من فيهم «المعقد».. الإجراءات أم من يطبقها؟

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٢/ديسمبر/٢٠١٨ ٠٣:٤٠ ص
من فيهم «المعقد».. الإجراءات أم من يطبقها؟

لميس ضيف

حقا: هل الإجراءات معقدة؟ أم أن من يطبقونها هم من يعقدونها؟

سؤال يطرحه الكثير ممن يضطرون للتعامل مع بعض الجهات الخدمية.. والذين يصطدمون بطول الإجراءات، والقائمة الممتدة للوثائق المطلوبة، وطول الطوابير وقصر المرونة لدى الموظفين.

كثير منهم يعود مرارا وتكرارا للمكان ذاته. لأن الموظف لم يخبرهم بالمطلوب دفعة واحدة!
كثيرون يصطدمون بطلب مستندات لا علاقة مباشرة لها بموضوع الطلب من أساسه!
ورغم أن رسوم الخدمات الرسمية تُزاد تباعاً، إلا أن ذلك لم ينعكس على تجويد الخدمة ما يقود لتذمر المراجعين الذي لا ينقطع.
في عود على البدء نكرر السؤال:
هل العيب في الإجراءات نفسها.. أم في من يطبقونها؟
في تقديري هناك شيء من هذا وذاك. إلا أن الشطر الأكبر يقع على من يطبقون القانون لا روحه. ويعسرون ولا ييسرون، ولا يمنحون المعلومات دفعة واحدة بل يقطرونها على المراجعين. غالبا لأنهم لا يأخذون الوقت الكافي لمعرفة ما يحتاج لاستكمال المعاملة ويكتفون برؤية خطأ واحد يعيدون من أجله المعاملة دون المرور على باقي المستندات!
إلى ذلك لا يبدي الموظفون- إلا من رحم ربي- سعة بال مقابل أسئلة المراجعين. وقد نلتمس لهم العذر لكثافة العمل وضغط المراجعين، ولكن الواقع يقول إنهم بإعطاء المعلومات الوافية للمراجعين فإنهم يوفرون على أنفسهم، وعلى الآخرين، وقتا يُستنزف في الذهاب والعودة مراراً. ودماً يُحرق في الشكوى وتلقيها أيضا.
إن تسهيل المعاملات على المراجعين له انعكاسات حقيقية على حركة التجارة والاستثمار. ولتعقيدها العكس. وللوصول لهذه الغاية يجب أن تتوفر المعلومات إلكترونيا. وإن لم تتوفر على المواقع الإلكترونية الموجودة صوريا على الشبكة العنكبوتية دون أن يكون لها وظيفة حقيقية فأضعف الإيمان أن توجد في كتيب إرشادي متوفر للجميع في الدوائر الحكومية. وإن لم يتوفر هذا ولا ذاك فيجب أن يوفر الموظفون المعلومات طواعية للناس. لاسيما وأن المستندات المطلوبة تتغير كل حين. ولا يبدو أن مكاتب سند، الشريك التجاري للدوائر الحكومية في إنجاز المعاملات، يجاري تلك التغيرات ما يتسبب في مزيد من التخبط الذي يؤدي لتعثر إنجار المعاملات بسلاسة.
أحدهم قال لي ذات يوم أن أطباء دفعوا إيجارات لعام ونصف العام لفتح مبنى عيادات وفي كل مرة يصطدمون بعراقيل جديدة ما جعلهم يلغون المشروع في نهاية المطاف لا لأنهم لم يعودوا راغبين فيه بل لأنهم استنفدوا ميزانيتهم قبل أن يبدأوا العمل وكثير من المشاريع تُباع حتى قبل أن تبدأ العمل لهذا السبب.
الأمر ليس بحاجة لمعجزة ولا لجهود خارقة كما يتصور البعض. كل ما يحتاجه هو دفعة من أصحاب القرار لإعادة دراسة الإجراءات الحكومية وحذف ما هو غير ضروري. وتثبيت العملية وتوثيقها في كتيبات إرشادية مع إعطاء أوامر بتسهيل الإجراءات ما أمكن على المواطنين والمستثمرين بما سيعود بالخير والنفع على البلاد والعباد.