هل خوفي مشروع.. أم فقدت عقلي؟

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١١/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٤:٠٧ ص
هل خوفي مشروع.. أم فقدت عقلي؟

لميس ضيف

في مايو 2010 دخل مبرمج يدعى لازلو هانيتش لمنتدى وعرض 10 آلاف بتكوين مقابل أن يشتري له أحدهم قطعتي بيتزا. في 2017 تجاوزت قيمة الـ10 آلاف التي دفعها مقابل تلك البيتزا 20 مليون و509 ألف دولار ما يجعلهما أغلى قطعتي بيتزا في تاريخ هذه البشرية.
حتى وقت قريب؛ كنت مقتنعة أن العملات الإلكترونية بوابة دجل واحتيال. خصوصا وأنها عملة معماة، لا يعرف تحديدا من هو ساتوشي ناكاموتو الذي أنشأها ويقال إنهم مجموعة وليسوا شخصا. مجموعة آمنت أن نظام الدفع العالمي لا يحتاج لبنوك مركزية ولا لبنوك أصلا ولا لحكومات. وهناك بوابة لإحداث ثورة في التداول النقدي كتلك التي أحدثها بيل غيتس في أساليب النشر. ورغم الحرب الخفية التي شُنت ضد تلك العملة انتزعت، بعد أقل من عشر سنوات على بدء التعامل معها، اعتراف دولة بحجم ألمانيا بها كعملة. وأصبح لها سعر صرف عالمي مقابل اليورو والدولار "بالمناسبة البتكوين الواحد يعادل 2519 ريالا عمانيا" . وأصبح له صراف آلي في دبي. وكانت القفزة الأكبر لتلك العملة عندما قبلت أمازون، أكبر سوق عالمي، بتلك العملة كوسيلة للدفع.
هذا هو شكل العالم اليوم. عالم رقمي افتراضي، عملاته بلا غطاء من الذهب والفضة، ولا يمكنك أن تلمسها بيديك. وقد تتحول لمليونير لو كنت تجيد فك الشفرات و"التعدين".
إلى ذلك؛ ينتظر المحامون الصغار في الولايات المتحدة مثلا مستقبل مظلم. فهناك برنامج حاسوبي أسمه "أي بي أم واتسون" يستطيع، في ثوان، أن يقدم لك مشورة قانونية دقيقة. وفي حين قد يخطئ المحامون أحيانا في استحضار القوانين أو يخفقون في إيجاد الثغرات. إلا أن هذا البرنامج الفذ يعطي استشارة دقيقة بنسبة 90%. وهو أعلى مما يمكن لأي محام عادي أن يقدمه!
في الصين استغنى فندق شهير عن عمال الاستقبال. واستبدلوهم بدمية جميلة، تتحدث لغتك، أيا كانت، تتبع حجزك وتعطيك بطاقة غرفتك وتودعك بابتسامة متمنية لك نوما هانئا! هذا هو المستقبل.. وهذا هو وجه العالم الجديد.
وهناك كابوس قادم يقض مضاجع أضخم مصانع السيارات في العالم. كابوس اسمه "تيسلا" سيارة تقود نفسها ذاتيا، تتعامل مع أصعب المواقف بأكثر الطرق فعالية، ما عليك إلا أن تستخدم هاتفك النقال لتحدد وجهتك. ثم تسترخي لتأخذك حيث تشاء. سيارة نظيفة بلا وقود ولا تكاليف خيالية. ومن المتوقع أن تفلس شركات السيارات التقليدية بعد أن تبدأ تيسلا عملها في 2020. فهذا هو المستقبل.. وهذا هو الوجه العصري للعالم.
ولأن برامج الكمبيوتر تنجح في التعرف على الوجوه بنسبة تفوق الإنسان بمراحل. من المتوقع أن يتم الاستغناء عن عدد لا متناه من الوظائف التي ستصبح ذكرى وستحل الآلة محل البشر.
رغم انبهاري، الذي يرقى للهوس بالسرعة الفنتازية التي يتطور بها العالم، إلا أنني قلقة من مصيرنا. فنحن العرب، في الوضع الحالي، نجد صعوبة في مواكبة هذا العصر. ولا زلنا لم ننه بعد نقاشاتنا الخاصة بالخلافة والوضوء وتعريف الخيط الأبيض الذي يبدأ الصيام برؤيته. نحنُ -الآن- خارج الزمن والتاريخ ومجرد مستهلكين لقشور الحضارة. فكيف سنعيش في العصر المقبل أخبروني. طمئنوني أين سنولي وجوهنا إن وجدوا عن النفط بديلا. خصوصا وأن شركات عملاقة مثل توتال وشيفرون وإكسون موبيل يمولون بالبلايين أبحاثا لإنتاج طاقة بديلة من خلال الرياح والطاقة النووية وطاقة المحيطات والايثانول والشمس طبعا!
إننا منشغلون بالرفاهية، وبحروب البسوس، والعالم يبني عالما جديدا لا أرى مكانا فيه لأمثالنا مهما تلفت.