تنويع القوى العاملة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٢/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٣:٤٧ ص
تنويع القوى العاملة

علي بن راشد المطاعني

القوى العاملة التي تسيطر على سوق العمل في السلطنة وهي معروفة بثلاث جاليات تشكل ما يربو من 85% من إجمالي القوى العاملة في السلطنة، دارت نقاشات حول ذلك وكيفية إعادة هيكلة القوى العاملة وتنويعها في سوق العمل وتأثيراتها على التركيبة السكانية والجوانب الثقافية والاجتماعية، وللحد من تزايد القوى العاملة من جنسيات معينة في السوق وخطورة ذلك على كل الأصعدة والمستويات.
هناك بعض الحلول التي يتطلب اتخاذها عبر رفع رسوم استقدام القوى العاملة التي عليها طلب في سوق العمل في السلطنة وفق نسب معينة، فإذا وصلت نسبة قوى عاملة إلى معدل محدد مسبقا ترفع رسوم استقدامها كوسيلة للحد من استقدامها، وباعتبار أن التركيز على جنسية بعينها له مخاطره الاقتصادية والحياتية والثقافية، ولابد من إيجاد توازن نوعي في السوق بما يسهم في إثراءه والحد من التكتلات التي يعتريها سوق العمل، فضلا عن أهمية تنوع الخبرات من بلدان العالم وأثره في إضفاء قيمة مضافة عالية لتجويد العمل و التنافس على تقديم الأفضل للمستهلك.
ففي الوقت الذي تمنح فيه الحكومة صاحب العمل أو المستقدم للقوى العاملة حرية اختيار جنسية القوى العاملة التي يرغبها ولا تفرض عليه تنويعها، لذلك نجد أن أغلب أرباب العمل تركز على شبه القارة الهندية للعديد من العوامل لعل من أهمها السهولة وتدني التكلفة وإلحاح أقرانهم بالسلطنة لاستقدام عوائلهم وأقربائهم وزملائهم كلها عوامل أسهمت في تزايد القوى العاملة من تلك الجنسيات المذكورة وبنسب كبيرة.
لا ننكر حقيقة أن عدم تنويع القوى العاملة في سوق العمل في السلطنة ألقى بظلاله القاتمة على الكثير من ميادين العمل أيضا، فالكل يعاني منها خاصة الشباب العُماني المقبلين على العمل الذين يجدون أنفسهم في مواجهة تكتلات صلبة من جنسيات محددة يصعب اختراقها وإيجاد مكان بينها، وهذا ما يمكننا أن نسميه باللوبيات في القطاع الخاص والتي يصعب الإحاطة بها إلا من خلال رفع رسوم استقدامها كحل يسهل تطبيقه.

لقد شهد السوق مؤخرا بعض انفراج في هذا الجانب من خلال وجود بعض الجنسيات من بلدان أخرى، أسهمت في تحسين جودة الخدمات على سبيل المثال دخول الأتراك في مجال المطاعم والفندقة أسهم في تنويع مذاقات الطعام وأنواعه وأشكاله وخياراته، وهو ما يجب المضي فيه بشكل ممنهج يسهم في إعادة رسم خارطة القوى العاملة في السلطنة انطلاقا من القاعدة الفقهية لا ضرر ولا ضرار.
بالطبع لا نستهدف قوى عاملة بعينها فكلها مرحب بها وتجد الرعاية والحقوق والعدالة الاجتماعية وبقدر قد لا تجده في بلدانها، إلا أن مصالح بلادنا وشبابنا وكوادرنا الوطنية تعلو ولا يُعلى عليها، ولا يمكن أن تتقدمها غايات أو أهداف أخرى تروم البقاء هنا استفادة من الطمأنينة والاستقرار الذي هو سمة مميزة للسلطنة وهذا من فضل الله علينا بطبيعة الحال، وهو فضل ونعمة توجب الشكر والعرفان لرب العالمين آناء الليل وأطراف النهار.
نأمل أن تدرس الأفكار التي طرحناها لمعالجة هذا الظاهرة بعناية وشفافية، ونحن على يقين من أنها ستسهم في استقرار سوق العمل وإيجاد تنافس إيجابي ونوعي سيسهم في إعادة صياغة منظومة سوق العمل بحيث يغدو أكثر تنوعا وثراء وجودة.