المعادلة الصعبة

الحدث الثلاثاء ٠٨/يناير/٢٠١٩ ٠٤:٣٦ ص
المعادلة الصعبة

صنعاء- وكالات

أجرى الموفد الدولي الخاصّ إلى اليمن مارتن غريفيث في صنعاء محادثات مع مسؤولين حوثيّين قبل الانتقال إلى الرياض للقاء مسؤولي الحكومة اليمنيّة، في محاولة لتطبيق اتّفاقات السويد حول النزاع اليمني، في مهمّة يبدو أنّها تنطوي على رهان صعب.
والتقى غريفيث الأحد زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي وفق بيان للمتحدّث باسمه محمد عبد السلام نشرته قناة المسيرة التابعة للجماعة .
وبعد شهر من المحادثات بين طرفي النزاع اليمني في السويد، والتي كانت الأولى منذ العام 2016، تواجه الأمم المتحدة صعوبات في تطبيق سلسلة اتفاقات على الأرض.
من ناحيته، أعلن أحد قادة انصار الله بعد لقائه غريفيث أنّ العاصمة الأردنيّة عمّان قد تستضيف مشاورات بين طرفي النزاع تتناول الوضع الاقتصادي المتدهور في اليمن.
وقال رئيس "اللجنة الثوريّة العليا" في حركة انصار الله محمد علي الحوثي لفرانس برس إنّ مشاورات يُتوَقّع أن تتناول خصوصًا تدهور الاقتصاد اليمني بسبب الحرب، "قد تجري في عمّان أو عبر مؤتمر بواسطة الفيديو، (وهذا الأمر) ناقشتهُ مع الموفد الخاصّ".
وكان غريفيث وصل السبت إلى صنعاء، ولم يرشح شيء عن محادثاته التي يُفترض أن تتناول تنفيذ انسحاب القوى الموجودة في الحديدة (غرب)، حيث المرفأ الاستراتيجي الواقع تحت سيطرة انصار الله والقوات المتحالفة معهم والذي يُعتبر البوابة الرئيسية لدخول المساعدات الإنسانيّة والمواد الغذائيّة إلى البلاد. وتتحدّث الأمم المتحدة عن "إعادة انتشار".
وإذا كان اتّفاق وقف إطلاق النار صامدًا إلى حدّ كبير منذ بدء العمل به في 18 ديسمبر في الحديدة نتيجة الاتّفاقات التي تمّ التوصّل إليها بين الطرفين برعاية الأمم المتحدة في السويد، فإنّه لم يُسجَّل على الأرض أيّ انسحابٍ ملموس للحوثيّين نصّت عليه أيضا الاتفاقات.
وقال المتحدّث باسم الأمم المتّحدة فرحان حقّ الخميس إنّ "وقف إطلاق النار في الحديدة لا يزال صامدًا"، على الرغم من اتهامات متبادلة بين الطرفين بخرق الهدنة.
في 13 ديسمبر، أُعلِن عن اتّفاق تمّ التوصّل إليه إثر ثمانية أيام من المحادثات في السويد بين وفدين يمثّلان حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المدعوم من التحالف ، وانصار الله والقوى المتحالفة معهم .
وقُتل في حرب اليمن منذ 2015 أكثر من عشرة آلاف شخص.
وتناول الشقّ الأساسي من اتّفاقات السويد موضوع الحديدة الذي استقطب الاهتمام الدولي نتيجة الأزمة الإنسانية التي اعتبرت الأمم المتّحدة أنها الأسوأ في العالم، محذرةً من أنّ البلاد على حافة المجاعة. ويُعتبر مرفأ الحديدة أساسيًا لتموين سكّان اليمن.

