حرب شوارع

الحدث الثلاثاء ١٣/نوفمبر/٢٠١٨ ٠٣:٥٠ ص
حرب شوارع

الحديدة (اليمن) - وكالات

تحوّلت المعارك بين أنصار الله والقوات المتحالفة معهم والقوات الحكومية في الحديدة اليمنية إلى حرب شوارع بعد أن أوقعت مئات القتلى. وعلى خلفية ذلك دعت واشنطن التحالف العربي إلى «وقف القتال».

بعدما تمكنت القوات الموالية للحكومة اليمنية من دخول حي سكني شرق الحديدة، اندلعت حرب شوارع للمرة الأولى الأحد في خضم المعارك العنيفة مع أنصار الله والقوات المتحالفة معهم. وتضم هذه المدينة ميناء يشكّل شريان حياة لملايين السكان، في وقت دعت الولايات المتحدة إلى وقف الأعمال القتالية. كما أبدت منظمات إنسانية مرارا خشيتها من سقوط ضحايا مدنيّين في هجوم الحديدة.

وفي اتصال هاتفي مع وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأحد دعا وزير الخارجيّة الأمريكي مايك بومبيو إلى «وقف القتال» في اليمن وإلى أن «يأتي جميع الأطراف إلى الطاولة من أجل التفاوض على حل سياسي للنزاع»، بحسب ما قالت المتحدّثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت في بيان.
وأفادت مروة التي تسكن في جنوب المدينة عبر الهاتف لوكالة فرانس برس أنّ أصوات الاشتباكات والانفجارات لم تتوقّف طوال الليل، وقد تكثّفت منذ صباح الأحد. كما أوضحت مروة التي طلبت تغيير اسمها خوفا من الملاحقة «تمّ إسعاف ثلاثة من جيراننا خلال نهاية الأسبوع (الجمعة والسبت) بعدما أصيبوا بشظايا.
وأضافت «نحن متعبون جدا. الوضع غير آمن، ولم نعد نملك المال». وتابعت «هذه المرّة، لا يقدر أحد على المغادرة. لا نستطيع تحمّل تكاليف ذلك والوضع خطير جدًا».

الميناء مفتوح

وقال مسؤولون عسكريون في القوات الموالية للحكومة، إن هذه القوات عملت الأحد الفائت على «تطهير» المناطق السكنية التي دخلتها في شرق المدينة من أنصار الله. ويذكر أن هذه هي المرّة الأولى التي تندلع فيها معارك في حيّ سكني في مدينة الحديدة منذ بداية العملية العسكرية على ساحل البحر الأحمر.
ويقع حيّ 22 مايو السكني جنوب مستشفى «22 مايو»، الأكبر في المدينة والذي سيطرت عليه القوات الموالية للحكومة السبت، وشمال طريق سريع رئيسي يربط وسط المدينة الساحلية بالعاصمة صنعاء. وفي الحيّ سوقٌ كبير للخضار والفواكه تسعى القوات الحكومية إلى السيطرة عليه. كما أنّه يقع قرب حيّ آخر يُطلق عليه اسم «سبعة يوليو» ويمثّل معقل أنصار الله الرئيسي في المدينة.
وفي جنوب غرب المدينة، اشتدّت مساء الأحد الفائت المعارك مع سعي القوّات الحكوميّة إلى التقدّم على الطريق الساحلي شمالا نحو الميناء، حسب المسؤولين العسكريين.
ووفقا للمسؤولين، فإنّ أنصار الله يستخدمون القنّاصة ويعتمدون على الألغام والقصف المكثّف بقذائف الهاون لوقف تقدّم القوات المهاجمة. وقال سكان لوكالة فرانس برس إنّ أنصار الله يستخدمون أيضا المدفعية.

