"الشبيبة" تكشف تفاصيل جديدة عن نجاة طفل أطلق الرصاص على نفسه بالخطأ

بلادنا الاثنين ٠٧/يناير/٢٠١٩ ٢١:٤٠ م
"الشبيبة" تكشف تفاصيل جديدة عن نجاة طفل أطلق الرصاص على نفسه بالخطأ

مسقط - ش
في العشرين من نوفمبر الفائت، كان الطفل عبدالقادر، ذو السبعة عشر ربيعاً يطارد قطة مؤذية في المنزل باستخدام سلاح مصرح به، مستغلا غياب الجميع، أطلق الرمية الأولى فأصاب القط دون قتله، فقرر البحث عنه كي يُجهز عليه، كي لا يتعذب القط بجراحه، وأثناء ذلك سقط السلاح من يده ما أدى إلى فتح مخزن الرصاص، لتنطلق نحو جسده عدة رصاصات، فاستقرت الرصاصة الكبرى في دماغه بعد أن دخلت في إصبع الإبهام مرورا بالفم، أما بقيةت الرصاصات وعددها ثلاثة، فكانت أصغر حجما؛ فاستقرت إحداها في الفك السفلي والأخرى في الفك العلوي، بينما استقرت الرصاصة الثالثة فوق حاجب العين.
وفي ضوء هذه الإصابات، وخطورتها، فإن بعض التقديرات أشارت أن عبدالقادر سيصاب بالشلل في الرأس، أو العمى، وفي أسوأ الحالات الإصابة بالصرع، لكن ذلك لم يحدث، فبعد مرور ستة أشهر من العلاج، خرج عبدالقادر بأقل النتائج المحتملة، لينجو ويتابع حياته الطبيعية، وذلك بفضل الله تعالى، ومن ثم تعاون ودعم الأهل، وإرادة عبدالقادر الذي صمد وصبر طوال هذه المدة.
يقول عبدالقادر محذرا مستخدمي الأسلحة إن خطأ بسيط كفيل بإحداث كارثة: "صحيح أنني معتاد على استخدام هذا النوع من الأسلحة ولكن الحوادث تقع، لذلك أدعو الآخرين إلى أخذ كل أسباب الحيطة والانتباه جيدا، فمثلا أنا قمت بإغلاق مخزن الرصاص ولكني تعثرت ما أدى إلى فتحه وخروج الرصاصات منه".
ويتذكر هنا عبدالقادر ردة فعله الأولى قائلا: "عندما إصابتني الطلقات لم أغب عن الوعي، لذا في أول ردة فعل لي ركضت إلى الخارج، وركبت في سيارة ابن خالي وطلبت منه أخذي إلى المستشفى، لم أكن أشعر بالألم في بادئ الأمر، وكنت أدعو الله أن أنجو، لكن بعد أن دخلت إلى المستشفى بدأت أشعر بخطورة الأمر ما أصابني بالخوف".

رحلة العلاج
تلقى عبد القادر علاجا مبدئيا في مستشفى عجلان الأقرب إلى منزله، وهناك تمت خياطة جرح الذقن قبل نقله بالإسعاف إلى مستشفى العظام في مسقط الذي يبعد عن الولاية أربع ساعات.
يقول والد عبدالقادر: "استقبلنا المستشفى على الفور وأدخلوه إلى غرفة العمليات بعدها نقل إلى العناية المركزة لمدة يومين، ثم أجريت له عملية لترميم الفك المكسور، وكان التقرير الطبي يكشف عن الرصاصة التي استقرت في المخ فقط".
ويستدرك والد عبد القادر حديثه: "التقيت بمدير المستشفى وأبلغني أن العملية مكلفة ومعقدة لأنها مرتبطة بالأعصاب والمخ لذلك قد تكون خطيرة، ومن الأفضل الانتظار لمدة ستة أشهر لاحتمال أن تتحرك الرصاصة بعيدا عن المخ والأعصاب، حيث يسهل أخراجها، أو أنها ستلتأم مع الدماغ ويعيش معها طوال حياته".
ولدى سؤاله للطبيب عن الآثار الجانبية على المدى البعيد في حال ترك الرصاصة في الدماغ لدى التئامها، أجابه "من المحتمل أن يصاب بشلل في الرأس أو الإصابة بالعمى أو الإصابة بالصرع" ومن هنا طلب الأب توصية من المستشفى لنقله إلى الخارج لتلقي العلاج.
وعن هذا يقول عبد القادر "الانتظار ستة أشهر لاستخراج الرصاصة كانت طويلة علي وعلى عائلتي لوجود احتمال بحصول مضاعفات أو تسمم، لذلك بحثوا لي عن فرصة للعلاج في الخارج بصورة عاجلة".
ولأن تكاليف العلاج في الخارج مرتفعة، اضطر والد عبدالقادر، الأب لـ12 طفلا، لبيع بعضا من ممتلكاتهم، وساعده أهالي المنطقة بجمع تبرعات لعلاج ابنه، موضحا: "كلفتنا العملية 6.700 ريال عماني، لأنها كانت عملية معقدة واستدعت طاقم طبي متكامل".

