قصة منطقتين

الحدث الثلاثاء ٢٣/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٩:٤٠ ص
قصة منطقتين

عمّان - رويترز - وكالات

أعلن الأردن إنه لن يجدد ملحقي معاهدة السلام مع إسرائيل اللذين يسمحان لإسرائيل بتأجير منطقتين على الحدود بين البلدين لمدة 25 عاما لكن إسرائيل قالت إنها ما تزال تعتزم إجراء مفاوضات مع الأردن من أجل تمديد فترة التأجير. وتنتهي مدة التأجير العام المقبل.

ويستخدم مزارعون إسرائيليون معظم أراضي منطقة الباقورة الواقعة في الجزء الشمالي الغربي من الأردن وفي الغمر بجنوب المملكة وحصل بعضهم على ملكيات خاصة للأراضي وحقوق سفر خاصة بموجب معاهدة السلام الموقعة بين البلدين العام 1994.

السيادة الكاملة

ونقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن العاهل الأردني عبدالله الثاني قوله أمام عدد من كبار الساسة إن الأردن يريد ممارسة «السيادة الكاملة» على المنطقتين.
وقال الملك «الباقورة والغمر أراض أردنية وستبقى أردنية، ونحن نمارس سيادتنا بالكامل على أراضينا».
وأضاف: «أولوياتنا في مثل هذه الظروف الإقليمية الصعبة هي حماية مصالحنا وعمل كل ما يلزم من أجل الأردن والأردنيين».
وأقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد تصريحات الملك عبدالله بأن الأردن يريد تنفيذ خيار إنهاء التأجير المتاح أمامه.
لكنه أضاف أن إسرائيل «ستدخل مع (الأردن) في مفاوضات بشأن إمكانية تمديد الترتيب الحالي».

25 عاما

وذكر بيان لوزارة الخارجية الأردنية أن الملحقين نصا «على سريانهما لمدة 25 سنة منذ تاريخ دخول معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية حيز النفاذ وتجديدهما تلقائيا لمدد مماثلة ما لم يقم أي من الطرفين بإخطار الطرف الثاني بإنهاء العمل بالمحلقين قبل سنة من تاريخ التجديد». وقال مسؤولون إن المفاوضات بشأن «النظام الخاص» للمنطقتين ستكون صعبة مع الأردن الذي يواجه مسائل قانونية شائكة لاستعادة أراض تخضع حاليا لقوانين إسرائيلية.
والأردن أحد بلدين عربيين وقعا اتفاقي سلام مع إسرائيل. وثمة علاقات أمنية منذ فترة طويلة بين الأردن وإسرائيل.
وتوسعت العلاقات الاقتصادية بين الأردن وإسرائيل في العام الفائت إذ شملت توقيع اتفاق رئيسي لتصدير الغاز الإسرائيلي للمملكة بقيمة بلايين الدولارات عبر خط أنابيب يعبر حدودهما الشمالية.
لكن معاهدة السلام مع إسرائيل لا تحظى بشعبية في الأردن حيث يزيد التعاطف مع الفلسطينيين. وتحدث ناشطون وساسة علنا ضد تجديد محلقي المعاهدة بوصفه تأييدا «لاحتلال» إسرائيل لأراض أردنية.
كما توترت العلاقات بين الأردن وإسرائيل بسبب عملية السلام في الشرق الأوسط. وزاد من التوتر واقعة مقتل اثنين من المواطنين الأردنيين على يد حارس أمن إسرائيلي عند مجمع السفارة الإسرائيلية بعمّان العام الفائت.

1000 فدان

وبموجب ملحقي معاهدة السلام استأجرت إسرائيل نحو 1000 فدان من الأراضي الزراعية في القطاع الجنوبي من حدودها مع الأردن في صحراء وادي عربة.
وبموجب معاهدة السلام المبرمة العام 1994 يحتفظ الأردن بالسيادة على المنطقة بينما احتفظ الإسرائيليون بملكيات خاصة للأراضي وشروط خاصة تسمح لهم بحرية السفر.
وأصل القصة أن قريتي الباقورة (شمال الأردن من أراضي الأغوار الشمالية) والغمر (جنوب المملكة) -المحاذيتين للأراضي الفلسطينية المحتلة- هما من أراضي وادي عربة، وتعتبران من الأراضي الأردنية، لكنهما محتلتان من قبل إسرائيل.
وتنص ملاحق في اتفاقية وادي عربة على بقاء إسرائيل فيهما واستغلال أراضيهما لمدة 25 عاما، تنتهي الأسبوع المقبل.

