نحو رؤية واضحة لتعزيز وسائل إعلامنا الخاصة..

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٢/يناير/٢٠١٩ ٠٠:٤٠ ص
نحو رؤية واضحة لتعزيز وسائل إعلامنا الخاصة..

علي بن راشد المطاعني
لا أعرف إلى متى تغض الجهات المختصة الطرف عن قضية تمكين وسائل الإعلام الجماهيرية الخاصة والصحف والمجلات المحلية على رأس القائمة بطبيعة الحال، وذلك في ضوء الظروف الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها هذه المؤسسات في ظل الأزمة الراهنة مع التراجع الحاد للدخل الإعلاني والتقشف الشديد في الاشتراكات بالصحف من جانب الجهات الحكومية.
ولقد سبق وأن كتبنا في فترات فائتة عن هذا الواقع محذرين من الانهيار الوشيك لهذه المكونات الإعلامية الحيوية للوطن وللمواطن واحدة تلو الأخرى، ما يعني خسارة الدولة لمنابر إعلامية مساندة كانت ولا تزال صامدة في كل الظروف والمقتضيات، وقد أثبتت جدواها وحيويتها طوال سنوات النهضة المباركة مؤيدة لكل توجهات الدولة، ومعززة للتنمية مفهوماً وعملاً وإنجازاً على الأرض وعلى طول البلاد وعرضها وموجهة لبرامج التوعية والإرشاد للمواطنين ومتصدية لكل ما يسعى للنيل من تراب الوطن ومن وحدته الوطنية التي تعد الخط الأحمر الذي دافعت عنه هذه الوسائل وببسالة منعا لأي محاولات من الأعادي لاجتيازه والرد على الشائعات في زمن التواصل الاجتماعي، وقد نجحت في ذلك بامتياز لأنه جزء من مسؤوليتها الوطنية وأمانتها، وها هي السلطنة ترفل في نعيم الأمن كفضل من الله عز وجل يوجب الشكر آناء الليل وأطراف النهار، فهي وعندما فعلت ذلك فقد كانت تقوم بواجبها الذي لا تروم منه جزاء ولا شكورا.
لا يمكننا اعتبار أن المهمة انتهت بل يمكننا القول في هذه اللحظة إنها قد بدأت من جديد في ضوء المستجدات الإعلامية أو لنقل ثورة المعلوماتية التي تعصف بكوكبنا بعد أن سيطرت الوسائط الجديدة والإعلام الجديد المحمول فوق السحاب والقادر على اجتياز الحدود بسهولة أكبر والدخول إلى الغرف والمخادع بغير استئذان، وأغلب أنواع هذا الجديد يمكن تصنيفه بالضار والخطير والمراوغ، وفي هكذا حال إن لم نوجد وسائل إعلامية قادرة وفاعلة ومتماسكة وصلدة فإنه سيفلح في بذر بذور الفتنة والشقاق على ثرى هذه الأرض الطيبة التي لا تنبت إلا طيبا.
عليه فإنه من باب أولى وفي سبيل استنهاض حواس الحيطة والحذر في المرحلة القادمة، وهي مراحل أخطر بكثير من المراحل التي اجتزناها قبلا بنجاح، لابد من تقوية حوائط الصد الإعلامية المحلية لتغدو قادرة على التعامل بإيجابية وفاعلية مع الهجمات الجديدة ورد الهجمات بأخرى مضادة ساحقة بما يكفي.
فإي انهيار أو تراجع أو ضعف محتمل لصحفنا المحلية ووسائل إعلامنا الخاصة يعني إتاحة الفرصة لأولئك للعربدة في سماواتنا الصافية ونشر سحب الكدر بغير استئذان في قرانا ومدننا ومحافظاتنا وولاياتنا، لذلك ولكل ذلك فإن دعم حوائط الصد الإعلامية العُمانية الخاصة في المرحلة القادمة أمسى اليوم فرض عين لا فرض كفاية.
ليست الحكومة وحدها معنية بالأمر بالتأكيد، هناك شركاتنا الكبيرة وهي معروفة للجميع ومعنية أيضا بهذه القضية، فمن المنتظر منها أن تشارك الحكومة في مد يد المساندة للصحف ولوسائل الإعلام الخاصة في هذه الظروف الاستثنائية ومن خلال حملة تنتظم أروقة هذه الشركات والمؤسسات ويتم تنظيمها على الفور باعتبار أن الواقع لا يحتمل أي ترو أو تمهل أو انتظار، فالمسألة باتت واضحة تماما وتنحصر في أن نكون أو لا نكون.
وإذا ما ألقينا نظرة على محيطنا القريب، فإننا نجد بأن قناة الجزيرة القطرية وهي علم في رأسه نار كما نعلم، حققت هذا الصيت ليس بدعم الحكومة فقط وإنما هي وواقعيا تقوم على اكتاف الشركات والمؤسسات القطرية الخاصة لندرك بعدها تأثير الإعلام وقوته وما هي النتائج الإيجابية المتوقعة منه عندما تتوحد شركات القطاع الخاص الكبيرة على وجه الخصوص في تحمل مسؤولية دعم المؤسسات الإعلامية الوطنية.
لنا أن نصدق بأن هناك شركات عُمانية كبيرة تنفق ما بين مليون إلى مليوني ريال على إعلانات إلكترونية لها في مواقع أمريكية كجوجل وفيسبوك، فماذا يضيرها لو خصصت ما بين 10 ـ 15% من هذا المبلغ لدعم المواقع الإلكترونية للصحف والمجلات العُمانية لاسيما وأنها تنشر هذه الخدمات بالمجان وهذا يفاقم حكما من ضائقتها المالية لضيق ذات اليد، وبالمنطق فقد آن الأوان لسن قانون خاص بتنظيم الإعلان وحماية الاقتصاد الوطني من شرور العولمة.
نأمل أن نرى يوم غد وليس بعده بداية إعادة النظر من الحكومة والجهات المختصة في تعزيز الصحف ووسائل الإعلام الخاصة، فالبلاد في حاجة ماسة لبقائها قوية وقادرة على التصدي لكل المهددات المقبلة والمحتملة، فالصراع اليوم وفي هذا العصر إعلامي إلكتروني صرف، ولسنا أقل من أن نكون على أهبة الاستعداد.