رحلة بـ 5 خناجر عمانية إلى أكثر من 200 خنجر

مزاج الخميس ١٠/يناير/٢٠١٩ ١١:٥٠ ص
رحلة بـ 5 خناجر عمانية إلى أكثر من 200 خنجر

السويق - سعيد الهنداسي
سنوات طويلة أمضاها وهو يعمل في مجال يعشقه و يقدر أهميته. إنه محمد بن عبد الله الجابري عاشق الموروث الشعبي والتراث العماني الجميل وصاحب محل الجابري للفضيات، الذي أراد أن يجعل من هذا العشق مهنة تكون مصدر دخل له ولأسرته فكانت بدايته في محل صغير في ولاية السويق ومع مرور الزمن كبر عمله ليصبح لديه 3 محلات في الولاية. ولأن التراث والموروث الشعبي عند من يعرف قيمته ويعشقه كنز، لم يتوقف الجابري عند هذا الحد بل جعل أبناءه يواصلون المسيرة في هذا الطريق ليتواصل هذا العشق جيلا بعد جيل. ولمزيد من التفاصيل حول تجربته الجميلة في حب التراث والموروث الشعبي، التقينا به وكان هذا الحوار.

البداية بفكرة
يعود بنا محمد الجابري إلى بدايات حبه للموروث والتراث وخاصة الفضيات. يقول : بدأت الفكرة قبل 11 عاما وكنت يومها عاشقا متيما بالفضيات ثم زاد هذا العشق يوما بعد يوم، وكنت ولا زلت ملهما بحب الخناجر العمانية الأصيلة والشالات والسيوف الجميلة فجاءت فكرة إنشاء محل متخصص في الفضيات والتراث والموروث الشعبي وكانت البداية بعدد 5 خناجر عمانية أصيلة ويومها كنت أقدم هذه الخناجر لمن لديه مناسبة اجتماعية تشجيعا مني للشباب.

محل خاص
ويواصل الجابري سرد حكايته مع التراث والفضيات قائلا في 2008 بدأت إنشاء محل خاص بالفضيات في ولاية السويق وكانت هذه النقطة المفصلية التي أحدثت تغييرا كاملا في حياتي ليتطور المحل ويصبح اليوم عندي 3 محلات متخصصة في الفضيات والموروث الشعبي ويبلغ الآن عدد الخناجر الموجودة في المحلات ما يقارب 200 خنجر بالإضافة إلى 600 شال إضافة إلى الخزامات (الجديلة) من الفضة والجلد ، إضافة إلى نوعيات خاصة من العصي (الراجستاني) والتروس وأكثر من 160 سيفا أصيلا ويعود بعضها لسنوات قديمة ويمثل حقبة تاريخية معروفة في تاريخنا العماني الضارب في الجذور . أيضا لدي مجموعة من المحازم كما قمت بإضافة بعض اللمسات الجمالية من خلال العود والخلطات العطرية الخاصة بالمحل .

تواصل اجتماعي
وحول ما يمثله هذا العشق للتراث والدور الاجتماعي الذي يمكن أن يلعبه في تشجيع الشباب على حب هذا الموروث تطرق الجابري إلى دوره في المجتمع المحيط به يقول : نشارك دائما في المناسبات الاجتماعية والوطنية ونقدم دعمنا للشباب في مناسبات الأعراس الاجتماعية وفي المناسبات الوطنية كاحتفالات البلاد بالعيد الوطني وغيرها من المناسبات ، وقد حظي المحل بإعجاب الجميع لما نقدمه من خدمات خاصة سواء للشباب المقبلين على الزواج أو في تجهيز المشاركين في مختلف المناسبات الاجتماعية وهذا واجب مجتمعي علينا تجاه أبناء هذا الوطن الغالي .

تعاقب الأجيال

وعن كيفية المحافظة على هذا الموروث الشعبي والتراث الأصيل يقول محمد الجابري انطلاقا من تجربته: البداية تكون كهواية ورغبة تنبع من داخل الشخص بعد ذلك تأتي مرحلة تنميتها وصقلها والإبداع فيها ويجب المحافظة عليها وعدم التفريط فيها واستغلال هذه الموروثات والمحافظة عليها لأنها تمثل لنا تاريخا وحضارة وفنا ولتكون حاضرة ومتواصلة من جيل إلى جيل في تعاقب أجيال جميل نؤكد من خلاله على عراقة هذا الوطن وتاريخه وتراثه.

أنواع الخناجر
و عن أنواع الخناجر التي تتواجد في محلاته الثلاث بولاية السويق يقول الجابري : تتواجد عندي الخناجر السعيدية والخناجر العمانية، فهناك الخناجر السعيدية التي تعود للأسرة المالكة في السلطنة ولها خصوصيتها ومميزاتها الخاصة بها وأصبحت محل إعجاب الكثير من الشباب ويسعون لاقتنائها والمشاركة بها في مختلف المناسبات الوطنية والاجتماعية وهناك الخناجر العمانية التي أيضا لها روادها والمهتمين في لبسها والظهور بها في مناسبات الوطنية، وتختلف في تفاصيل رأس الخنجر، فهناك رأس الزراف ورأس الصيفان والزراف الهندي والعاج بأنواعه العادي الهندي والأمريكي الحديث حاليا. وكذلك عاج الفيل الذي تصنع منه رؤوس الخناجر ويقبل الشباب أكثر على الخناجر السعيدية فهناك أكثر من 180 خنجرا سعيديا تم بيعه وتأجيره خلال أسبوع واحد.

على خطى الآباء
وعندما سألته عن تواجد ابنه معه في المحل وما يمثله هذا التواجد أكد الجابري على ضرورة تعليم الأبناء صنعة الآباء والأجداد. يقول: في كل محل يوجد أبنائي الخمسة، وهنا في هذا المحل يعمل معي ابني حسين وهو خريج جامعي ومن حبه لهذه المهنة أصبح اليوم يدير محلا بمفرده و أصبح لديه خبرة جيدة في هذا المجال وكان يشاهدني في البدايات وأصبح يعشق هذه الحرفة ولديه اليوم عملاء ومرتادين له وكذلك الحال مع باقي الأبناء وجميعهم خريجون من الجامعات.

المحافظة على الموروث
ويختم محمد الجابري صاحب محلات الجابري للخناجر برسالة أخيرة يقول فيها : لا بد لنا من المحافظة على هذا الموروث فهو كنز وثروة كبيرة وغالية وعلينا أن نقدمها للأبناء بطريقة تجعلهم يقبلون عليها دون أن يتذمروا منها لأنها أصبحت اليوم تمثل مصدر دخل جيد لمن يريد العمل بها، كما أتمنى من الجهات المعنية بالتراث والموروث الشعبي دعم هؤلاء الشباب خاصة المقبلين على هذه الحرف وتوجيههم للمحافظة عليها حتى نرى هناك تواصل وتعاقب للأجيال في حب هذه المهن العريقة والتي تمثل حضارة السلطنة وتاريخها العريق وحمايته من الاندثار ومن سرقته ونسبه لجهات أخرى تريد أن يكون لها تاريخ على حساب تاريخنا وموروثنا الشعبي الأصيل.