تقدم وتكتيك

في المقابل، تشنّ القوات الموالية للحكومة هجماتها بدعم من طائرات ومروحيات التحالف العسكري، خصوصا الإمارات، الشريك الرئيسي في قيادة التحالف والتي كانت جمعت في بداية العام ثلاث مجموعات عسكرية لمهاجمة الحديدة.
وصرّح ركن استطلاع اللواء الثاني عمالقة، اليمني، العقيد أحمد الجحيلي، أمس الاثنين، بأن القوات الحكومية اليمنية المدعومة من التحالف العسكري العربي حققت تقدماً جديداً في معارك مع مسلحي جماعة أنصار الله في مدينة الحديدة غرب اليمن.
ونقل موقع الجيش اليمني «26 سبتمبر»، عن العقيد اليمني قوله إن: «قوات الجيش تمكنت من اقتحام حي الربصة جنوب مدينة الحديدة، وتمكنت من السيطرة على مدرسة النجاح، وعدد من المباني المجاورة لها».
وأضاف الجحيلي أن «الجيش يخوض في حي الربصة معارك عنيفة مع مليشيا الحوثي الانقلابية تكبدت خلالها خسائر في العدد والعدة»، مؤكدا على «استمرار التقدم في عمق مدينة الحديدة».
وأكدت مصادر يمنية أن أنصار الله صدوا هجمات شنّتها القوات المدعومة من التحالف في الأحياء المجاورة لجامعة الحديدة.
‪ونفى عضو المجلس السياسي لأنصار الله محمد البخيتي أن تكون القوات اليمنية المدعومة من التحالف بقيادة السعودية والإمارات دخلت الحديدة
وقال البخيتي إن المعارك تدور حاليا خارج المدينة.
ويعتمد أنصار الله في المحور الشرقي للحديدة على تكتيك الدفاع، كما يتّبعون في المحور الجنوبي تكتيكات الهجوم وتشتيت القوات الحكومية ومحاولة قطع خطوط إمدادها.

دعم التحالف

وعبرَ ميناء الحديدة تمرّ غالبيّة المساعدات والمواد الغذائية التي يعتمد عليها ملايين السكان للبقاء على قيد الحياة في بلد يواجه نحو نصفه سكانه (27 مليون نسمة) خطر المجاعة، وفق الأمم المتحدة. لكن رغم الهجوم، لا يزال الميناء الخاضع لسيطرة أنصار الله يعمل «بشكل طبيعي»، بحسب نائب مديره يحيى شرف الدين.
يذكر أنه منذ 2014، تخضع مدينة الحديدة لسيطرة أنصار الله، وتحاول القوات الحكومية بدعم من التحالف العسكري استعادتها منذ يونيو الفائت بهدف السيطرة خصوصا على مينائها الإستراتيجي.
واشتدّت المواجهات في الحديدة في الأوّل من نوفمبر، ونجحت القوات الموالية للحكومة الخميس الفائت في اختراق دفاعات المتمرّدين والتوغل في شرق وجنوب المدينة المطلة على البحر الأحمر.
وقالت منسّقة عمليّات منظمة «سيف ذي تشيلدرن» في مدينة الحديدة مريم الدوغاني إنّ «القتال مستمرّ، والوضع صعب جدًا. هناك خوف كبير بين السكان».
وقُتل في هذه المعارك 443 مقاتلاً من الطرفين غالبيتهم من أنصار الله، بينهم 43 من أنصار الله و18 جنديًا في القوات الموالية للحكومة لقوا مصرعهم في الساعات الـ24 الأخيرة، بحسب مصادر طبية وعسكرية.

أسوأ كارثة

ويشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويحتاج 22 مليون شخص، أي 75 % من السكان، إلى شكل من أشكال المساعدة والحماية الإنسانية، بما في ذلك 8.4 مليون شخص لا يعرفون من أين يحصلون على وجبتهم التالية، كما قُتل أو جُرح ما يزيد عن 28 ألف يمني منذ العام 2015.
ووثقت الأمم المتحدة 9500 حالة وفاة مدنية، وتقول إن غالبية الضحايا المدنيين ناتجة عن الضربات الجوية.