هل براءة الذمة المالية حبر على ورق!

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٤/فبراير/٢٠١٩ ١١:٤٣ ص
هل براءة الذمة المالية حبر على ورق!

علي بن راشد المطاعني
على الرغم من صدور قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح منذ عام 2011، وما يتضمنه من جوانب مهمة في إطار الحد من تضارب المصالح وتقديم براءة الذمة المالية للمسؤولين الحكوميين على اختلاف مستوياتهم في الجهاز الحكومي ومجلس عُمان وكل الشركات المملوكة للحكومة وتلك التي تساهم فيها بنسبة 40 %، إلا أننا لا نعرف المدى الذي وصل إليه تطبيق هذا القانون على أرض الواقع، ففي الكثير من الجهات الحكومية والجهات التشريعية ليس هناك ما يشير لتطبيقه، كما لم يُعلن عن الأعداد التي قدمت براءات الذمة المالية، وأيضا لا يُعلن عن حالات الضبط التي خالفت ما نص عليه القانون للأسف، الأمر الذي يبعث على القلق من أن القوانين تصدر ولا تطبق لذا يبقى البعض منها حبرا على ورق كما يقال.

لا شك أن قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح الجديد الذي ألغى القانون رقم 39/‏‏82 يعد من أهم القوانين على الإطلاق في البلاد‏ فهو الذي يوفر الحماية القانونية اللازمة للأموال العامة وتجنب تضارب المصالح الخاصة، إلا أن مثل هذه القوانين ظلت بمنأى عن التطبيق على ما يبدو لنا من عدم الاعلان عن ضبط أو تطبيق لبعض بنود القانون من جهة الاختصاص، ما يضع العديد من علامات الاستفهام حيال أمر يهم الوطن بأسره.
ولعل من أهم المواد التي تضمنها القانون، المادة 12 التي نصت على أنه: (يلتزم المسؤول الحكومي بتقديم إقرار بذمته المالية إلى جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة وفقا للنموذج الذي يعده لهذا الغرض يتضمن بيانا بجميع الأموال المنقولة والعقارية المملوكة له ولأزواجه وأولاده القصر ومصدر هذه الملكية وذلك بناء على طلب رئيس جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة كلما استدعت الضرورة ذلك وتكون هذه الإقرارات سرية ولا يجوز الإطلاع عليها إلا بموافقة رئيس الجهاز).
إلا أن الكثير من المسؤولين وحتى من مجلس عُمان لم نسمع بأنهم قد فعلوا ذلك وفقا لما نص عليه تعريف المسؤول الحكومي، كما لم نلحظ أيضا بأن أعضاء من مجلسي الدولة والشورى فعلوا ذلك، إلا رئيس اللجنة القانونية بمجلس الشورى الذي قدم البراءة المالية في عام 2016م في احدى الجلسات العلنية على الرغم من ان مجلس الشورى صادق على براءة الذمة المالية، فاعضاء الشورى على سبيل المثال يجب ان يقدموا نموذجا يحتذى به في هذا الشأن وغيره ويقدموا على مثل هذه الخطوة أمام العامة لكي يثبتوا للآخرين بانهم نموذج في النزاهة اللازمة التي تظهر كم عدد الاعضاء الذين قدموا براءة الذمة المالية.
وبما أنه لا يوجد اعلان لمثل هذه الاطر ومراقبة تنفيذها من عدمه، فمن الطبيعي أن لا نسمع عن حالات ضبط لممارسات خاطئة انتهكت ما ورد في هذا القانون.
بالطبع جميعنا يعلم بأن النفس الإنسانية أمارة بالسوء إلا ما رحم، وأنها وعندما تجمح وتنطلق من عقالها كريح عاصف فليس هناك من يوقفها غير قوة القانون، ومن هذا المنطلق الوطني الصرف لا بد من أن نحمي المال العام والمجتمع عبر وقوفنا جميعا داخل دائرة القانون لا خارجها، إضافة لوضع الرأي العام في الصورة وهي صورة من المفترض بأنها أصلا يجب ان تكون شفافة بما يكفي لتعزيز الثقة في الاجهزة الحكومية ومسؤوليها.
نأمل صادقين أن نطبق القوانين بحذافيرها وإيجاد الجهات والآليات التي تراقب عملية التنفيذ على نحو يومي ولحظي، ومن قبل ذلك على الكل تقديم براءة الذمة واجبة التقديم بنص القانون لكل المسؤولين والبرلمانيين لكي نفصح على الاقل بين ما قبل المسؤولية وبعدها، وإظهار ذلك للرأي العام.