الإمكانيات الخيرية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٩/يناير/٢٠١٩ ٠٥:٠٦ ص
الإمكانيات الخيرية

كارل مانلان

لقد مرت أكثر من ثلاث سنوات على اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، لكن التمويل اللازم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة - الأهداف الرئيسية لجدول الأعمال - لا يزال من الصعب الحصول عليه. في الواقع، تم التعهد بتقديم أقل من نصف التمويل السنوي المطلوب البالغ 6 بلايين دولار.

ولكن في حين يُعتبر نقص التمويل العالمي مأساة لبلدان الجنوب، فإنه يمثل في الواقع فرصة هائلة بالنسبة لأفريقيا.

لقد دعمت المساعدات الخارجية تقدم أفريقيا لفترة طويلة. ومع ذلك، أصبح الأفارقة قادرين بشكل متزايد على الاستثمار في قراراتهم الخاصة. وبحلول عام 2025، قد يصل إنفاق الأسرة والأعمال في أفريقيا إلى 5.6 بلايين دولار، وتشير تقديرات ديلويت إلى أنه بحلول العام 2030، سيتمكن نصف بليون أفريقي من الحصول على دخل متاح. إذا تبرع كل مواطن أفريقي ميسور بدولار شهرياً لمدة سنة لدعم مواردنا الخاصة، فإن الفوائد ستكون هائلة. ولكن قبل أن نتمكن من الحلم بجحافل المانحين المحليين، يجب أن يكون الهدف المباشر هو إنشاء شبكات واستراتيجيات لتحقيق فوائد أكبر من التبرعات في أفريقيا. تتمثل الخطوة الأولى في بناء بنية أساسية خيرية - أنظمة تكنولوجية وقانونية وضريبية وأنظمة المساءلة اللازمة لضمان أن تكون التبرعات آمنة. في حين أن الخدمات المالية الرقمية قد سهلت بالفعل جمع الأموال، إلا أن حجم التبرعات عبر الإنترنت في أفريقيا لا يزال منخفضًا. على سبيل المثال، فإن أكبر منصة لجمع التبرعات عبر الإنترنت في أفريقيا «M-Changa»، والتي تم إطلاقها في العام 2012، قد جمعت الأموال من أكثر من 340.000 مانح لحوالي 29.000 مشروع. في الصين، ساعدت منصة «تينسنت» الخيرية في جمع 28 مليون من التبرعات خلال ثلاثة أيام في العام الفائت.

علاوة على ذلك، يجب أن تصبح منظمات المجتمع المدني الإفريقية أكثر مهارة في إقناع المانحين الأفارقة المحتملين بأنهم يستحقون المساعدات. ووفقًا ل «EPIC-Africa»، وهي منظمة غير ربحية مقرها داكار تقوم بمراقبة فعالية منظمات المجتمع المدني، هناك القليل من البيانات الموثوقة حول عدد منظمات المجتمع المدني الأفريقية، والأعمال التي تقوم بها وكيف تُحدث تغيير في الأماكن التي تعمل فيها. وبعبارة أخرى، لا يمكن للجهات المانحة معرفة ما إذا كانت أموالهم تُنفق بشكل جيد. إذا استمر العمل الخيري الإفريقي كعامل مشجع فعال للتقدم البشري، فستكون هناك حاجة إلى مزيد من الشفافية لمنظمات المجتمع المدني.

وإدراكا لأوجه القصور هذه، أقامت « EPIC-Africa « شراكة مع مؤسسة روكفلر لإنشاء جوائز التميز في منظمات المجتمع المدني الإفريقية، وهو برنامج مصمم للتعرف على القدرات التنظيمية في مجالات مثل القدرة الإستراتيجية والقيادة والحوكمة والصحة المالية ومراقبة المشاريع. يتمثل الهدف النهائي في تعزيز البنية الأساسية الخيرية لجعل المؤسسات الخيرية أكثر فعالية وأكثر عرضة للمساءلة.

وأخيراً، ينبغي أن تستهدف جهود أفريقيا الخيرية النمو الاقتصادي. إن واحدة من أفضل الطرق لتحويل تركيز الأفارقة من الحد من الفقر إلى صنع الثروة هي عن طريق دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة - بما في ذلك المزارع التي تديرها النساء. وبهذه الطريقة، عندما تنشئ الحكومات أنظمة تربط التجارة البينية الأفريقية بسلاسل القيمة العالمية، فإن الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات الموارد الكافية ستكون قادرة على المناورة للاستفادة منها. وإذا نجحت المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، سيتم توفير فرص عمل أكثر، مما يساعد المزيد من الناس على تحسين مستواهم المعيشي.
يمكن للشتات الأفريقي، وكذلك الأفارقة في القارة الذين لديهم دخل متاح، أن يساعدوا الحكومات على تحقيق أهداف التنمية المستدامة عن طريق توجيه الموارد إلى المنظمات الأكثر قدرة على صنع ثروة أفريقية. وبتجميع مواردهم المالية استراتيجياً، يمكن للأفارقة إنهاء الفقر والقضاء على الأمراض وتحسين النظم الصحية وتعليم أطفال القارة. كل هذا يمكن أن يساعد أفريقيا على تحقيق إمكانياتها الاقتصادية - وخاصة قدرتها على زيادة الرخاء العالمي.
منذ عام 2015، بلغ معدل نمو إنفاق الأسر في أفريقيا 3.5 %، وبحلول نهاية عام 2019، من المتوقع أن تضيف مطالب المستهلك ما يصل إلى 1.1 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي لأفريقيا - وهذا دليل آخر على أن عددًا متزايدًا من الأفارقة يملكون الموارد المالية لمساعدة القارة الأفريقية في تحقيق أهداف التنمية البشرية. ما نحتاجه الآن هو الأدوات اللازمة لتوجيه القدرات الخيرية الجديدة للأفارقة.
ينبغي على المجتمع الدولي مواصلة دعم التقدم في أفريقيا، ويجب على البلدان الميسورة الوفاء بالتزاماتها غير المنجزة لتمويل أهداف التنمية المستدامة. لكن الأفارقة لا يحتاجون إلى انتظار مساعدة العالم، لدينا الموارد التي نحتاجها هنا في القارة. بعد مرور عقود طويلة من الاعتماد على التمويل الأجنبي، حان الوقت للثروة، وليس للفقر، لتحديد تطور القارة الأفريقية.

الرئيس التنفيذي للعمليات في مؤسسة ايكوبانك.