ترامب: توقفوا وادفعوا

الحدث الخميس ١٥/نوفمبر/٢٠١٨ ٠٣:٥٩ ص
ترامب: توقفوا وادفعوا

واشنطن - باريس - وكالات

شنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجوما عنيفا على حليفه الفرنسي منتقدا مرة جديدة اقتراح إيمانويل ماكرون إنشاء جيش أوروبي وهامش شعبية الرئيس الفرنسي وذلك بعد يومين من عودته من باريس حيث شارك في احتفالات الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى.
وفي سلسلة من التغريدات الهجومية على تويتر انتقد ترامب دعم ماكرون لإنشاء جيش أوروبي، وجدد اتهامه حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين بأنهم لا ينفقون ما يكفي على الدفاع.
وقال "إيمانويل ماكرون يقترح إنشاء جيش خاص لحماية أوروبا من الولايات المتحدة والصين وروسيا. لكن الأمر كان يتعلق بألمانيا في الحربين العالميتين الأولى والثانية. كيف كان ذلك بالنسبة لفرنسا؟".
وأضاف "لقد بدأوا بتعلم الألمانية في باريس قبل أن تصل الولايات المتحدة" مشيرا كما يبدو إلى الاحتلال الألماني خلال الحرب العالمية الثانية. ودعا إلى تسديد المدفوعات لحلف شمال الأطلسي.
وجاء هذا الهجوم على الحليف التقليدي للولايات المتحدة، بعد يومين من انضمام ترامب إلى عشرات القادة العالميين في باريس للاحتفال بمرور مئة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى.

انتقاد شعبيته
وبعد انتقاد ماكرون بشأن الدفاع، انتقل ترامب إلى انتقاد شعبيته وقال في تغريدة أخرى "المشكلة هي أن إيمانويل ماكرون يعاني من هامش شعبية ضعيف جدا في فرنسا، 26% ومعدل باحثين عن عمل يقارب الـ10%".
وأضاف "إنه يحاول أن ينتقل إلى موضوع آخر" في إشارة إلى حديث ماكرون عن الجيش الأوروبي. وتابع: "بالمناسبة لا يوجد بلد قومي أكثر من فرنسا، فهم شعب يعتز بنفسه، ويحق له ذلك".
وفي تغريدة أخرى كتب ترامب "اجعل فرنسا عظيمة مجددا" مستعيدا شعاره الشهير خلال حملته الانتخابية "فلنجعل أمريكا عظيمة مجددا".
وانتقد ترامب ما وصفه بالرسوم الحمائية على النبيذ الفرنسي وقال إنها "ليست عادلة ويجب أن تتغيّر".
ورفضت الرئاسة الفرنسية الثلاثاء التعليق على الفور على سلسلة تغريدات ترامب. إلا أن مستشارا للرئيس الفرنسي قال إن هذه التغريدات موجهة للأمريكيين.
وأضاف أن التغريدات "كتبت للأمريكيين وإلا لما كتبت بالإنجليزية.. وليس من شأننا التعليق على محتوى موجه لمواطنيه" مضيفا أن العلاقات بين ماكرون وترامب "لم تكن دائما سهلة، ولكنها مستمرة".

