من طبيب جراحة إلى نجار

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢١/يناير/٢٠١٩ ٠٢:٤٦ ص
من طبيب جراحة إلى نجار

أحمد جبر

تحوّل شاهر ماجد من جراحة العظام إلى حرفة النجارة ليؤسس شركته «جزورين»، التي تصنع قطع الأثاث الفريدة باستخدام الأخشاب الطافية. وتُباع منتجاته المميزة والنابضة بالألوان وتُعرض الآن في بعض من أشهر المعارض الفنية في جميع أنحاء مصر.

وصف ماجد قراره بترك مهنة الطب قائلًا: «أعتقد أنه كان أفضل قرار اتخذته في حياتي، رغم أنه لم يكن سهلًا».

وُلد ماجد، الذي يبلغ من العمر 42 عامًا، لعائلة من الأطباء ونشأ بالقرب من شاطئ العجمي بمدينة الإسكندرية الساحلية في مصر. واتباعًا للتقاليد، درس ماجد الطب بجامعة الإسكندرية وتخصص في طب العظام. ولكن بينما كان والده طبيبًا، كانت لديه هواية أخرى، وهي الهواية التي ورثها ماجد عنه أيضًا.
وقال ماجد: «نشأت متعلقًا بالطبيعة وجمالها ونقاوتها». وعندما كان طفلًا، بدأ ماجد في صنع أعمال فنية من الخشب باستخدام القطع المتبقية من ورشة أبيه.
وأضاف ماجد قائلًا: «كنت أصنع قطعًا صغيرةً وأنا طفل وأصبحت الأمور أكثر تعقيدًا بمرور الوقت».
لكن هوايته لم تصبح أكثر جدية إلا عندما عاد عام 2004 من إنجلترا، حيث قضى عامين للتدريب في تخصصه الطبي، ليتحول إلى صنع قطع خشبية أكثر تعقيدًا مثل الأثاث.
ودفعته هذه الهواية إلى تأسيس شركة، وفي عام 2012 أسس ماجد شركة «جزورين» كعلامة تجارية لبيع الأثاث الأخضر (الأثاث المصنوع من مواد صديقة للبيئة)، حيث يبيع الأثاث الخشبي المصنوع يدويًا باستخدام الأخشاب الطافية والمستصلحة. ومن خلال شركته الصغيرة، يقدم ماجد العديد من المنتجات الخشبية، بما فيها الأرائك والمقاعد والكراسي بمختلف أنواعها وطاولات القهوة والطعام، بالإضافة إلى المشغولات الخشبية الأخرى المصنوعة حسب الطلب.
وتختلف الأخشاب الطافية كمادة خام تمامًا عن ألواح الخشب الخام في السوق العادية. يستخدم ماجد الخشب الذي تلقيه أمواج البحر على الشواطئ، وهو الخشب الذي يأتي في الغالب من القوارب القديمة وحطام السفن. وفي حين أن عملية تصنيعها أكثر صعوبة، تتمتع الأخشاب الطافية بميزة عن ألواح الخشب العادية في كونها أكثر تحملًا ومقاومة للحشرات.
بعيدًا عن الطب
وفي حين أنه كان يعمل بدوام كامل في شركته الناشئة خلال السنوات الخمس الفائتة، فإن خلفية ماجد كجراح عظام ساعدته بلا شك في تصميماته.
وأوضح ماجد قائلًا: «تُعد الكراسي أكثر صعوبة في تصميمها وصنعها؛ لأنها يجب أن تبدو بشكل جيد وأن تكون مريحة ومناسبة هندسيًا لوضع الجلوس الصحيح».
تُعد «جزورين» شركة صغيرة، ويبدو أن ماجد مقتنع بإبقائها على هذا الحال في الوقت الحالي، إذ وصف شركته القائمة على موظف واحد قائلًا: «إنها أشبه بورشة فنان. أنا أعمل بنفسي، والأمر أشبه بعرض الرجل الواحد». وبالفعل يدير ماجد العرض كاملًا بنفسه، إذ يعمل بنفسه على جمع الخشب وفرزه وتخزينه وتصميمه وصنعه، ثم التسويق والإعلان عن منتجاته.
ويعتقد ماجد أنه بهذه الطريقة يمكنه الحفاظ على جودة المنتجات التي يصنعها. وأوضح ماجد قائلًا: «أنظر إلى مشروع جزورين بأكمله كمشروع فني. يقتصر الإنتاج على 11-15 قطعة فقط في العام، ويبلغ متوسط مدة كل مشروع نحو شهر».
يحد ماجد أيضًا من إسهاماته في المعارض الفنية إلى معرض أو اثنين كل عام لتخفيف الضغط والإجهاد عنه، وللسماح بتدفق العملية الفنية بشكل طبيعي.
وقال ماجد: «عادةً ما أبيع معظم القطع خلال معارضي، وعادةً ما أعرض من 8 إلى 10 قطع بأحجام مختلفة في كل معرض».
وبالتأكيد، يُعد عملاء «جزورين» المستهدفون أشخاصًا لديهم ذوق خاص في الفن ويقدّرون المشغولات الخشبية. يجب عليهم أيضًا أن يكونوا قادرين على شراء قطع أثاث فريدة مصنوعة يدويًا من الأخشاب الطافية، وخضعت لعملية طويلة ومرهقة من الترميم والمعالجة.
وللمضي قدمًا، يريد ماجد إتقان عمله في المزيد من الجوانب.
واختتم ماجد حديثه قائلًا: «أريد أن أصبح خبيرًا في ما أفعله. أتمنى أيضًا أن أتمكن من عرض أعمالي دوليًا، وأن يرى العالم أن الأثاث عالي الجودة والمصنوع من الأخشاب الطافية يُنتج في مصر وفقًا لأعلى المعايير».

كاتب وصحفي