السفر إلى الهند
بعد تجهيز تكلفة العلاج سافر عبد القادر إلى الهند بتاريخ 17 ديسمبر.
يقول والد عبد القادر "أرسلنا التقارير الطبية من مستشفى السلطنة إلى المستشفى الهندي لإخراج الرصاصة التي استقرت في الدماغ وأبلغنا المستشفى الهندي في الرد أنهم مستعدون لتنفيذ العملية وأن نسبة النجاح قد تبلغ 95%".
ويتابع والد عبدالقادر: "عندما وصلنا الى الهند طلب المستشفى إجراء أشعة جديدة للتأكد من الحالة، وهنا كانت المفاجأة، حيث تم اكتشاف الرصاصات الثلاث الصغيرة (الشظايا) التي لم نكن نعلم بوجودها إلى جانب الرصاصة الكبيرة في المخ".
ويكمل الوالد حديثه: "تم والحمدلله استخراج الرصاصات في عملية واحدة، وبعد خروج ابني من العملية نقل إلى العناية المشددة وبقى فيها لمدة سبعة أيام وبعدها بقينا للمتابعة لمدة خمس أيام إضافية".

العودة من رحلة العلاج
يقول والد عبد القادر" كانت عملية شائكة ومعقدة، لكن وللحمدلله عدنا إلى المنزل في الرابع من يناير وابني على خير ما يرام، فهو يأكل ويتكلم ويمارس حياته الطبيعية كالسابق".
تقول فاطمة العلوي، والدة عبد القادر "الحمد لله على عودت ابني بصحة جيدة من رحلة العلاج، وأشكر كل من تعاون معنا لعلاج ابني وساهم بالتبرع لتغطية تكلفة العلاج من معلمين في المدرسة وأهالي المنطقة وافراد العائلة".
ولم ينس عبدالقادر أيضا شكر "الطاقم الطبي في مستشفى لاكشور لاعتنائهم بحالتي، لقد استقبلونا في المطار ووفروا مترجمين لنا طوال الرحلة الطبية ووجود طاقم طبي ممتاز يعالج أغلب الحالات".
والسيء في الأمر بأن عبد القادر في سنته الأخيرة في المدرسة، ويطمح كغيره من طلاب الدبلوم العالي في الحصول على درجات عالية والالتحاق بالمؤسسة التعليمية العليا التي يرغب فيها، ولكن بسبب الحادثة تأخر عن زملائه كثيرا وفاتته الكثير من الدروس.
يقول: "بسبب آثار الإصابة أجد صعوبة في المحافظة على تركيزي لفترة طويلة، وأنا أحلم بالالتحاق بجامعة السلطان قابوس، لذلك قررت أن أعيد الدبلوم العام في السنة المقبلة ، لكي أؤدي جيدا وأكون قد تعافيت تماما".
هكذا انتهت حادثة عبد القادر بأقل الآثار السلبية، وبدرس عن تكاتف المجتمع العماني وتآخيه.