أحلام على الحدود

الحدث الاثنين ١٩/نوفمبر/٢٠١٨ ٠٥:٠٢ ص
أحلام على الحدود

واشنطن - تيخوانا (المكسيك) - وكالات

بعد اجتيازهم 4300 كيلومتر بعضهم عبرها سيرا على الأقدام يواصل آلاف المهاجرين القادمين من أمريكا الوسطى في اتجاه الولايات المتحدة التجمع في تيخوانا بشمال غرب المكسيك على الحدود الأمريكية. وبدأ هؤلاء المهاجرين بالشعور بالإحباط عند اكتشاف مدى صعوبة تحقيق حلمهم بدخول الأراضي الأمريكية.
وسط إحساس متزايد بالإحباط إزاء الاحتمال الضئيل بدخولهم الولايات المتحدة، يستمر المهاجرون في القافلة التي عبرت أمريكا الوسطى متوجهة إلى الولايات المتحدة، التجمّع الجمعة في تيخوانا بشمال غرب المكسيك على الحدود الأمريكية، فيما يطالب رئيس بلدية المدينة بترحيلهم.
وبعد ظهر الجمعة وقف المهاجرون في طوابير في معبر "ال تشابارال" الحدودي لتسجيل أسمائهم على لائحة طالبي اللجوء. وكانت اللائحة تضمّ في الأصل 1400 اسم معظمهم مسجّلون قبل وصول القافلة.
فبعد أن تمكنوا من اجتياز نحو 4300 كيلومتر سيراً على الأقدام أو على متن شاحنات أو حافلات، بدأ مهاجرو هذه القافلة اكتشاف مدى صعوبة تحقيق حلمهم بدخول الأراضي الأمريكية. فالسلطات الأمريكية لم تتمكن الجمعة من معالجة إلا ثلاثين حالة من بين طلبات اللجوء الكثيرة التي لديها.

استقبال محدود
وقال متطوّع في المعهد الوطني للهجرة كان يسجّل أسماء المهاجرين إن السلطات تستقبل بشكل عام بين "30 و90 مهاجراً يومياً". وأضاف أن معالجة ملفات كل مهاجري القافلة "تتطلّب أشهراً"، فيما أعرب عثمان بويسو وهو من هندوراس يبلغ 28 عاماً كان من بين أوّل الواصلين من القافلة إلى هذه المدينة، عن شعوره بالإحباط. "لم أقم بكل هذا ليكون من دون جدوى. سرت 35 يوماً من أجل الوصول إلى الحدود".
وأكد "إننا لا نشعر بالخوف. نحن مستعدون للموت إذا لزم الأمر. عندما تعيشون في الفقر والعنف، من الأفضل الموت بدلاً من العيش (...) لا أعتقد أن (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب يمكن أن يقف في وجه آلاف الأشخاص" في إشارة إلى التدابير التي أمر بها ترامب لمنع المهاجرين من دخول بشكل غير قانوني إلى الأراضي الأمريكية.
ووفق السلطات، بات أكثر من 3200 مهاجر من القافلة في تيخوانا ويُفترض وصول حوالي ألفي مهاجر آخر في الأيام المقبلة.
في المجمل، هناك ثمانية آلاف في الوقت الحالي في المكسيك يريدون الوصول إلى الولايات المتحدة وهم منقسمون إلى قوافل عدة وقد تفرق معظمهم أثناء رحلتهم.

مخاوف المكسيكيين
وصرّح وزير الداخلية المكسيكي ألفونسو نافاريتي بريدا الخميس أن فرص الدخول إلى الولايات المتحدة "معدومة عملياً" مشيراً إلى "الخطاب العدائي العلني" الذي تعتمده الإدارة الأمريكية تجاه المهاجرين.
وحذّر الوزير من أن "هناك خطراً هائلاً إزاء حصول حوادث على الحدود" مؤكداً أن السلطات المكسيكية ستحاول منع هؤلاء المهاجرين من دخول الولايات المتحدة عنوة.
ونشر الرئيس دونالد ترامب ستة آلاف جندي لتجنّب أي تسلل للمهاجرين إلى الأراضي الأمريكية.
كما وقّع مرسوماً يسمح برفض تلقائي لطلبات اللجوء التي يقدّمها مهاجرون عبروا الحدود مع المكسيك بشكل غير قانوني والذين سيتمّ ترحيلهم بشكل تلقائي أيضاً.
وخلال السنوات الخمس الأخيرة، ارتفع عدد طالبي اللجوء بنسبة ألفين بالمئة على طول الحدود في حين يتمّ قبول أقلّ من 10 بالمئة منها، بحسب الإدارة الأمريكية.

