أين الغناء العُماني؟

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٣/فبراير/٢٠١٩ ٠٥:٣٠ ص
أين الغناء العُماني؟

علي بن راشد المطاعني
ali.matani2@gmail.com

لم تحظ الفنون والموسيقى باهتمام في المنطقة العربية مثلما حظيت به في السلطنة منذ بواكير النهضة المباركة بفضل إدراك حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله - لأهمية الفنون في حياة الأمم والشعوب كإرث من المورثات العُمانية ومكون ثقافي يعكس حضارة وعراقة الشعوب وتراثها ويعبر عن ثقافتها ويجسد مدلولات كـــــثيرة عن عراقة وأصالة الشعب العُماني ‏و تواصله مع الحضارات العالمية.
إلا أن هذا الاهتمام الكبير لم يفرز من الفنانين والمطربين العُمانيين على مستوى المنطقة إلا القلة، بل إن المطرب أو الموسيقي العُماني لم يخرج للأسف خارج الحدود كغيره من الفنانين، ونحسب أن ذلك كله مرده لعدم وجود من يرعى الفنانين ويدعم جهودهم الذاتية في بناء منظومة للطرب العُماني المستمد من إرث غنائي كبير وغني وغير قابل للنضوب، الأمر الذي يتـــــطلب من الجهات المختصة مراجعة هذا الجانب بشكل جذري للوقوف على مكامن العلة والخطأ فيه.
لاشك أن الاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة بالفنون الموسيقية في السلطنة على اختلافها‏ أسهم في الحفاظ على الفنون الموسيقية التقليدية من خلال مركز عُمان للموسيقى التقليدية الذي يعد كنزا للفنون في السلطنة ويضم بين ثناياه عشرات الألوف من أفرع الفنون الموسيقية العُمانية الموثقة وفرقة موسيقية مختصه تضم مطربين وعازفين متمكنين من أداء فنون الموسيقى العمانية، وقد انشأ جلالته فرقا موسيقية تقليدية وفرقة الأوركسترا السلطانية اللتين تعدان حاليا من أفضل الفرق الموسيقية في العالم، وتوج الاهتمام بالفنون بإنشاء دار الأوبرا السلطانية التي تعد مفخرة لدور الأوبرا في العالم، وآخر الغيث كان دار الفنون لتعزيز ماهية الفن وتأكيد التواصل مع العالم في هذا المجال.
إلا إنه وفي مقابل هذا الزخم الفني لم يتم استلهام الطريقة المثلى لإيجاد جيل ممتد ومتواصل من الموسيقيين العمانيين من المطربين والعازفين والملحنين وذلك لضعف الاهتمام بهذه الاختصاصات الحيوية، إذ كل ما نشاهده ونراه لم يتجاوز إنشاء مسابقات ومهرجانات، لم تلبث أن تذبل ثم يطويها التراب، بالإضافة إلى قلة الدعم وانعدام مراكز الصقل والتدريب والمعاهد والكليات العلمية المتخصصة التي تدرس أبجديات وأصول الغناء والموسيقى التي أضحت اليوم علما ككل العلوم لها كليات وجامعات وأساتذة وعلماء.
لا تخفى حقيقة أن الفن هو رسالة يحملها الفنان وبها وعبرها يتحدث عن وطنه وبلاده، بل هو سفير للأغنية وناطق باسم الفن في بلاده، ومؤلم أن لا يجد على الساحة العُمانية الاهتمام والدعم المطلوب من يسعى للقيام بهذه المهمة الجليلة في أهدافها وغاياتها النبيلة.
ونتيجة لضآلة الاهتمام وقلة الرعاية للفن والمطرب العُماني لم نجد من يحيي ليلة في دار الأوبرا السلطانية، وكذلك دار الفنون الموسيقية، لنضطر لتوجيه الدعوة لفنانين من الخارج لإحياء سهرات وأمسيات، يفترض أن الذي يحييها مطربون وموسيقيون عُمانيون ليعبروا عن هويتنا الوطنية.
لا ننكر وجود اهتمامات خجولة ومحاولات بسيطة لم تتبلور على نطاق واسع ولم تكن ممنهجة بشكل علمي وصحيح، فما لبثت أن تلاشت كأمر طبيعي ومنطقي.
نأمل أن تكون الرسالة قد وصلت للجهات المعنية بكل جوانبها القاسية الوقع، ليتم بعدها الالـــــتفات لهـــــذا الجانب، إذ لا يمكننا أن نتصور بأن السلطنة وبكل صيتها العالمي وبحضارتها وفنونها العريقة لا يوجد بها مطربون وموسيقيون عُمانيون وبذات القامة، هو أمر لا يصدق.