الدروع البشرية

الحدث الثلاثاء ٠٥/فبراير/٢٠١٩ ٠٤:٢٨ ص
الدروع البشرية

الباغوز-سوريا-أ ف ب:

على سطح مبنى في بلدة الباغوز التي تشكل خط الجبهة الرئيسية في شرق سوريا، يحتسي المقاتل محمد إبراهيم محمد ورفاقه في قوات سوريا الديموقراطية الشاي، منتظرين، كما يقولون، أوامر للتقدم نحو آخر نقاط تنظيم داعش.

ويروي هؤلاء أنه منذ أسبوع تقريباً، توقف هجومهم البري ضد اخر منطقة للتنظيم، جراء لجوئه أكثر فأكثر إلى «استخدام المدنيين كدروع بشرية» لعرقلة تقدمهم.
في البلدة التي تسيطر قوات سوريا الديموقراطية على الجزء الأكبر منها، يشير المقاتل محمد (22 عاماً)، مرتدياً بزته العسكرية وإلى جانبه سلاحه، الى ساتر ترابي قرب المبنى يفصل مواقع سيطرة قواته عن مقاتلي داعش.
ويشرح الشاب المتحدر من بلدة هجين وانضم إلى قوات سوريا الديموقراطية قبل خمسة أشهر فقط، «منذ وصولنا إلى تلك النقطة قبل ستة أيام تقريباً لم نتقدم». ويضيف الشاب ذو الشعر البني «توقف القتال بانتظار خروج من تبقى من المدنيين».
على بعد عشرات الأمتار في الجهة المقابلة، يمكن رؤية شاحنات بيضاء وسيارات ودراجات نارية، يقودها مقاتلون من التنظيم المتشدد. كما تظهر من بعيد خيم بيضاء قربها نساء منقبات.
يشير محمد أيضاً إلى المنطقة أمامه قائلاً «هذه كلها بيوت للدواعش»، ثم يشير إلى أشجار نخيل حيث «نرى أحياناً نساء يأتين إلى أشجار النخيل تلك ويأخذن الأخشاب». على جانبي الطريق في بلدة الباغوز، التي تقدمت قوات سوريا الديموقراطية إليها قبل نحو أسبوعين، تنتشر هياكل سيارات محترقة بين أبنية تدمر بعضها بالكامل.
ويطل من بعض الأبنية الصامدة مقاتلون من قوات سوريا الديموقراطية، يقف بعضهم على الشرفات والبعض الآخر على أسطح الأبنية. يشعل عدد منهم النار للتدفئة، يتبادلون الأحاديث وينفثون دخان سجائرهم، يشربون الشاي ويأكلون الفاكهة. على إحدى الشرفات، يراقب أحد المقاتلين عبر منظار تحرك عناصر تنظيم داعش على بعد عشرات الأمتار.
ومع توسيع قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية لهجماتها خلال الأسابيع الأخيرة ضد التنظيم، فر الآلاف من المدنيين من نقاط سيطرة الأخير.
وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان خروج أكثر من 36 ألف شخص من آخر مناطق سيطرة التنظيم منذ مطلع ديسمبر، وغالبيتهم نساء وأطفال من عائلات مقاتلي داعش، وضمنهم نحو 3100 عنصر من التنظيم.

مدنيون في الخطوط الأمامية
وبعدما كان مئات الأشخاص يخرجون يومياً منذ مطلع الشهر الفائت، انخفض عدد الوافدين إلى مواقع قوات سوريا الديموقراطية في الأيام الأخيرة، رغم تأكيد عدد من الخارجين الجدد أنه لا يزال هناك العديد من المدنيين والمقاتلين الأجانب داخل المنطقة المحاصرة.

ويروي عدد من المقاتلين أن حالة من الهدوء تسيطر على خطوط الجبهة منذ نحو أسبوع، يقطعها بين الحين والآخر صوت إطلاق نار متقطع أو دوي ضربات لطائرات التحالف الدولي أو المدفعية على الخطوط الخلفية للتنظيم.
في قرية الشعفة المجاورة، يؤكد المتحدث باسم حملة قوات سوريا الديموقراطية في دير الزور عدنان عفرين، أن التقدم الميداني متوقف في الوقت الراهن حفاظاً على حياة المدنيين، مع «استمرار الضربات الجوية من الطائرات والمدفعية» ضد مواقع التنظيم.
ويشرح: «يستخدم داعش المدنيين دروعاً بشرية ليعرقل تقدمنا». ويوضح أن القصف الجوي والمدفعي يطال «الخطوط الخلفية للجبهة، حيث يتمركز الدواعش» في حين «يضعون المدنيين على الخطوط الأمامية وهو ما يمنع تقدمنا».
وبين المدنيين، وفق قوله، من أجبرهم التنظيم على البقاء واتخذ منهم دروعاً بشرية، وبينهم أفراد من عائلات مقاتلي داعش أنفسهم.
ولطالما لجأ التنظيم على جبهات عدة إلى استخدام المدنيين كدروع بشرية، بهدف عرقلة تقدم خصومه لدى تضييقهم الخناق على آخر معاقله. كما يزرع خلفه الألغام والمفخخات لمنع المدنيين من الخروج ولإيقاع خسائر في صفوف خصومه.
ويقول عفرين «نبحث كقوات عسكرية عن ثغرة لئلا يصاب المدنيون بأذى ولنفتح لهم ممرات آمنة للخروج».
ميدانيا، يفضل قياديو قوات سوريا الديموقراطية عدم تحديد مهلة زمنية لانتهاء المعركة ضد التنظيم، ويغلقون الباب بوجه أي مفاوضات معه لإنهاء المعركة. ويختم عفرين جازما «لا تفاوض مع الإرهاب».

إصرار ترمب

لازال الرئيس الاميركي دونالد ترامب يؤكد انه يريد سحب القوات الاميركية من سوريا واكد الرئيس الاميركي أن الجنود الالفين المنتشرين في سوريا للتصدي لتنظيم داعش «بدأوا» مغادرة البلاد تنفيذا للقرار الذي اعلنه في ديسمبر. واضاف «حين نستعيد السيطرة على ما تبقى من أرض «الخلافة»، سينضمون الى قاعدتنا في العراق، وفي النهاية سيعودون الى الوطن».
وأورد «لقد سيطرنا حاليا على 99 في المئة» من المناطق التي سبق ان احتلها مقاتلي داعش، و»سنعلن قريبا السيطرة على مئة في المئة من أرض «الخلافة».
وبعدما اعلنت الاستخبارات الاميركية ان تنظيم داعش لا يزال يضم آلافا من المقاتلين، لاحظ ترامب انه «لا تزال هناك جيوب» مقاومة.
وتدارك «لكننا لن نبقي جيوشا على الارض بسبب حفنة من الافراد».
واضاف «سنعود إذا كان ذلك ضروريا، يمكننا العودة سريعا جدا»، مكررا «نحن لا نغادر، لدينا قاعدة في العراق» ستستخدمها واشنطن لمواصلة «ضرب» الجهاديين في موازاة انسحاب «بطيء» من سوريا.