موافقة

وبحسب عضو مجلس النواب الأردني سعود أبو محفوظ، فإن حكومة إمارة شرق الأردن وافقت العام 1928 على بيع قطعة أرض من أراضي الباقورة لصالح شركة كهرباء لإنارة مدن شمال فلسطين وعجلون الأردنية، فتم بيع ستة آلاف دونم من أراضي الباقورة بشرط ألا تنقل ملكية الأراضي للغير.
وعقب نكبة العام 1948 واحتلال ثلثي الأراضي الفلسطينية، يضيف أبو محفوظ للجزيرة نت أن جيش العدو احتل المنطقة العام 1950، وتمدد ليبتلع خليج أم الرشراش الأردنية في مدينة العقبة المطلة على البحر الأحمر، لإنشاء ميناء إيلات، حيث ترسو سفن الاحتلال حاليا في مياه أردنية خالصة.
ويتابع المتحدث أنه عقب نكسة 1967 واحتلال باقي الأراضي الفلسطينية والقدس، توسع الاحتلال خارج حدود الهدنة في وادي عربة بمساحة تبلغ نحو 387 كلم، ومنها منطقة الغمر المزروعة والمروية بمياه أردنية عذبة.

نظام خاص لهما

وبحسب المعاهدة الموقعة العام 1994، وضع الأردن منطقتي الباقورة والغمر تحت «نظام خاص» هاتين المنطقتين للطرف الآخر لمدة 25 عاما، ويحق لأي من الطرفين قبل انتهاء المدة بعام إبلاغ الطرف الآخر رغبته إنهاء الاتفاق حولها.
تنص المعاهدة في الملحق 1 (ب) على تطبيق نظام خاص على منطقة الباقورة في الأغوار الشمالية تعترف إسرائيل من خلاله بالسيادة الأردنية على هذه المنطقة، إلا أن ذلك متبوع بعبارة تقول إن المنطقة «فيها حقوق ملكية أراضٍ خاصة ومصالح مملوكة إسرائيلية (المتصرفون بالأرض)»، وبالتالي يتعهد الأردن وفقا للمعاهدة بأن «يمنح، دون استيفاء رسوم، حرية غير مقيدة للمتصرفين بالأرض وضيوفهم أو مستخدميهم، بالدخول إليها والخروج منها واستعمالها» و«ألا يطبق الأردن تشريعاته الجمركية أو المتعلقة بالهجرة على المتصرفين بالأرض أو ضيوفهم أو مستخدميهم الذين يعبرون من إسرائيل إلى المنطقة بهدف الوصول إلى الأرض لغرض الزراعة أو السياحة أو أي غرض آخر يتفق عليه»، و«أن يتخذ الأردن كافة الإجراءات الضرورية لحماية أي شخص يدخل المنطقة حسب هذا الملحق والحيلولة دون مضايقته أو إيذائه».
بالإضافة إلى هذا، يسمح الأردن «بدخول رجال الشرطة الإسرائيلية بلباسهم الرسمي، بالحد الأدنى من الشكليات، إلى المنطقة لغرض التحقيق في الجرائم أو معالجة الحوادث الأخرى المتعلقة حصرا بالمتصرفين بالأرض أو ضيوفهم أو مستخدميهم».

حقائق

الباقورة: هي قطعة أرض تبلغ مساحتها 820 دونما تقع شرقي نقطة التقاء نهر الأردن مع نهر اليرموك، داخل أراضي المملكة، احتلتها إسرائيل العام 1950، واستعادها الأردن من خلال اتفاقية السلام، وهي ضمن أراض كانت الحكومة الأردنية قد خصصتها العام 1928 لـ(شركة كهرباء فلسطين محدودة الضمان) مقابل دفع مبلغ مالي محدد، وهي شركة مسجّلة لدى إمارة شرق الأردن آنذاك/‏ نظارة العدليّة، من أجل إقامة (مشروع روتنبيرغ) لتوليد الكهرباء، وآلت ملكية الأرض فيما بعد لأشخاص حملوا الجنسية الإسرائيلية بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948.
الغمر: هي قطعة من الأرض تقع في منطقة وادي عربة في منتصف المسافة تقريباً بين جنوب البحر الميت وخليج العقبة، وتبلغ مساحتها 4235 دونم، احتلتها إسرائيل خلال الفترة 1968-1970، واستعادها الأردن بموجب معاهدة السلام، وهي أراض مملوكة لخزينة المملكة الأردنية الهاشمية.