250 ألف شركة ليس فيها مواطن يعمل

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٣/فبراير/٢٠١٩ ٠٠:٠٣ ص
250 ألف شركة ليس فيها مواطن يعمل

علي بن راشد المطاعني
الإحصائيات الخاصة بالتامينات الاجتماعية تشير إلى أن 16 الف شركة تقريبا مسجلة في التأمينات الاجتماعية يعمل بها مواطنون، من مجموع ما يقارب الـ 270 الف شركة مسجلة في الجهات الرسمية كشركات لها سجلات تجارية، أي أن أكثر من 250 الف او 200 الف شركة مسجلة ليس بها مواطن عماني واحد يعمل فيها، في مفارقة غريبة تثير العديد من التساؤلات وتطرح الكثير من علامات الاستفهام.. إلى متى سيكون هذا التسيب في تحمل المسؤوليات و كيف لهذه الشركات أن تعمل بدون أدنى التزامات وطنية في ظل هذه الأزمة التي تعيشها البلاد في البحث عن عمل لابنائها، و يصدق فينا القول نبحث عن الحلول و الحل بين أيدينا. الأمر الذي يتطلب وقف ترخيص عمل هذه الشركات و ضبطها لكي تستقيم الأمور فهذا الخلل كبير لا يمكن السكوت عليه.
لاشك أن الأرقام لدى الجهات الرسمية واضحة بالتامينات الاجتماعية التي يمكن من خلالها أن نعرف بحدود الدقة عن العمانيين المسجلين فيها و عدد الشركات المؤمنة النشطة، وفق هذه الإحصائيات و مقارنتها مع الشركات المسجلة و المعلن عنها أو حتى قريبا من هذه الأرقام إذا جاز لنا القول ، يتضح لنا ان المقارنة مازالت شاسعة جدا، لا يمكن لعاقل أن يصدقها و يسأل نفسه أين الجهات المختصة من هذه الشركات التي تعبث في السوق بدون حسيب و لا رقيب للأسف، في الأسبوع الماضي صادفت مهندسا أجنبيا حديث التخرج سألته عن الشركة التي يعمل بها و أفاد بشركة ( س) و سألته عن المزايا فقال تقريبا 1000 ريال مع سكن و سيارة، فلا أعرف كيف لمثل هذه الشركات أن يسمح لها باستقدام عمال في مهنة الهندسة في حين أن لدينا أكثر من 5000 مهندس باحثين عن عمل، وهذا المهندس لم تطلب منه خبرة كما يطلب من أبنائنا ولا يقدم لامتحانات مثلما تفرض على شبابنا أو مقابلات لكي يميز بينه و بين الاخرين، و انما منح تأشيرة وهو في بيته للأسف، كأننا نبحث عن وظائف للوافدين في بيتوهم في حين أن أبناءنا يعانون من مرارة البحث وذل التوسل للشركات و اربابها.
لا اعرف كيف يبرر البعض عدم وجود عمل لابنائنا بضعف الاقتصاد في حين يستقدم عمالة أجنبية و يمنحهم هذه الامتيازات التي يتمنى المواطن ان يحصل عليها ، اي عدالة و اي نظام في هذه البلاد و اي منطق قد نواجه به أبناءنا في مثل هذه الظروف و على ضوء هذه الممارسات التي يبدو هي المرض بعينه أكثر من ذات المشكلة التي لا وجود لها في ظل حقيقة تواجد 1.800 مليون عامل في شركاتنا .
ان هناك إشكاليات كبيرة على ما اعتقد في إدارة هذه الملفات تحتاج للمزيد من الحزم و القرار و عدم التراجع في القرارات و عدم الاستسلام لضغوط من بعض المتنفذين الذين لن يُجدوا نفعا في الحالات الصعبة كما يقال.
ان توالي أزمات الباحثين عن عمل و البحث عن حلول لها بانشاء هياكل الواحد تلو الآخر لن تحل المشكلة أكثر من الحزم في التنفيذ قرارات و تطبيقها بحذافيرها و عدم التساهل مع البعض بدواع واهية.
بالطبع نقدر 16000 شركة التي يعمل بها 250 الف مواطن تقريبا في القطاع الخاص و لكن نسأل أين البقية ولماذا تسرح هذه الشركات في السوق بدون اي التزامات و على من تقع المسؤولية في هذا الشأن تساؤلات يتطلب الإجابة عليها بصدق لكي نبدأ الخطوة الآخرى.
نأمل التحقيق في كيف ما يقارب من 250 الف شركة ليس بها مواطن عماني واحد لكي نعرف أين الخلل في هذا المسار المهم في الاقتصاد والتنمية التي لا تكتمل أركانها إلا باستيعاب أبنائنا.