افتتاح مركز بتكلفة ربع مليون ريال عماني في العامرات وهذه أهم خدماته

بلادنا السبت ٢٩/ديسمبر/٢٠١٨ ٢٠:٢٠ م
افتتاح مركز بتكلفة ربع مليون ريال عماني  في العامرات وهذه أهم خدماته

مسقط - عبدالله الرحبي
رعى المكرّم زاهر بن عبدالله العبري عضو مجلس الدولة حفل افتتاح "مركز الإمام نور الدين السالمي" بحلّة الطويان بمنطقة الحاجر بولاية العامرات الذي يضم ثلاثة مشاريع وهي : المسجد ومدرسة تحفيظ القرآن الكريم والمجلس العام، بحضور مشايخ وأعيان وأهالي الولاية بتكلفة بلغت ربع مليون ريال عماني تم انشاؤها بمساهمة شخصية من مبارك بن حبيب الهادي وأبناؤه وأحفاده وأبناء حلّة الطويان.

يهدف إنشاء المركز عامة والمدرسة خاصة إلى خلق جيل من الشباب المحب للعلم والقراءة، ليكونوا في المستقبل نورا يضيء سماء البلدة، وقد تضمّن الحفل عرضا مرئيا لتفاصيل المشاريع وفقرات متنوعة، ثم جلسة حوارية مع راعي المناسبة أدارها الدكتور ابراهيم بن خلفان الهادي، وينفرد "مركز الإمام نور الدين السالمي" بكونه المركز الوحيد المتكامل في الولاية حيث يحتوي على مرافق متعددة, فقد بني على رقعة أرض بلغت مساحتها الاجمالية (1350) مترا مربعا مقسمّة إلى ثلاثة مباني رئيسية، المسجد الذي يتسع لأكثر من (150) مصليّا والذي شيدّ على مساحة قدرها (330) متر مربع، تقام فيه المحاضرات والدروس المختلفة للعامة فضلا عن إقامة الصلوات الخمس، ويضم المركز أيضا مجلسا عاما بني على مساحة تقّدر بـــ (360) متر مربع تتسع لما يقارب من (200) شخص، مخصصا لاحتضان المناسبات الاجتماعية والثقافية المختلفة، وأهم ما يمّيز المركز هو مبنى المدرسة الذي شيّد على مساحة إجمالية بلغت (660) متر مربع، تحمل اسم علم من أعلام الأمة وهي "مدرسة نور الدين السالمي"، وهي تتكون من خمسة فصول دراسية متعددة الأغراض، تستخدم لتدريس مختلف العلوم الفقهية والثقافية وعلوم الحاسوب والتنمية البشرية وغيرها لجميع شرائح المجتمع، كما تحتوي على قاعة واسعة تتّسع لما يزيد عن(200) شخص مجهّزة للتدريس وإلقاء المحاضرات العامة، كما يوجد بها مكاتب لهيئة التدريس والإداريين ومكتبة كمرجع للطلبة ليزدادوا ثقافات ومعارف متنوعة.

وقد تحدّث المكرّم زاهر العبري عن المناسبة وعبّر عن سروره وابتهاجه ليشهد افتتاح صروح العلم والايمان الشامخة، حيث المسجد بجانبه مدرسة القرآن الكريم ثم مجلس الخير والصلاح والتقوى والهداية، داعيا المولى عز وجل أن يتقبل هذا العمل وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يثيب من قدمه ومن أسهم فيه خير الثواب في الدنيا والآخرة، وأن يكلل هذا المسعى بأن يثمر ما يرجى منه من خير للناشئة من بنين وبنات، وقال: إن هذه البلدة تحتفي بالعلم الشريف ترسيخا للعقيدة وتعلما للقرآن الكريم ومدّا لفضل ذلك في البعد الاجتماعي ليكون الاجتماع منطلقا من هداية الله حتى يكون المجتمعون ربّانيين مصدرا ووسيلة وغاية، وما أحوج الانسان وهو يسترسل سيرا في دروب الحياة يفرض عليه طبعها بأن يطلق معظم طاقاته وأقصى ما لديه من مواهب وامكانات من أجل تحصيل المنافع ولدرء الضرر عن نفسه، وهذا بحد ذاته يستوعب من طاقة هائلة لا يستطيع أن يلهله قدراته عنها لأن طبيعة العيش في إطار هذه الدنيا مستلزم ذلك.

وعن دور المساجد وأهميتها قال: انها بيوت الله في أرضه وزّواره فيها هم عمّارها من كل راكع وساجد ومن حق المزور أن يكرم زائره، فطوبى لعبد توضأ في بيته فأحسن الوضوء ثم غذّى الخطى إلى المساجد ترفع له بكل خطوة حسنة وتوضع بها عنه سيئة حتى يفد إلى بيت الله سبحانه طاهر القلب نقي السريرة، وكأنه وهو واقف بين يدي الله مع المصّلين في الصفوف يتمثل قبره أمامه، وأضاف: هذه المساجد التي شرعت من أجل أن يذكر فيها اسم الله والتي شرفها سبحانه بأنها كانت مجلى نوره "في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرفع ويُذكر فيها اسمُه يُسبّح لهُ فيها بالغُدّو والآصال" ، والمساجد تصنع من أمّة المسلمين بأن تكون أمة وحدة وإخاء، حيث تمحى من أعماق نفوس أبنائها أسباب الشقاق والخلاف، فالفقير يصطف بجانب الغني والضعيف مع القوي والسيد والمسود بحيث تمّحي كل الطبقات والفئات التي يتعارف عليها البشر، إذ كلهم أمام الله عباد يعلمون أن النجاة ليست بكثرة المال وأن الله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى الصور والأموال ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال، والنجاة يوم القيامة لا تكون إلا لمن أتى الله بقلب سليم.

