مبان بدون حراسات!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٩/يناير/٢٠١٩ ٠٤:٣٢ ص
مبان بدون حراسات!

علي بن راشد المطاعني

في الوقت الذي تسهم فيه القطاعات الاقتصادية المختلفة بشكل أو بآخر في تعزيز الجهود الحكومية في مجال استيعاب الكوادر الوطنية، فإن القطاع العقاري على ما يبدو خارج هذه المعادلة، فاسهاماته بسيطة جدا في هذا الجانب، فهناك عشرات الآلاف من البنايات في السلطنة وخاصة في مسقط، يمكن أن تستوعب الشباب العُماني في مجال الحراسات الأمنية وذلك من خلال الزام أصحاب البنايات التي بها عدد من الأدوار والشقق السكنية والتجارية وغيرها من الاستخدامات العقارية بتوفير الحراسات الأمنية بدلا من توفير عمال أجانب غير مؤهلين ولا يمكن الاعتماد عليهم، ولتعد هذه المبادرة كمساهمة من أرباب العقارات في هذا الجانب المهم وفي ذات الوقت توفير المزيد من الطمأنينة للقاطنين من المستأجرين لهذه البنايات.

إن النهوض بالتعمين وتوفير الوظائف للشباب يجب أن يترجم من كل القطاعات الاقتصادية وفق أهميتها ومساهمتها، وهناك قطاعات مثل الصناعات والسياحة نسب التعمين بها جيدة، بخلاف القطاع العقاري وهو ما يفرض علينا إيجاد تشريعات ملزمة لكل أصحاب العقارات بتوفير حراس أمنيين وربط ذلك بتجديد عقود الإيجار من عدمه.

ان تكلفة توفير الأمن أصبحت اليوم مرتفعة جدا ولا بد من المشاركة في تحمل قيمتها من جانب أرباب العقارات والمُلاك الذين حان الوقت لهم للايفاء بهذا الالتزام الوطني والاجتماعي لهذا الوطن وأبنائه، وخاصة في مجال توفير الوظائف وهو الهم الذي يشغل كل الأوساط المحلية ويعمل الجميع في إطاره لإيجاد المزيد من الأفكار والأطروحات التي تتيح إيجاد المزيد من فرص العمل لشبابنا.
فاليوم هناك جزء من الباحثين عن عمل يحملون مؤهلات دون الدبلوم العام يحتاجون لوظائف، فمن الأهمية بمكان أن يتم استيعابهم في مثل هذه الوظائف وفي مؤسسة خدمات الأمن والسلامة التي يعمل بها أكثر من عشرة آلاف مواطن، ويمكن لهذه المؤسسة باعتبارها الأكبر في استيعاب القوى العاملة الوطنية أن تسن الأطر والتشريعات التي تلزم أصحاب المباني بتوفير حراسات أمنية من جهات مختصة.
فأصحاب العقارات لم تقصر الدولة تجاههم أبدا فمنحتهم الأراضي بتسهيلات جيدة ومنحتهم القروض من البنوك، وفي المقابل يلزم صاحب المصنع وصاحب الشركة السياحية بالتزامات التعمين والتراخيص وغيرها، لنكن منصفين في هذه النقطة فالذين يتجهون للاستثمار العقاري يفعلون ذلك لأنه أقل تكلفة من إنشاء المشاريع والمصانع والشركات، فالعدالة وحدها تلزمنا ببلورة أطر تلزمهم بواجباتهم الوطنية ونحن على ثقة من أنهم سيلبون نداء الوطن عن طيب خاطر.
بالطبع هناك من سيعترض على ذلك، فالمنتفعون كثر بطبيعة الحال، لكن الحقيقة المثلى تقول إن كل ما قدمه أصحاب البنيات في هذا الإطار لا يعدو أن يكون بناية يتم تأجيرها، إشارة إلى أن هناك أناسا استثماراتهم كلها في هذا الجانب فقط، وقد يقول البعض إن أصحاب البنايات سيرفعون قيمة الإيجارات نتيجة لذلك، بيد أن القضية الأولى بالاهتمام هي إيجاد فرص عمل لشبابنا وفي سبيل ذلك لا بد من بعض التضحيات، وهي تضحيات ليست بالجسيمة في مطلق الأحوال.
نأمل من الجهات المختصة أن تعمل بالسرعة المطلوبة في سن التشريعات الملزمة لأصحاب العقارات بتوفير الحراسات الأمنية، فهذه الخدمة غاياتها وأهدافها كبيرة ونبيلة في ذات الوقت، نقول إنه ومن أجل أن ترتسم الابتسامات على وجوه شبابنا لا بد من بعض التضحيات.