وصفة الفساد..

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٣/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٩:٣١ ص
وصفة الفساد..

د. لمس ضيف

يُقال إن ابناً عَادَ والده الفاسد وهو يحتضر.. فقرر الأب أن يورّث ابنه علم الفساد الذي أوصله لما هو عليه اليوم من ثراء وسلطة لن يأخذ منهما شيئا معه لقبره. في نصيحة الأب قواعد وأصول تستحق الالتفات لها، أولها أن الفساد عمل جماعي، يحتاج لرهط يتضافرون عليه. لا تستطيع أن تكون ذئبا وحيدا في غابة الفساد، وإلا ستُنهش قبل أن تفترس أحدا.

أما القاعدة الثانية، وربما تكون الأهم، هي أن الفساد يحتاج أن يقف مع شخصيات «فوق القانون» ليستظل بظلهم الوارف. وحذّر الأب ابنه، أن تكون حصته من الغنائم يوما أكبر من حصة من يعلونه. أو أن يحاول أن «يتألق» أكثر منهم يوما.. فتلك هي نهايته التي لن يحسب لها حسابا.
ويتواصى الفاسدون دوما بالكرم. ويرددون بلا انقطاع المثل التي يقول «كول وطعمي» و«أطعم الفم تستحي العين» و«ما يخدم بخيل» وغيرها من الأمثال المأثورة التي أسست ثقافة مجتمع كامل على الفذلكة والنفاق والتسلق والمزاحمة غير الشريفة.
أحد أهم قواعد الفساد تقول: إن على الفاسد المحترف أن يكون قانونيا. فالسارق الصغير يُزج به في السجن ليتعفن خلف القضبان. أما السارق «المحترف» فيسافر على الدرجة الأولى ويُستقبل استقبال الفاتحين في البنوك.
الفاسد «المحترف» يحتاج لمن يلمّع صورته. لذا يحب رجال الإعلام إن كانوا فاسدي الذمم. ويدفع لشراء ودّهم بسخاء. كما يحب أن يسبق الناس في تقمّص المظاهر الدينية؛ لأن العوام ترتبك أمام من يُظهر الدين أو القرب من رجال الدين. ولا يعبأ الفاسد العتيد بمن يسمون أنفسهم مثقفين. ولا يطيلون الوقوف أمام آرائهم لأنهم أعداء أنفسهم. ولكنهم يكرهون أصحاب الفكر الحرّ. والأفكار النافذة. لأنهم يصورون الفساد على أنه مهلكة للمجتمع. ويدعون الناس للتمرّد عليه في كل فرصة.
إن الفساد ليس عملية عشوائية ولا يؤخذ بخفة. وعلى المتصديين له أن يفهمون أدواته وقوانينه إن كانت لديهم أي نية لكبحه أو اغتياله.

lameesdhaif@gmail.com