عقد الإيجار عقبة ممارسة الأعمال!

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١١/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٤:٠٦ ص
عقد الإيجار عقبة ممارسة الأعمال!

علي بن راشد المطاعني
هناك الكثير من الإجراءات المعرقلة لبدء الأعمال في السلطنة وتحد من مزاولة الأنشطة التجارية، إلا أن عقد الإيجار يعد الأسوأ على الإطلاق فهو يتسبب في تكبد الراغبين في فتح أنشطة تجارية أو استثمارية خسائر قد تفضي للانسحاب من السوق نهائيا والاكتفاء من الغنيمة بالإياب.
والسبب هو ضرورة استئجار المحل أو المحلات، المكتب أو المكاتب، وقبل بدء ترخيص النشاط أو الحصول على الموافقة أو منح القوى العاملة وغيرها من التراخيص.
هناك أنشطة تحتاج لما يزيد على 50 ترخيصا يتطلبها النشاط قبل أن يُسمح له بالعمل، وقد تزيد فترات انتظار هذه التراخيص لسبعة أشهر أو أكثر وقد تصل إلى سنة كاملة، ففي أحوال كهذه فإنه أي المستثمر سيظل مستمرا في دفع قيمة الإيجار، فالمؤجر لا علاقة له بالطبع إن كان المستأجر بدأ نشاطه أم لا، ما يعرفه هو استلام قيمة الإيجار شهريا، وإلا فالمستأجر في نظر القانون قد أخل بشروط العقد، والمحصلة معروفة بالطبع، والأنكى أنه وفي نهاية المطاف إنه قد لا يحصل على التراخيص اللازمة، إذن فقد ضاع المال سدى وتحطمت آماله على صخرة عقود الإيجار.
لذلك يمكننا القول إن هذه النقطة الكأداء تعتبر العقبة الرئيسية أمام الكثيرين، وأمام ممارسة الأعمال بالبلاد يجب إيجاد حلول عملية من خلال الاستماع للمتضررين.
نخلص من ذلك إلى حقيقة أن التنسيق بين الجهات الحكومية مفقود لحد كبير في هذا الشأن وغيره للأسف، فكما أوضحنا أن ممارس النشاط قد يجد نفسه وحيدا ليواجه مصيره المحتوم يتعارك مع عدة جهات لكي ينتهي من إنهاء ترخيصه وقد يرجع بخفي حنين للأسف ما يؤدي إلى إغلاق محله، أو مكتبه ويندم انه فكر فقط في فتح نشاط.
فهذا واقع يجب أن نقبل به كمشكلة عويصة ناتجة عن فصل في النظر للمصلحة العامة من جانب، وممارسة العمل في الجهات الحكومية وتمنن الموظفين من جانب آخر، والواجب الذي يجب أن ينهض به الموظف، ومع ضعف تقييم الأداء طبعا، بل عدم السؤال للموظف لماذا تأخر في إنجاز المعاملة، وكل ذلك بالطبع ينعكس سلبا على مناخ الاستثمار الذي من المفترض أن يكون معتدلا طوال أشهر السنة، فاعتداله غدا مؤشرا مهما من مؤشرات التنافسية على مستوى العالم وتتسابق الدول في أن تجعله مناخا بديعا لا معتدلا فحسب.
إن عقود الإيجار التي أصبحت اليوم عائقا في وجه الاستثمار والمستثمرين وعائقا في وجه نمو الأسواق وانتعاشها من الممكن أن تؤخر إلى آخر مرحلة بعد الانتهاء من معظم التراخيص حتى لا تؤثر على ممارسة النشاط على هذا النحو المأساوي، وفي نهاية المطاف يؤثر على التنافسية.
بالطبع ما أوضحناه عن معضلة عقود الإيجار والتي يشترط أن تقدم في بداية النشاط لا يعني بأي حال من الأحوال أنها ليست مهمة، العكس هو الصحيح فهي تظهر وتؤكد على الجدية في ممارسة الأعمال ودليل على شرعية الشركات والمؤسسات والأفراد، وبالتالي لابد من تقديمها لتتضح الصورة النهائية بكل تفاصيلها والتي تعني أن الأعمال تمضي على قدم وساق لتحقيق أهدافها التجارية، عليه فإن أي صيغة أخرى مناسبة تخرج عقد الإيجار من خانة كونه (عقبة) إلى خانة كونه (مساهما) فعالا في العمل باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى، وكل الجهات المعنية يتعين أن تقدم التصورات التي تراها مناسبة في هذا الشأن.
نأمل أن تتكاتف جهودنا جميعا في أن نجعل ممارسة الأعمال أمرا ميسورا ومتاحا لكل القادرين عليه، وأن نسعى لإزالة كل العراقيل التي تحد من انطلاقة رواد الأعمال والتجار والمستثمرين، وعقد الإيجار هو المتهم الأول حتى الآن على الأقل، غير أننا نأمل أن نراه وقد ترجل عن تلك الخانة التي لا تشبهه ولا يشبهها فهو مستند يستحق الاحترام في مطلق الأحوال، لذلك لابد من أن يكون هناك سقف زمني محدد بجلاء للانتهاء من كل التراخيص.