"قطعان" من المهاجرين
في تيخوانا، استُقبل المهاجرون بالعداء من جانب السكان ورئيس المدينة الذي طلب ترحيلهم. وقال رئيس البلدية خوان مانويل جاستيلوم من حزب الفعل الوطني المحافظ إن "تيخوانا هي مدينة المهاجرين إلا أننا لا نريدهم بهذه الطريقة. كان الأمر مختلفاً مع الهايتيين (الذين وصلوا في العام 2016) كانت لديهم أوراق، كانوا منظّمين، لم يكونوا قطعانا".
وتظاهر 300 شخص من سكان المدينة مساء الأربعاء احتجاجاً على وجود هؤلاء المهاجرين قرب شاطئ تيخوانا، مرددين النشيد الوطني المكسيكي. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي دُعي السكان للمشاركة في تظاهرة ضد المهاجرين الأحد وتم إنشاء عدة صفحات على موقع "فيس بوك" مناهضة للمهاجرين.
ومع ذلك هيأت السلطات المحلية مركزا رياضيا لهؤلاء المهاجرين حيث تم إيواء ألفين منهم على الأقل بينهم 400 طفل. وتوزّع مئات الآخرين في ملاجئ أخرى في المدينة.

رحلة طويلة
وكانت قافلة المهاجرين ومعظمهم من هندوراس، انطلقت من مدينة سان بدرو سولا في هندوراس في 13 أكتوبر هرباً من العنف والفقر.
وأشارت الحكومة المكسيكية الجمعة إلى أنها تلقت 2697 طلب لجوء منذ دخول هذه القافلة.
واستفاد أكثر من 500 منهم من برنامج "أنت في بيتك" الذي أطلقه الرئيس المكسيكي لتوفير عمل مؤقت لهم وعلاج وتعليم لأبنائهم.
ودافع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجددا السبت عن قراره إرسال آلاف الجنود إلى الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك الذي أثار انتقادات شديدة، مؤكدا أنهم سيبقون هناك "طالما لزم الأمر".
وقال من البيت الأبيض قبل مغادرته إلى كاليفورنيا "لدينا قوات عسكرية كبيرة على الحدود الجنوبية، هناك الكثير من الأشخاص الذين يحاولون دخول بلادنا".
وأضاف أن الجنود "أقاموا سياجا منيعا جدا".
وتقوم مهمة حوالي 5900 جندي أمريكي نُشروا على طول الحدود على مساعدة حرس الحدود، لكن عدة أطراف انتقدت الكلفة العالية لهذه العملية وتساءلت عن جدواها.
وكان ترامب أعلن عن هذا الانتشار خلال حملة انتخابات منتصف الولاية في 6 نوفمبر بهدف التصدي لوصول "قوافل" مهاجرين انطلقت من أمريكا الوسطى على أمل تقديم طلب لجوء إلى الولايات المتحدة.
وإلى جانب هؤلاء الجنود الـ5900 هناك حوالي 2100 من احتياطي الحرس الوطني نُشروا على الحدود سابقا، ما يرفع الوجود العسكري في تلك المنطقة إلى نحو ثمانية آلاف عنصر.

بناء الجدار
وتواصل الولايات المتحدة، بناء الجدار الحدودي مع المكسيك الذي تعهّد به الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية، لوقف الهجرة غير المشروعة، التي يعتبرها خطرا أمنيا، وكذلك لمنع عبور قافلة المهاجرين من الدخول للولايات المتحدة.
ويغطي الجزء الجديد 4 أميال (6 كيلومترات) من حدود الولايات المتحدة مع المكسيك التي يبلغ طولها 2.000 ميل، كما أنه سيحل مكان سياج موجود بين ايل باسو في تكساس وسيوداد خواريز في المكسيك.
وكانت قوة حماية الحدود الأمريكية قد أعلنت في أبريل الفائت، عن بدء أعمال البناء في جدار يمتد على طول 20 ميلا ليحل مكان سياج حدودي في منطقة سانتا تيريزا في نيو مكسيكو.
وتوجد سياجات، أو عوائق أخرى على معظم الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. لكن ترامب أمر ببناء "عوائق مادية ملاصقة لا يمكن عبورها" يقول العلماء إنها في حال بنائها تهدد نحو 1.000 نوع من الحيوانات في المنطقة.