أسواق مبعثرة

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٧/فبراير/٢٠١٩ ٠٥:٠٥ ص
أسواق مبعثرة

علي بن راشد المطاعني
ليس لدينا في السلطنة أسواق عامة أو شعبية ذات مستوى رائع، فهناك أسواق مبعثرة وغير متكاملة للاسف، إذ لاتوجد بها (كل) المستلزمات اليومية التي يحتاجها المستهلك كالأسماك واللحوم والدواجن والخضروات والفواكه، فكل هذه الضروريات لا تجدها في مكان واحد لا في محافظة مسقط ولا في الولايات، هو واقع يبعث على الدهشة وفي ظل التقدم الحضاري الكبير الذي انتظم البلاد من أقصاها إلى أدناها.
لنسأل أنفسنا ما بال أسواقنا ظلت بمنأى عن كل زخم التطور والتقدم الذي لامس كل مفاصل الحياة في البلاد، وبقدر لانجد فيه سوقا متكاملا ولائقا ويلبي كل متطلبات الأسرة وتحت سقف واحد، التطلع ما فتئ يهفو ويصبو لسوق ينهض بملكات الارتياح بمجرد التجول وقبل التسوق فيه، سوق يمكن وصفه بأنه عالي المستوى وراق ويستحق تكبد مشاق الحضور إليه، سوق نرى فيه أصالة الأسواق التي عرفت في السلطنة منذ القدم.
فالأسواق الموجودة حاليا تفتقر لأدنى مواصفات الأسواق سواء في التصاميم أو في توزيعات المنصات بها، ومستوى النظافة وتصريف المياه فيها، وغير ذلك من البديهيات الضرورية في الأسواق.
فاليوم تجد أسواقا للأسماك في مكان، واللحوم والدواجن في مكان آخر، والخضروات والفواكه في مكان بمحلات الهايبر، والمتسوق اليومي عليه أن يذهب إلى أربع أسواق على أقل تقدير ليتمكن من تجميع كل احتياجاته وما يعنيه ذلك من تكبد لمشاق تستقطع زمنا غاليا عليه.
اما الأسواق في الدول القريبة والبعيدة فنجدها أشبه بالمزارات السياحية لتكاملها وجمالها وروعة تصاميمها، والمساحات المكانية المريحة وطرق العرض الجذابة والمتناسقة عبر أشكال تسر الناظرين وتدفعهم دفعا للإقبال على السلعة حتى وإن لم تكن في قائمة الشراء.
الاسواق العامة تعد في عالم اليوم بالفعل مزارات سياحية يطلع السائح والزائر من خلالها على المنتجات الوطنية، إضافة للمستلزمات الضروية كلها لابعضها بالطبع، ومن خلالها يقف الزوار على تقاليد الشعوب وثقافتهم، وأيضا الإطلاع على الإرث التاريخي للأسواق وغيرها من الجوانب المشرقة التي تتميز بها الأوطان ومن ثم الأسواق.
فاليوم نجد الأسواق على خرائط المعالم السياحية في العديد من الدول وتتصدر المواقع الإلكترونية السياحية والتعريفية بالدول، لقدرتها على شد وجذب الزوار من كل فجاج الأرض، فالمتسوق والسائح عندما يذهب للسوق بمستواه الرائع فهو في الواقع يكون قد عقد العزم بدءا للذهاب للتنزه والفسحة وللاطلاع على الجديد والمثير الذي يستحق بذل المال لاقتنائه، غير أننا وميدانيا لا نزال بعيدين عن هذا الجانب بكل تجلياته الجمالية والاقتصادية.
وعلى ضوء ذلك فعلى أجهزة البلديات أن تتفق على نمط واحد في الأسواق يتحقق فيها التكامل بمعناه المطلق، بحيث يخرج المتسوق منه إلى المنزل مباشرة دون أن يفكر في الانعطاف لمكان آخر لاستكمال النواقص.
بالطبع هناك بعض الأسواق القديمة نجد فيها بعض التكامل المنشود مثل السوق البلدي بصلالة، غير أن حالة السوق من ناحية عامة ليست بالمستوى المطلوب، فهو بحاجة لإعادة تخطيط حتى يتسنى له انتزاع الأهات من الصدور شوقا للقياه والاحتماء برونقه.
نأمل أن يُعاد النظر في كل الأسواق في السلطنة من حيث تكاملها وتصميمها واتساعها ورحابتها ونطافتها قبل كل شيء، فهي تمثل عنوانا للوطن لو تعلمون.