موت "المودة"
في الأيام الأولى من رئاستهما بدا كأن ترامب وماكرون يتقاسمان علاقة خاصة تتميز بـ"المودة". حتى أن الرئيس الأمريكي أزال بعضا من قشرة الرأس عن سترة ماكرون على التلفزيون العام خلال زيارة الرئيس الفرنسي الرسمية للعاصمة الأمريكية، وقال "يجب أن نجعله كاملا. إنه كامل".
إلا أن هذه العلاقة تدهورت بعد أن أغضب ماكرون ترامب بقوله إن أوروبا تحتاج إلى جيشها الخاص وإدراجه الولايات المتحدة من بين الدول التي تشكّل تهديدا على أمن المعلوماتية الأوروبية إلى جانب روسيا والصين.
وبدأ ترامب زيارته لباريس بلهجة هجومية إذ كتب على تويتر بعد وصوله أن دعوة ماكرون إلى إنشاء "جيش أوروبي حقيقي" هي "مهينة".
وفي مقابلة سجلت مع شبكة "سي إن إن" عقب محادثات مع ترامب، قال ماكرون أن الزعيمين تحدّثا عمّا قال مكتبه إنه سوء فهم.
وأضاف ماكرون أن الزعيمين اتفقا على أنه يجب أن يكون هناك "تقاسم أفضل للعبء في حلف شمال الأطلسي" بما يعني أن على أوروبا أن تكون أقل اعتماداً على الإنفاق الأمريكي على الدفاع.
إلا أن ماكرون قال لسي إن إن "أريد أن أكون صريحا جدا، ما لا أريد أن أراه هو زيادة الدول الأوروبية لميزانياتها الدفاعية من أجل شراء أسلحة أمريكية أو مواد أخرى تأتي من صناعتكم".
وطبع رحلة الرئيس إلى فرنسا كذلك الجدل بشأن إلغاء زيارة ترامب لمقبرة الجنود الأمريكيين الذين قُتلوا في الحرب العالمية الأولى بسبب الأمطار التي أعاقت مروحيّته، وهو القرار الذي لقي انتقادات واسعة.
ودافع ترامب عن نفسه وقال في تغريدة "لقد اقترحت السفر بالسيارة، ولكن جهاز الخدمة السرية رفض"، مشيرا إلى أنه ألقى خطاباً في اليوم التالي في مقبرة أمريكية أخرى في ضواحي باريس "تحت الأمطار الغزيرة".

ونصيب لتيريزا
ووجّه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، انتقادات لاذعة لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، خلال محادثة هاتفية على متن الطائرة الرئاسية المتوجهة إلى العاصمة الفرنسية باريس.
وبحسب الصحيفة الأمريكية "واشنطن بوست"، اتصلت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بالرئيس الأمريكي ترامب خلال وجوده على متن الطائرة الرئاسية المتوجهة إلى باريس، وهنّأته بنتائج الانتخابات الأمريكية، لكن ترامب انهال عليها بالانتقادات اللاذعة.
واعتبر ترامب أن بريطانيا لا تبذل قصارى جهدها لاحتواء إيران. كما وجّه ترامب تساؤلات حول مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي واشتكى لها بشأن الاتفاقيات التجارية غير العادلة مع الدول الأوروبية.
وأشارت الصحيفة الأمريكية نقلا عن مسؤول أمريكي مقرّب كان على متن الطائرة الرئاسية، إلى أن اتصال تيريزا ماي جاء في الوقت غير المناسب لأن ترامب كان منزعجا من رحلة باريس، وكان يفكّر ببعض التغييرات في الإدارة الأمريكية.

ميركل تؤيد
ودعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى إنشاء جيش أوروبي متكامل، وذلك بعد أسبوع من إطلاق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدعوة نفسها.
وقالت ميركل في كلمة أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورج أمس الأول الثلاثاء "ينبغي أن نضع رؤية تجعلنا ننشئ جيشا أوروبيا حقيقيا يوما ما"، مذكرة بدروس الحرب العالمية الأولى والانقسامات التي أدّت إلى ذلك الصراع.
وأوضحت ميركل أن هذا الجيش الأوروبي المقترح "ليس جيشا ضد حلف شمال الأطلسي (ناتو)"، مضيفة "يمكن أن يكون مكملا جيدا لحلف شمال الأطلسي، لا أحد يريد التشكيك في العلاقات التقليدية".
وأشارت المستشارة الألمانية أيضا إلى أنها اقترحت "إنشاء مجلس أمن أوروبي يمكن من خلاله اتخاذ قرارات مهمة بشكل أسرع".
وتعكس الدعوة إلى جيش أوروبي اتجاها عاما في التفكير داخل الاتحاد الأوروبي، لكنها ليست مقبولة من الجميع.

إضعاف الناتو
وفي واشنطن أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر ناويرت، أن الولايات المتحدة تعارض أي عمل يمكن أن يؤدي إلى إضعاف الناتو.
وقالت ناويرت في تعليقها على اقتراح إنشاء جيش دفاع خاص بالاتحاد الأوروبي: "نحن نعتقد أن كل ما يتم فعله يجب ألا يتم بمعزل عن أعمال الناتو. حلف الناتو منظمة موثوقة تدعمها الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى لسنوات عديدة. لذلك، لا نريد إضعاف حلف الناتو".