"ذنوب على الفاضي"

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٧/يناير/٢٠١٩ ٠٤:٤٩ ص
"ذنوب على الفاضي"

لميس ضيف

في الجمعة الماضية، وفي أحد متاجر التسوق الكبيرة في القرم والمتخمة بالعائلات، لمحت شابة جعلتني أقف مذهولة وأكذب عيني!
للوهلة الأولى بدا لي أنها تتجول بملابس داخلية. وعندما رأيتها مجددا في رواق آخر رأيت بأنها تكشف عن كل ساقيها ويديها وبطنها ولا تُغطى إلا النزر اليسير بقماش شفاف أيضا في شيء يشبه الثياب وما هو بثياب!
استفزني المشهد وأنا المدافعة الشرسة عن الحريات الشخصية. ببساطة لأني عشت ردحا من الزمن في دول غريبة ورأيت كيف يفرضون قيمهم على من يعيش معهم بلا هوادة! ولا يتساهل هؤلاء قيد أنملة مع من يخترق سياج عاداتهم التي حولوها لقوانين. أعرف عائلة يمينة في بريطانيا عانت الأمرين لما اكتشفت السلطات أنهم زوجوا أبنتهم، التي تحول أشهر ثلاثة بينها وبين سن الثامنة عشر! فقد حُبس الأب وتعرض للمحاكمة وحوكم الزوج أيضا البالغ من العمر 23 عاماً بتهمة الاعتداء على قاصر!
حصل ذلك في بلد يبدأ المراهقون فيه حياتهم الجنسية قبل البلوغ! ولا يستنكر المجتمع فيه العلاقات غير الشرعية ولكنهم ينتفضون –وبشدة- إن تزوجت فتاة في الثامنة عشرة برغبتها ورضاها. وعلى من يعيش في تلك الدول أن يحترم حدودهم التي لا تعد. إذ يتدخلون هناك حتى في صيام شهر رمضان؛ وتستدعي إدارات المدارس الثانوية والإعدادية أولياء الأمور وتتهمهم بمختلف الاتهامات إن اكتشفت أن أبناءهم المراهقين يصومون! وينقصون من علامتهم لأنهم لا يحضرون حصص السباحة! ولا يجد احد في كل ذلك بأسا؛ ولا تتكلم المنظمات الحقوقية على كل تلك الضغوطات ولا تعتبرها انتهاكات لحقوق أحد. وفي كل نقاش يُطرح من هذا النوع في برامجهم وأديباتهم يقال بوضوح "من لا تعجبه طريقة حياتنا وتفكيرنا.. عليه جديا أن يفكر بالعودة لبلاده وفعل ما يحلو له هناك" وأظن أن معهم كل الحق فهم أحرار في نطاقهم الجغرافي ولم يجبروا أحدا على العيش معهم قسرا.
في عود على البدء؛ ما نراه من استهتار بقيمنا من قبل بعض الأجانب؛ علما بأن تلك الشابة كانت آسيوية وليست أوروبية؛ يجب ان يقابل بنوع من الرفض من قبل القيمين على تلك المنشآت. فالقانون العماني واضح وصارم في التصدي لكل ما يعتبر خادشا للحياء. ومن سوء حظي، وحسن حظها، أن الموقف حصل على عجالة. ولكم كنت أود أن أتصل بالجهات المختصة وأبلغ عنها ولكني حدست بأنها لن تكون هناك عندما يأتون. وما أثار استيائي حقا، وبشدة، أن المسؤول عن مركز التسوق كان واقفا يرقبها كالصنم ولم يحرك ساكنا، ولم يقل لها إن اللباس المحتشم من قوانين المحل والبلاد! رغم انه سمع همسات الناس الرافضة إلا أن ذلك لم يزده إلا تجاهلا وجموداً!
نافلة القول أن هامش ممارسة المعتقدات والحريات في دولنا أعرض من ذاك الموجود في الخارج. ولكن ذلك لا يعني بأي حال أننا بلا هوية ولا مبادئ. وعلى كل ذي مسؤولية أن يحترم حق العائلات في تجنب تلك المشاهد المقززة. وأصفها بالمقززة إذ لم يكن منظر الشابة مغريا أو جميلا _ كما تخيلت وهي تتخايل بشورتها القصير – وهو ما يُصنف تحت بند "ذنوب على الفاضي" بالتأكيد.