السكري.. ودور الأسرة

مزاج الثلاثاء ١٣/نوفمبر/٢٠١٨ ٠٣:٤٤ ص
السكري.. ودور الأسرة

خاص -

يصنّف داء السكري كأحد أكثر الأمراض المزمنة وغير المعدية انتشارا في عصرنا الحالي، ويقدّر عدد المصابين بالمرض حوالي أكثر من 420 مليون شخص على مستوى العالم حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية. وهو من الأمراض المزمنة والتي يصاحبها العديد من المضاعفات الصحية كالفشل الكلوي واعتلال الشبكية وأمراض الأوعية الدموية والشرايين والقلب وغيرها من المشاكل الصحية الخطيرة. ويعتبر علاج السكري أحد أكثر التحديات التي تواجه الأنظمة الصحية في جميع دول العالم؛ لما يصاحب المرض نفسه من مضاعفات وتبعات صحية واجتماعية واقتصادية جمّة وخطيرة والتي تلقي بظلالها على الأنظمة الصحية في البلدان التي تشهد انتشارا كبيرا للمرض. ولقد أسهم التطور في مجال الطب والعقاقير في ابتكار الكثير من طرق العلاج الفعّالة والتي كان لها إسهام فاعل في الحد من مضاعفات مرض السكري وتحسين مستوى جودة حياة المرضى ورفع مستوى مساهمتهم وإنتاجيتهم في المجتمع.

الأسرة ومساعدة المريض

إلا أن الحد من المرض نفسه أو من مضاعفاته لا يعتمد على نوعية الأدوية الحديثة المستخدمة في العلاج وحسب وإنما يتخطى الأمر إلى أبعد من ذلك. فهناك عوامل أخرى ذات أهمية قصوى والتي تلعب دورا محوريا وتؤثر بشكل أو بآخر في نسبة التحكم بمرض السكري ونذكر منها النظام الغذائي السليم والنشاط البدني المنتظم ومستوى الرعاية والعناية الأسرية والاجتماعية للمريض.
وتجدر الإشارة إلى أن لأسرة المريض دورا كبيرا في مساعدة المريض على تجاوز الكثير من تلكم التحديات والمساهمة استقرر وضعه الصحي.
يصادف يوم غد الأربعاء 14 نوفمبر اليوم العالمي للسكري وعليه يبدو مهما أن نلقي الضوء على موضوع غاية بالأهمية يتعلق بالمرضى وهو الدور البارز الذي تلعبه الأسرة وما يمكنها فعله لمساعدة مريض السكري في فهم مشكلته الصحية والأضرار المترتبة عليها والتي قد يكون في بعض الأحيان يصعب على المريض نفسه فهمها إن كان كبيرا في السن أو طفلا.
كما تستطيع الأسرة لعب دور أساسي في مساعدة مريض السكري على الاستمرار والانتظام في متابعته الدورية لدى الطبيب المختص في مؤسسات الرعاية الصحية وتسهيل تنقله من المنزل للمؤسسة الصحية لتلقي الرعاية المطلوبة والذي وبلا شك سيكون له مردود إيجابي على صحة المريض واستقرار حالته.
وللأسرة دور مهم في متابعة أخذ المريض لأدويته بانتظام وخصوصا إن كان ممن لا يدركون ماهية وأنواع الأدوية ومسمياتها العلمية وكمية الجرعات الواجب تناولها.

العلاج الذاتي

ولا بد أن نشير إلى نقطة مهمة والتي تمس صحة المريض أيضا وللأسرة دور رئيسي فيها وهي معرفة أفراد الأسرة لأعراض هبوط أو ارتفاع نسبة السكر في الدم والتي قد تشكّل خطرا يداهم حياة المريض في كثير من الأحيان التي لم يُحسن المريض أو من يحيط به التعرّف عليها للإسهام في إنقاذ حياة المريض.
وننبّه بأن لأسرة المريض المصاب بداء السكري مساهمة كبيرة في ضبط مستوى السكر لديه من خلال القيام بالفحص المنزلي المنتظم والأخذ بنصيحة الطبيب المعالج في عملية ضبط نسبة وجرعات الأدوية وخصوصا الأنسولين والذي يطلق عليه اصطلاحا بمفهوم العلاج الذاتي للمريض دون الحاجة للرجوع للطبيب في كل مرة إلا في حالات الطوارئ أو من أجل المتابعة الدورية. وبما أن المريض هو فرد من أفراد الأسرة ويعيش في نفس بيئة الأسرة ويشاركهم في نوعية الطعام على موائدهم فكان لا بد للأسرة من مراعاة نوعية الحمية الغذائية الواجب على مريض السكري اتباعها والتي تعتبر ركيزة أساسية في نظام العلاج العام للمريض، وهذا بدوره يساهم بشكـل كبير في الخروج بنتائج جـيـدة عـلـى مـستــوى التحكم بالمرض والتقليل من تبعاته ومخاطره.

دور معنوي ونفسي

ولأسرة المريض المصاب بالسكري دور كبير على المستوى المعنوي والنفسي، إذ يساهم فهم الأسرة لطبيعة المرض وطرق علاجه في ترك أثر كبير في إقناع المريض واقتناعه بالمرض، والفائدة المرجوة من المتابعة الطبية المنتظمة وأهمية اتباع النصائح الطبية والحمية الغذائية السليمة والنشاط البدني المطلوب. ويمكن للأسرة الإسهام بشكل فاعل في دحض الكثير من الشائعات والتي تحوم حول المرض وطرق علاجه بين أفراد المجتمع لاسيما استخدام إبر الأنسولين والتي تكون سببا من أسباب رفض العديد من المرضى استخدام الأدوية الطبية المعرفة.
من هنا يتضح لنا أهمية أن تتفهّم الأسرة لطبيعة التحديات التي يواجهها المريض المصاب بالسكري، والدور الكبير الذي تلعبه الخطة العلاجية الصحيحة والمبنية على الأسس العلمية والبراهين الطبية.

إعداد: د.رياض بن مبارك السيابي

رئيس قسم الأمراض غير المعدية
المديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة مسقط