صحة الأمريكيين في المحكمة

الحدث الاثنين ١٧/ديسمبر/٢٠١٨ ١١:٥٧ ص
صحة الأمريكيين في المحكمة

واشنطن - وكالات

وعد الديمقراطيون في الولايات المتحدة بالطعن في القضاء والكونجرس بقرار قاض أمريكي اعتبر أن برنامج التغطية الصحية الذي وضع في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما مخالف للدستور. وكان الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب رحّب بحرارة بقرار القاضي باعتبار نظام «أوباما كير» الذي سمح لملايين الأمريكيين بالحصول على تأمين صحي، معتبرا أنه «نبأ سار لأمريكا».

وكتب ترامب في تغريدة مساء الجمعة بعيد صدور القرار «كما توقعت من قبل، ألغي «أوباما كير» لأنه كارثة مخالفة للدستور». ووعد ترامب أمام صحفيين السبت بأنه «سيكون لدينا نظام جيّد للصحة». وقال: «سيكون علينا الآن التفاوض مع الديمقراطيين لتحقيق ذلك، لكنني واثق من أنهم يريدون أن يفعلوا ذلك أيضا»، إذ إن المعارضة ستسيطر على مجلس النواب في يناير.
ودعا ترامب زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ورئيسة مجلس النواب المقبلة نانسي بيلوسي إلى «تبنّي قانون قوي يؤمّن رعاية صحية عظيمة». وفي الوقت نفسه، أوضح البيت الأبيض أن قانون باراك أوباما سيظل مطبقا لأن القضية ستعرض بالتأكيد على المحكمة العليا لطلب استئناف للقرار.
لكن ما يمكن أن يقرره القضاة التسعة في المحكمة العليا ليس مؤكدا. فقد قرر خمسة من القضاة التسعة في قضية منفصلة في 2012 الإبقاء على نظام «أوباما كير». وهؤلاء ما زالوا أعضاء في المحكمة. وبرنامج التأمين الصحي «أوباما كير» واسمه الرسمي هو «قانون الرعاية بكلفة مقبولة» (أفوردابل كير أكت - غيه سي ايه)، أقر في عهد أوباما في 2010 وسمح لحوالي عشرين مليون أمريكي بالحصول على تأمين صحي. لكن الجمهوريين يعارضونه بشدة. ومنذ توليه الرئاسة، لم يكف ترامب عن محاولة إلغائه. لكنه أخفق في 2017 في الكونجرس عندما فشلت محاولة إلغاء النظام بفارق طفيف على الرغم من هيمنة الجمهوريين على البرلمان.
ويحاول معسكر ترامب منذ ذلك الحين تقويض هذه التغطية مستخدما إجراءات ضريبية ودعاوى قضائية.
ويشكّل قرار القاضي الفيدرالي ريد أوكونور الجمعة ثمرة هذه الجهود. فقد عرضت عليه القضية من قبل مدعين عامين لعدد من الولايات وحاكم ولاية جميعهم جمهوريون. ورأى القاضي في حكمه أن القانون بأكمله مخالف للدستور لأن الكونجرس ألغى بمناسبة تعديل ضريبي العام الفائت، غرامة تفرض على الأشخاص الذين لا يملكون تأمينا ولا يتسجلون في برنامج «أوباما كير». وأوضح القاضي أن هذه الغرامة تشكّل «أساس» هذا القانون الذي ينبغي لهذا السبب اعتباره مخالفا للدستور. وصدر الحكم قبل انتهاء مهلة التسجل لهذا البرنامج للعام 2019، السبت. وخوفا من أن يدفع ذلك الأمريكيين المتأخرين عن الامتناع عن التسجل ليصبحوا بذلك بدون تغطية طبية، ضاعف الديمقراطيون الدعوات إلى القيام بذلك. وأكدت مديرة التأمينات للأكثر فقرا والمسنين سيما فيرما التي عيّنها ترامب، أنه «لا تأثير» للقرار حاليا.

