هذه الشفافية وتلك التحديات!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٥/ديسمبر/٢٠١٨ ٠٤:١٠ ص
هذه الشفافية وتلك التحديات!

علي بن راشد المطاعني

الكل يطالب بالشفافية كمنهاج عمل وديدن حياة، والكل يطالب المسؤولين بالصراحة والوضوح وقول الحقيقة كاملة بعيدا عن أنصاف الحلول، وأن عليهم أن يحدثونا عن التحديات التي تواجهنا في كل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية لنكون على بينة من أمرنا ولنسعى لإجراء الدراسات والبحوث لمواجهة تلك العثرات والعقبات المستقبلية، فكل دول العالم المتحضرة تفعل هذا باعتباره النهج العلمي الذي ينبغي أن يُتبع.

غير أن الواقع يبدو بخلاف ذلك للأسف، فعندما يصارح المسؤول الرأي العام بالواقع بغض النظر عما إذا كان حلوا أو مرا، يواجَه بما لا يحمد عقباه من نعوت غير لائقة وكلمات جارحة وأوصاف يعف اللسان عن ذكرها.

نقول ما نقول بعد حديث وكيل وزارة النفط والغاز الذي اتسم بشفافية ناصعة، وعبر عن التحديات التي سنواجهها بشأن توفير الغاز بعد 15 عاما من الآن. البعض لم يعط نفسه وقتا ليتعمق في مدلولات التصريح ولا مراميه ولا أهدافه الإيجابية بل انطلق من العنوان فقط اتساقا مع {ولا تقربوا الصلاة..} لم يتكرموا ببذل جهد لفهم مضمون التصريح الذي يشير أن علينا البحث عن البدائل، وفي هذا الوقت الكافي بدلا من أن نواجه الواقع المباغت، وقتها ستغدو الخسائر فادحة، هنا نسأل أين الخطأ في تصريح سعادته، أليست تلك هي الشفافية المطلوبة، وإذا ما تم الالتزام بها لماذا الغضب إذن؟!

ثم إننا لا ندري هل الذين ثاروا وغضبوا في وسائل التواصل الاجتماعي يرغبون في أن يصور لهم السراب باعتباره نهرا يجري بالخير والنماء هناك عند خط الأفق، وأن ما عليهم فعله هو الانطلاق إليه لينعموا برغد العيش على شواطئه الطويلة المخضرة.

إن المجاهرة بالتحديات والإعلان عن وجود مطبات هوائية وعقبات وحفر أرضية هو الصحيح الوحيد الذي ينبغي أن يقال، وهذا هو النهج الصحيح والذي عبر الإقرار به يمكننا الدلوف لرحاب المستقبل بكل ثقة واقتدار وليس إخفاء الرؤوس في الرمال كالنعام لنفاجأ بعدها أن الأسود والضواري قد أحاطت بنا من كل اتجاه، وقتها لا مفر غير الاستسلام لهذا المصير الذي أردناه لأنفسنا بأنفسنا.

صحيح أن التفاؤل بروعة المستقبل الآتي مطلوب ومرغوب، والتطلع للأفضل والأحسن والأجود هو سنّة حميدة، ولكن مع كل هذا، يجب علينا أن لا نغفل عن الحقائق العلمية والتي لا تقبل المجاملة ولا أنصاف الحلول، ولابد من مواجهتها أيضا بحلول وأبحاث علمية تنطلق من داخل معامل جامعاتنا ومن بنات أفكار طلابنا الأفذاذ وهم قادرون على إيجاد الحلول لكل المعضلات، هذا بعد استيعاب كل صدمات الحقيقة وقسوتها.

نأمل أن نستقر على المبدأ الصحيح وهو؛ هل نريد المصارحة والشفافية بكل علاتها وآلامها وعذاباتها ليتسنى لنا معالجة طعناتها القاسية، أم نرغب في أن ننام على الوسائد الفاخرة متلحفين بأحلام اليقظة القائلة إن كل شيء قادم سيغدو أفضل من الواقع، وإلى أن نجد أنفسنا غرقى في يم الأحلام الوردية؟