميا في عام 2003 ما زال العنف متفشيا في البلاد وتستهدف الميليشيات المدنيين في كثير من الأحيان.

وتعرض المستشفى التي يديره موكويجي لتهديدات. وفي العام 2012 هاجم مسلحون منزله واحتجزوا بناته تحت تهديد السلاح وأطلقوا النار عليه وقتلوا حارسه.
وقبل هذا الهجوم بوقت قصير كان قد أدان في خطاب ألقاه أمام الأمم المتحدة الاغتصاب الجماعي في جمهورية الكونجو الديمقراطية كما استنكر أن تمر تلك الجرائم دون عقاب. وقال دان سميث مدير معهد أبحاث السلام الدولي باستوكهولم: «خاطر بحياته من أجل أن تنجو النساء من هذا الفعل الفظيع».
وكان موكويجي في غرفة العمليات عندما بلغه نبأ فوزه بنوبل. وفي وقت لاحق قال في مؤتمر صحفي في المستشفى إن الجائزة اعتراف مهم بالمحنة التي مرت بها الكثير من النساء.
وقال: «عزيزاتي الناجيات في أنحاء العالم.. أود أن أبلغكن أن العالم يستمع إليكن من خلال تلك الجائزة ويرفض تجاهل الأمر.. العالم يرفض الوقوف متفرجا على معاناتكن».
وقالت ويفيني موليكا عضو الحزب الحاكم في جمهورية الكونجو الديمقراطية إن موكويجي أكثر من مجرد طبيب. وأضافت «هو إنسان أخذ في اعتباره ألم النساء.. ألم الجسم وألم الروح. الجائزة تبعث رسالة قوية للجميع بشأن أولئك النسوة اللاتي يغتصبن كل يوم».

نجاة

قالت مراد إنها تشرفت بفوزها بجائزة نوبل للسلام.
وأضافت في بيان لرويترز: «أشارك هذه الجائزة مع كل لأقليات وكل الناجين من العنف الجنسي في جميع أنحاء العالم».
وتابعت قائلة: «بالنسبة لي أفكر في والدتي التي قتلها داعش».
كانت نادية مراد في الحادية والعشرين في العام 2014 عندما هاجم مسلحو داعش القرية التي نشأت فيها في شمال العراق. وقتل المتشددون من رفضوا اعتناق الإسلام ومن بينهم ستة من أشقائها ووالدتها.
وتعرضت نادية مراد ومعها كثير من الفتيات الأخريات في قريتها للسبي من قبل المتشددين الذين باعوهن رقيقا مرة تلو الأخرى ضمن تجارة الرقيق التي مارسها تنظيم داعش.
وفي النهاية هربت بمساعدة أسرة في الموصل التي كانت معقل داعش في العراق وصارت مدافعة حقوقية في مختلف أنحاء العالم.
وفي العام 2017 نشرت مذكراتها عن المحنة التي تعرضت لها وصدرت في كتاب بعنوان «الفتاة الأخيرة». وفي المذكرات كتبت التفاصيل المروعة للشهور التي قضتها في السبي وهروبها ورحلتها كناشطة. وكتبت تقول: «الأمر في مرحلة ما كان اغتصاباً ولا شيء آخر.. ذلك كان الشيء العادي في يومي».

انتهاكات موثقة

وكان هجوم المتشددين على مناطق الطائفة اليزيدية في شمال العراق جزءاً مما وصفته الأمم المتحدة بحملة إبادة جماعية شنها المتشددون على هذه الأقلية الدينية.
وهنأها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بفوزها بالجائزة. وقالت فيان دخيل عضو مجلس النواب العراقي وهي يزيدية إن الجائزة انتصار للخير والسلام على قوى الظلام. وفازت نادية مراد في السابق بجائزة سخاروف. وهي ثاني أصغر فتاة تفوز بجائزة نوبل للسلام بعد الباكستانية ملالة يوسفزاي. وجاء منح الجائزة بعد عام من تركيز الاهتمام على انتهاكات وإساءات ارتكبت ضد النساء في مختلف المجالات في كل العالم.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت حركة #مي-تو، وهي منتدى بارز للناشطات من أجل حقوق المرأة، كانت الإلهام وراء جائزة هذا العام قالت رئيسة لجنة نوبل بيريت رايس أندرسن «مي_تو وجرائم الحرب ليستا ببساطة نفس الشيء. لكن المشترك بينهما أنهما تكشفان معاناة النساء والانتهاكات بحقهن، وعلى ذلك من المهم أن تلقي النساء خلف ظهورهن بمفهوم العار وترفعن أصواتهن».
وسوف تسلم الجائزة في حفل يقام في أوسلو بالتزامن مع ذكرى وفاة رجل الصناعة السويدي ألفريد نوبل الذي أسس الجائزة في العام 1895.