الحرب تحوّل منزلاً يمنياً إلى مدرسة لتلاميذ الحي

الحدث الخميس ٠١/نوفمبر/٢٠١٨ ٠٣:٣٧ ص
الحرب تحوّل منزلاً يمنياً إلى مدرسة لتلاميذ الحي

تعز - رويترز
عندما لم يعد بمقدور مُعلم يمني إرسال أبنائه إلى مدرستهم القريبة من خطوط القتال في الحرب بين أنصار الله والتحالف العربي في مدينة تعز حوّل الرجل بيته إلى مدرسة مؤقتة لمئات التلاميذ من حيّه والأحياء المجاورة بالمدينة. ويدرس بالبيت حاليا يوميا نحو 700 طالب.
ومدينة تعز التي تقع في جنوب غرب اليمن، وتخضع لسيطرة الحكومة الآن، في قلب الحرب المستعرة منذ ثلاث سنوات ومن بين أهداف الضربات الجوية التي وجهتها قوات التحالف مرارا لأهداف مدنية في إطار محاولاتها استهداف قوات أنصار الله والقوات المتحالفة معهم منذ العام 2015.
وأصبح من المتعذر تماما الوصول لكثير من المدارس، كما أصبح التعليم متوقفا بشكل شبه كامل.
ومن هنا أصر المُعلم عادل الشرجبي، الذي لم يتأثر بيته بالمعارك الشرسة، على التدخل.
وداخل المنزل، الذي تحت الإنشاء، لا تتوفر سوى مرافق أساسية مثل جدران الطوب وفتحات للنوافذ. وتستخدم ستائر ممزقة لتقسيم المساحة المخصصة للفصول الدراسية.
وقال عادل الشرجبي مؤسس مدرسة النهضة للتعليم الأساسي "أثناء وجود قوات أنصار الله أغلقت كل المدارس، كانت أمامنا مشكلة عيالنا بالشوارع، فتحنا المبنى كمبادرة مجتمعية، وهذا مبنى خاص بي، بيتي يعني، علشان أدرّس العيال عيالي وأدرس أبناء حارتي وأبناء حيي. كان واجبي الوطني والإنساني باتجاه أبناء حيي وحارتي".
وأضاف "جئنا بخمسمئة طالب فتحنا والنَّاس حضروا بكثرة، 500 طالب، كان فيه مشكلة وهي مشكلة الكادر الذي يدرّس، الذين حضروا فيما بعد الإعلان، أيضا حضرت مجموعة من المتطوعين، المعلمين المتطوعين".
ويحضر الشرجبي للمدرسة يوميا ويرأس الطابور الصباحي ثم يشرف على عملية صعبة للغاية كل يوم.
والمنهج الدراسي الذي يتبع في المدرسة هو نفس منهج الطلاب في المدارس الأخرى، لكن لا توجد كتب ولا أقلام ولا دفاتر ولا أي دعم، كله تطوع. فالكتب المستخدمة قديمة جُمعت من البيوت. ويتضمن المنهج مواد الرياضيات والعلوم واللغة الإنجليزية.
ويتولى مهمات التدريس في المدرسة 16 معلما يعملون تطوعا بدون مقابل باستثناء معلمتين فقط يعطيهما مؤسس المدرسة بدل مواصلات لأنهما تسكنان بعيدا.
وقال عادل الشرجبي "فيه معوقات أخرى الكتاب المدرسي والمنهج، المدرسة ناشئة من لا شيء، ما معناش منهج نوزعه للطلاب، فكان قدامنا الأهالي فطرحنا لهم وقلنا لهم الموضوع كذا كذا فكل واحد معه كتب ببيته متراكم من السنوات السابقة جابه".
وأوضحت معلمة في المدرسة، اشترطت عدم نشر اسمها، أن نسبة المشاركة كانت منخفضة للغاية عندما بدأت المدرسة العمل منذ ثلاث سنوات لكن مع استمرار تدهور حالة المدارس المجاورة، اجتذبت المدرسة مزيدا من الطلاب.
وقالت "أُغلقت المدارس، ضاعوا الطلاب بالشوارع، فتحنا، خلينا نعمل عمل خيري، فتحنا هذه المبادرة وكان الإقبال صغير (قليل). بالنسبة للسنوات الأولى. السنة هذه كان الإقبال كبير، 700 طالب، السنة الفائتة كان 500 طالب".
ومع زيادة الإقبال لم يعد بمقدور المدرسة استيعاب مزيد من الطلاب.
وقالت والدة طالب يدعى شهاب محمد هزاع "أجيت هنا عشان أسجل شهاب محمد هزاع بالمدرسة والمدير قال المدرسة مزدحمة، ما رضيش (رفض)"، لماذا لا تسجليه هنا أو هناك؟ "ما بوش (لا يوجد) هنا إلا مدارس أهلية وما لي قدرة عليها (على التكاليف)".
والخيار الآخر الوحيد في المدينة هو المدارس الخاصة، لكن رسوم الدراسة تصل إلى مئة ألف ريال يمني (400 دولار) للطالب في السنة الواحدة، مما يجعلها بعيدة عن متناول يد كثيرين في الدولة العربية الفقيرة.
وذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" هذا العام أن التعليم في اليمن أحدت ضحايا الحرب الدائرة في البلاد منذُ أكثر من ثلاث سنوات ونصف. وأضافت أن نحو 2500 مدرسة هدمت أو تعرضت لأضرار منذ بدء الحرب في اليمن العام 2015.
وعلى مدى السنوات الثلاث الفائتة وضعت الجماعات المسلحة المدارس خارج نطاق الخدمة من قبل جماعات مسلحة استخدمت أحيانًا مرافق المدارس قاعدة لها، وأيضاً من قبل عائلات يمنية نازحة فرت بسبب الحرب في جميع أنحاء البلاد.
وأفادت منظمة الأمم المتحدة أن حوالي مليون ونصف مليون طفل خارج المدرسة حتى منذ قبل الحرب، بسبب الصراع وضعف التنمية.