«رجل العالم الحديدي»

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢١/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٢:٢٨ ص
«رجل العالم الحديدي»

أحمد المرشد

لم تكن مفاجأة للبحرينيين ما حققه سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة في مدينة كونا الأمريكية بحصوله على المركز الأول في بطولة العالم للرجل الحديدي، فالشاب يجسّد القدوة الحسنة لجميع شباب بلاده والعرب، وهو رمز لإرادة التغيير واستطاع التصدي لتحديات جسام في طريق حصد البطولة العالمية التي نافسه فيها أقوى الشباب من مختلف بلدان العالم، فأثبت قدراته الفائقة على مواجهة كل هؤلاء وتحديهم ليحقق الانتصار الكبير الذي يرفع علم البحرين عاليا خفاقا.

سباق كونا لم يكن سهلا، فهو عبارة عن مجموعة من التحديات الصعبة، ولكن وكما ذكرنا تحدى سمو الشيخ ناصر الصعب فهو صاحب خبرات متراكمة في كافة البطولات التي نافس فيها واكتسب منها الكثير، إلى أن نال لقب «رجل العالم الحديدي» وليكون «ناصر» هو الاسم الأشهر والأبرز في العالم ويستحق أن يردده جميع الحاضرين في المدينة الأمريكية وهم يحملون أعلام البحرين، فهو الذي حقق شعاره «الذهب_فقط» الذي أعلنه كمسمى للعام 2018 حيث لم يكن يتخيّل بل يتحدث عن واقع سيجعله حقيقة ثابتة. وعندما نقول إن سمو الشيخ ناصر اكتسب مهارات وخبرات عديدة جعلته الأول على العالم، فهذا لأنه أجرى تدريبات صعبة استعدادا لهذه البطولة العالمية. فالشاب ابن البحرين وقلبها النابض قد بعث الفرحة والحيوية في جموع شباب المملكة بل وكل شباب العرب الذين يفخرون به وبإنجازه العالمي كأول بطل عربي يحقق هذه البطولة في التاريخ، فهذا الإنجاز سيسجله تاريخنا البحريني والعربي بأسطر من نور كما أن فوزه يجعلنا نقول إنه سيدفع شباب البحرين إلى الذود عن اللقب وعدم التخلي عنه والمنافسة بقوة في كافة المحافل الرياضية العربية والآسيوية والعالمية.

لم يكن ابن البحرين البار بعيدا أبدا عن مهماته الرسمية، فممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، قد أصبح بطل العالم الأبرز والأشهر، ليكون القدوة المثلى للشباب، بعدما استحق التتويج بالمركز الأول، ولعل إنجازه هو امتداد لجهوده في الارتقاء بالحركة الرياضية المحلية ونقلها إلى مصاف العالمية ببطولاته المتواصلة، خاصة وأنه قد حقق للبحرين العديد من المكاسب على مستوى العالم وفي مشاركات متعددة مع تدشين عام الذهب. ولم يكن سموه مجرد شخصية عامة تقود الرياضة في البحرين وهو بعيد عن هذا المجال المهم مثلما يحدث في بلدان كثيرة يكون فيها المنصب شرفيا وليس تكليفا، فهو يمارس الرياضة فعليا ويمثل إنجازه الفريد مساهمة كبيرة ترتقي بالحركة الرياضية محليا ودوليا.
ومعنى أن يتوّج سمو الشيخ ناصر بلقب الرجل الحديدي أن المملكة تضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وأن اختيار قياداتنا لمن يشغلون المناصب العليا في البلاد تتم من لدن قائد حكيم يعي معنى القيادة وما هو المطلوب تحقيقه في هذا المجال، فأن يكون من يجلس على قمة الهرم الرياضي وراعي الرياضة في البلاد بطلا عالميا فهذا تتويج -قبل أن يكون اعترافا دوليا- لإنجازاتنا الرياضية على مستوى العالم وتكريم للعطاء على مستوى الرياضة المحلية وما بلغته من مستويات متقدمة في عهد سمو الشيخ ناصر.. والاعتراف هنا ذو معنى عظيم بإسهاماته في المجال الرياضي حتى باتت الرياضة البحرينية مضربا للأمثال لما وصلنا إليه من إنجازات محل افتخار كل بحريني وعربي.
ومعنى أن يكون سمو الشيخ ناصر -حفظه الله- عنوانا رئيسيا في جميع وسائل الإعلام الدولية ومحط أنظار العالم بإنجازه الكبير الذي يشكل رصيدا ضخما يشار له بالبنان.. إنه شرف كبير أن يحصد قائد الرياضة البحرينية هذا التتويج الضخم العظيم، بما يبرهن على النجاحات الكبيرة للرياضة في بلادنا ومما يؤكد أيضا أنه لا يدخر جهدا في سبيل تقديم الدعم والمساندة للرياضة والرياضيين ليؤسس قاعدة صلبة يمكن الاستناد عليها في المستقبل لتحقيق المزيد من الإنجازات والمكاسب التي كان آخرها التتويج ببطولة العالم للرجل الحديدي.
إن بطولة البطل الحديدي تبرهن لنا أهمية دور الشباب في إدارة وقيادة المجتمع، فهو القدوة للأجيال الحاضرة والقادمة ويعطي صورة ممتازة عن جيله وما حققه، فهو أدرك ضرورة التحدي وأثبت القدرة على مواجهته وكذلك الشجاعة الكافية لمنافسة بقية المشاركين.. وتؤكد الجائزة العالمية أن الشباب قادر على بناء وتنمية المجتمع لأنه عموده الفقري الذي لا يمكن الاستغناء عنه حيث يمثل القوة والحيوية والطاقة والقدرة على التحمّل، فطموحهم لا حد له وهم أساس التغيير والقوة القادرة على إحداث هذا التغيير والإبداع فيه.
لقد سطر سمو الشيخ ناصر اسمه واسم البحرين بحروف من ذهب في عام الذهب ليحقق رجل العالم الحديدي إنجازا تاريخيا نثق كل الثقة بأنه سيتضاعف مستقبلا حيث يُولي راعي الرياضة البحرينية جل اهتمامه ورعايته للنهوض بها وتطويرها، لتتبوأ المملكة مكانتها المرموقة التي تستحقها بفضل رجالها الأوفياء الذين نذروا حياتهم من أجل خدمة الرياضة والرياضيين، ورفع اسم المملكة خفاقا.
إنهم شباب البحرين الذين نذروا أنفسهم وحياتهم من أجل خدمتها ورفع اسمها عاليا خفاقا في المحافل الرياضية الدولية، شباب أصر على تحقيق الإنجازات بالعزيمة والإصرار والإرادة الصلبة والقوية، إيمانا منهم بقدرتهم على إعادة صياغة التاريخ واحتلال الموقع الذي تستحقه البحرين.
وإذا كان دور الشباب هو إعلاء اسم بلادهم، فقد وعد سمو الشيخ ناصر وأوفى بالوعد لتحتل المملكة مكانتها العالية في الخارطة الرياضية العالمية.. وإذا كان دور الشباب هو تحقيق المستحيل، فقد حققه الشاب ناصر الذي واصل رحلة العطاء والإنجازات التاريخية العالمية.. إنهم حقا شباب آمنوا بقدراتهم وثقتهم في المولى عز وجل.. شباب لا يعرف اليأس ولا يتسرب إلى قلوبهم ضعف بل يعملون وفق خطة إستراتيجية مدروسة بعناية شديدة ترسم ملامح المستقبل للنهوض بالرياضة.

كاتب ومحلل سياسي بحريني