كما أشار إلى ضرورة أن يصطلح العباد مع ربّهم ليكونوا منارات صلاح وإصلاح في المجتمع، فالمؤمن يعلم يقينا إنه لأخيه المؤمن كالبنيان يشّد بعضه بعضا وأن المسلم أخو المسلم، ولذلك فأن المساجد لا تبنى إلّا من أجل عمارتها، فتعمر حسّيا للمحافظة عليها وإقامة بنائها والحرص على نظافتها وعلى ان تهيأ للمصلّين التالين لكتاب الله والدارسين لشرعه، في جنباتها الأجواء المريحة النظيفة الطاهرة، فهي اليوم منارات هداية للعالمين قاطبة.

وعن التعليم ودور المدارس في ذلك قال العبري: علينا أن نهتم بالتعليم الذي يربط الإنسان بإيمانه ودينه وقرآنه ، فقد أرشدنا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بقوله: "علموا أولادكم القرآن فإن أول ما ينبغي أن يتعلم من علم الله هو"، وها هي مدارس القرآن الكريم التي تعتبر فضل من الله ونعمة تنتشر في ربوع بلادنا، انتشارا يؤصل الوعي ويبرهن على أن تمسك العماني بدينه وإيمانه إنما هو تمسك ناتج عن الصلة الوثقى بكتاب الله وبسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومدارس القرآن الكريم إنما هي منارات هدى ومشاعل ضياء ونور، تضّخ في الوسط الذي تكون فيه أسباب صلاح الأجيال وربطهم بدينهم وغرس القيم والفضائل في أعماق نفوسهم ليشبّوا عبادا طائعين مخلصين، عزيزة نفوسهم بالإيمان، قوية إرادتهم بالعلم، صلبة مواقفهم بالمعرفة الواسعة المتينة، وهذه المدارس تتّخذ المناهج التي تعتمد لإجادة الاقتراب من الشخصية الإنسانية وهي في بواكير نموها؛ اقترابا صحيحا يلاحظ مراحل النمو وما تحتاجه في أطوارها المختلفة المتباينة من إجادة التربية والتعليم، إن النسق المعاصر في تهيئة مدارس القرآن الكريم سواء من حيث البناء وتوفير الأجهزة والجو المناسب فيها يؤكد على الاهتمام بها من قبل القائمين عليها، وكذلك من حيث المناهج العلمية والذين يعنون بتربية الأبناء وتعليمهم من الذكور والإناث، فهم على أعلى قدر من الجهوزية في إدراك فن التربية والإلمام المعرفي والتمكن العلمي في المواد المختلفة، ويرجى أن يكون من وراء هذه المدارس خير عظيم بحيث ينشأ الأبناء وقد تجّلت في أعماق نفوسهم أنوار الكتاب العزيز وسطعت أمامهم براهين الهداية والحق بفضل الله سبحانه وتعالى.

كما تحدّت المكرم عن أهمية المجالس العامة وقال: الإنسان مدني بطبعه، اجتماعي بفطرته، ويستحيل العيش على أبناء النوع الإنساني خارج الإطار الاجتماعي، وقد شاء الله تعالى أن يعيش الناس مجتمعين، وبالاجتماع البشري تستقيم حياتهم، فالفرد يعمل لصالح الجماعة في حين تعمل الجماعة لصالح الفرد مما يحقق المصالح المتبادلة بين الفرد والمجتمع في وقت واحد، لذلك فالعبرة في المجلس مهما كان شكله إنما يكون بالبعد الثقافي الذي كان من وراء إنشائه، فالمجلس في نظر الإسلام إنما هو سبب لتلاقي النفوس وتآخي الأرواح وأن تزداد الأمة تماسكا ويزداد المجتمع قوة.

وأضاف: أن المجالس في بلادنا ولله الحمد تسهم بدور فعّال في تربية الناشئة على الأخلاق الحميدة والعادات القويمة، وما يتعارف عليه المجتمع في سلوكه العام مما هو تقليد جار فيهم بما يرتبط مع الله سبحانه وتعالى، وإلّا فإن هذه المجالس تكون سببا لما يعاكس ذلك، فدورها يكمن في تنشئة الناشئة وهي تعتز بتقاليدها وتفخر بماضيها وتصعد في حاضرها وتستشرف مستقبلها بكل ثقة وعزيمة ورشاد، ومجالسنا في هذا العهد الميمون هي سبب للصلاح والإصلاح، وللتعليم والتثقيف والتهذيب وللالتقاء على الأفراح والأتراح، حتى يشعر الجميع بأن المجتمع كالجسد الواحد إذا اشتكى من عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، ومن الذوق المعاصر للسبلة في بعدها الاجتماعي والسياسي الذي اقتضاه التنظيم أن أصبح لدينا مجلس باسم "مجلس عمان" تناقش فيه القضايا بالإسلوب العصري وفق النظام القانوني المعتمد، وهذا بحد ذاته تجسيد لمعنى الشورى من أن أجل أن يثمر خيرا لهذه البلاد التي ما فتئت وهي ترقى سماء العلا بكل ثقة بالله سبحانه وتعالى.