فرصة ضائعة

ولا يتضمن الاتفاق الذي نشرته الأمم المتحدة أيّ جدول زمني للانسحاب من الحديدة، لا بالنسبة إلى انصار الله والقوات المتحالفة معهم ، ولا بالنسبة إلى القوّات الموالية للحكومة التي كانت دخلت خلال المعارك بعض أطراف المدينة.
وأعلن انصار الله والقوات المتحالفة معهم في 29 ديسمبر بداية الانسحاب، لكنّ الحكومة اليمنية شكّكت في ذلك.
وقال مسؤولون حكوميون إنّ مقاتلين من انصار الله لا يزالون موجودين، ويرتدون بزات خاصة بخفر السواحل أو بالجمارك.
وينصّ اتفاق السويد على تسليم مرافئ الحديدة والصليف ورأس عيسى الى الإدارات التي كانت تتولى الإشراف عليها قبل وصول انصار الله في نهاية 2014، وإعطاء الأمم المتحدة دورا في إدارة هذه المرافئ.
ولم يتم فتح ممر إنساني كان مقرّرا في 29 ديسمبر بين الحديدة وصنعاء، بحسب الأمم المتحدة.
وعبّر الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كمارت، كبير المراقبين المدنيين التابعين للأمم المتحدة المكلفين الإشراف على تنفيذ اتفاق الحديدة، عن استيائه وأسفه لـ"ضياع فرصة" لتعزيز الثقة بين المتنازعين، بحسب بيان للمنظمة الدولية.
وأشار الى أنّ الأمم المتحدة يجب أن تتحقّق من أيّ انسحاب لكي "يكون ذا صدقيّة"، الأمر الذي لم يحصل بالنسبة الى انسحاب انصار الله المعلن.
وتنص المرحلة الثانية من إعادة الانتشار في الحديدة على انسحاب جميع القوى العسكرية من كل أنحاء المدينة. إلا أنّ سكّانًا قالوا لفرانس برس إنّ انصار الله لم يكونوا يومًا بهذه الكثافة في المدينة، وإنّ العديد منهم ارتدوا بزات خاصة بقوى أمنية تابعة لأجهزة مختلفة.
كما اتفق المتنازعون على تبادل آلاف المعتقلين والأسرى، وعلى ترتيبات أمنية في تعز، كبرى مدن جنوب غرب اليمن التي يطوقها انصار الله والقوات المتحالفة معهم .
لكن لم يحصل على صعيد إطلاق السجناء إلا تبادل للوائح بأسمائهم، ولم يتم إحراز أيّ تقدم آخر في هذا الملف، ولا في موضوع الترتيبات الأمنية في تعز.
ويأمل غريفيث أن يتمكّن بحلول يناير الجاري من أن يجمع طرفي النزاع، على الأرجح في الكويت، لاستكمال المفاوضات التي بدأت في السويد.

اختلافات في تفسير الاتفاق

ويعتمد الفريقان تفسيرات مختلفة تماما للاتفاقات المعلنة في السويد، بحسب مصادر سياسية يمنية.
ويقول انصار الله إن إدارة المرافئ يجب أن تُسلّم الى السلطات الموجودة في المكان، أي الى فريقهم، في حين تقول الحكومة إن هذه المسؤولية تعود الى الإدارة التي كانت موجودة في المدينة قبل "احتلالها" من انصار الله ، بحسب المصادر.
ويواصل انصار الله الضغط لإعادة فتح مطار صنعاء الدولي أمام الملاحة. وأطلقوا لهذه الغاية حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، وحرصوا على أن يكون في استقبال غريفيث السبت أطفال مرضى لا يمكنهم السفر إلى الخارج للعلاج.
ويسيطر انصار الله والقوات المتحالفة معهم على صنعاء منذ أربع سنوات، لكنّ التحالف العسكري والداعم للحكومة اليمنية يسيطر على أجواء اليمن.
واتهم برنامج الأغذية العالمي الأسبوع الفائت انصار الله باعتماد "سلوك إجرامي" بسبب عدم إيصال مساعدات إغاثة في اليمن، مهددا بوقف التعاون معهم.
وقال البرنامج في بيان إن جزءا كبيرا من المساعدة الغذائية الموجهة لأهالي العاصمة صنعاء لم تصلهم. وبدلا عن ذلك، تمّ عرضها للبيع في أسواق في صنعاء.