الاستئناف فورا

وأدان الديمقراطيون «هجوم» الجمهوريين على نظام للتأمين الصحي «بكلفة مقبولة» وأعلنوا أنهم سيقومون «بالاستئناف فورا». وكتبت نانسي بيلوسي التي ستتولى رئاسة مجلس النواب قريبا أن «الجمهوريين مسؤولون بالكامل عن هذا الحكم القاسي». وكان الديمقراطيون فازوا في مجلس النواب في الانتخابات التي جرت في نوفمبر بناءً على حملة تمحورت إلى حد كبير حول حماية هذه التغطية الصحية والأشخاص الذين يعانون من أمراض سابقة للتأمين.
أما الجمهوريون فقد عززوا أغلبيتهم في مجلس الشيوخ. ووعدت بيلوسي بأن «يتحرك مجلس النواب بسرعة ليتدخل رسميا في عملية استئناف» القرار.
من جهته، أكد زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر أنه «إذا بقي هذا الحكم الدنيء بقرار من المحاكم العليا، فسيشكّل ذلك كارثة لعشرات الملايين من العائلات الأمريكية».
ووقف مدعون عامون ديمقراطيون لـ17 ولاية يقودهم الكاليفورني كزافييه بيسيرا، ضد الحكم معتبرين أن التعديلات الضريبية لا تؤدي إلى جعل نظام أوباما للرعاية الصحية مخالفا للدستور.
وقال بيسيرا رئيس السلطة القضائية في كاليفورنيا في بيان إن «معركتنا لإنقاذ أوباما كير بعيدة عن النهاية». من جهته، كتب السيناتور الديمقراطي شيلدون وايتهاوس في تغريدة السبت أن «الأمريكيين يريدون أن نحمي نظامهم الصحي لا أن نهاجمه».

ما هو «أوباما كير»؟

هو عبارة عن مجموعة من الإصلاحات الخاصة بالتأمين الصحي، وسوق المستشفيات، حيث وقَّع عليها أوباما تحديدًا في يوم 23 من شهر مارس 2010. قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا القانون متخصص فقط في الرعاية الصحية، ولا يهم أحدًا غير أولئك الفقراء الذين يطمحون لوجود تأمين صحي لهم، بحيث تُتاح لهم إمكانية العلاج مجانًا عند المرض، ولكنه ليس كذلك، حيث إن «أوباما كير» أوسع من ذلك بكثير، فهو يؤثر تقريبًا على كل الصناعات الأمريكية، من المستشفيات، إلى الأطباء، ووصولًا إلى المطاعم بأنواعها المختلفة، وحتى إلى محلات المثلَّجات (الآيس كريم)، والتي تأثرت بسبب القانون نظرًا لأنه أجبر هذه المحلَّات على نشر قوائم بالسعرات الحرارية الموجودة في كل منتج لديهم.

أهمية «أوباما كير»

أوباما كير يتكوّن من جزأين رئيسيين، الجزء الأول هو توسيع التأمين الصحي ليشمل ويضم عدد أفراد أوسع في المجتمع الأمريكي، وثانيًا، تغيير طريقة دفع الحكومة الفيدرالية للأطباء. وتكمن أهمية القانون في تمتُّع الملايين به، والاستفادة به، حيث يتوقَّع عدد من الخبراء الاقتصاديين وخبراء الميزانية أن يصل عدد المتمتعين بالقانون وفوائده إلى 25 مليون شخص، وذلك بنهاية العقد الحالي.
وقد أدّى هذا القانون إلى زيادة ملحوظة في عدد الأفراد الذين تمت تغطيتهم صحيًا، وأصبح لديهم تأمين صحي، وذلك من خلال إصلاح منظومة التأمين الصحي الفردي، بحيث يستطيع كل فرد التأمين على نفسه، بالإضافة إلى التوسُّع في برنامج «ميديكيد»، الذي يمثِّل تأمينًا صحيًّا للأمريكيين ذوي الدخل المنخفض في الولايات المتحدة، حيث ترجع الزيادة المتوقع حدوثها في عدد المستفيدين بالقانون إلى ثلاثة أسباب رئيسية، السبب الأول هو توسيع برنامج «ميديكيد»، وهو برنامج أنشأته الحكومة الفيدرالية، ويوفِّر التغطية والتأمين الصحي للأمريكيين ذوي الدخل المنخفض. وأمَّا السبب الثاني فهو بسبب إنشاء مواقع حكومية متعددة، وجعل التأمين الصحي متاحًا عبر الإنترنت، بحيث يُسمح للأفراد بشراء عدد من المنتجات التي لها علاقة بالرعاية الصحية، وذلك إلى جانب طلب مساعدة مالية من الحكومة الفيدرالية.
وأمَّا السبب الثالث فهو التأمين الصحي الفردي، بحيث يمكن للأفراد التأمين الصحي على أنفسهم بأنفسهم، وبالنسبة لتحكم الحكومة الفيدرالية في طرق محاسبة الأطباء، فإنها تقوم بذلك من أجل التأكد من الوصول إلى أفضل خدمة ورعاية للمرضى، ولمحاولة ربط أتعاب الأطباء بحسن الخدمة، وإلغاء الخدمات غير الضرورية، أو التي لم تؤد بطريقة جيدة، أو التي لم تؤد إلى تحسين صحة الأفراد في المجتمع.