متى نمنع التدخين في الحدائق!

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٤/فبراير/٢٠١٩ ٠٥:٢٠ ص
متى نمنع التدخين في الحدائق!

علي بن راشد المطاعني​
ali.matani2@gmail.com
الشواطئ والحدائق والمتنزهات هي في الواقع ممتلكات عامة مثلها مثل الجهات الحكومية والمستشفيات والمدارس وغيرها من مؤسسات الدولة وتحظى جميعها بالرعاية والاهتمام والمحافظة عليها من كل ما يمسها بسوء، وبما أن الحدائق هي كذلك فيجب أن يُمنع فيها تدخين السجائر والشيشة باعتبارهما من العوامل الأساسية في المساس السلبي بصحة الإنسان، والإنسان يذهب للحدائق لأجل استنشاق عبق من الهواء نقي وخال من مسببات العذاب.
‏فاليوم وعندما تتجول في الحدائق أو الشواطئ ترى العجب العجاب، إذ يخيل إليك بأنك في مقاه للشيشة مفتوحة على مصراعيها لتستقبل بطريقتها الخاصة من يرغب ومن لا يرغب سواء بسواء؛ فالأدخنة المنبعثة من مراجلها تسافر مستغلة الهواء كمطية سهلة وغير مدفوعة الثمن لتدخل في أنف الجالس هناك والحالم بتنسم عبير أوكسجين لا مكان فيه لأول أو ثاني أكسيد الكبريت أو الكربون، ولكنه ورغما عنه وخلافا لرغبته المشروعة وهذا حق له كفلته كل قوانين الأرض والسماء أيضا، يجد نفسه وقد استنشق هواء ملوثا، ليتم تصنيفه بعد ذلك كمدخن سلبي، وسلبي في قواميس هذا المجال تعني أنه قد أرغم على التدخين، وأنه قد تم الاعتداء عليه بإرغامه على استنشاق وتعاطي ما لا يرغب فيه وبغير وجه حق، ويقال علميا إن المدخن السلبي يناله ذات الجزاء الأوفى من الأمراض التي ينالها المدخن بكامل إرادته الحرة، على ذلك فإن صاحب الإرادة الحرة يتحمل كل الأوزار والآثام نتيجة اعتدائه على شخص آخر وتعريض حياته للخطر من بعد إصابته بأمراض لم يسع إليها وإنما تم قذفه بها ومن الظهر لا من الوجه، أي غيلة وغدرا، تلك هي الصورة وقد رسمناها لكم بالكلمات.
وبما أن الصورة كالحة المعالم سوداوية في تفاصيلها وجزئياتها فلا بد من أن يكون هناك حل يعطي لكل صاحب حق حقه كاملا غير منقوص، القانون نعني، إذ لا بد له من أن يشمر عن سواعد الحسم ليعيد الحق السليب لأصحابه، أولئك هم الضحايا الأبرياء الذي تغطيهم سحب دخان الشيشة وعبق سموم السجائر وبغير استئذان منهم ليكونوا جزءا من المحرقة.
فما ذنب الأطفال ثم ما ذنب النساء وقد تكون من بينهن حوامل جئن ليمارسن رياضة المشي على الشاطئ وهي مهمة لهن في هذه المرحلة، ثم ما ذنب الجنين الذي لا يعلم ما يدور حوله من آثام ليصل إليه عبر الأم بعض من عطاء الكبار العاكفين على شيشاتهم ويضحكون ويتسامرون تأكيدا على أنهم سعداء وأتقياء.
في المطاعم يمنع التدخين الآن، وفي أضعف الإيمان تخصص أماكن للمدخنين، فلماذا لا يطبق نفس المفهوم على الحدائق والشواطئ، على الأقل عندما يحسون بأنهم في أماكن تحيط بها الأسلاك الشائكة -هذا وصف مجازي طبعا- فقد يقلعون في نهاية المطاف.
هناك الكثير من الدول تمنع التدخين بنوعيه في الحدائق والشواطئ العامة وتفرض عقوبات رادعة على المخالفين منها على سبيل المثال لا الحصر الكويت والإمارات خليجيا، إضافة للدول المتقدمة الأخرى فما الذي يمنع من أن نفعل الشيء نفسه.
نأمل من أجهزة البلديات وخاصة مسقط أن تضع هذا الأمر على قمة أولوياتها واهتماماتها، فهناك أبرياء يتم الاعتداء على حريتهم الشخصية لا بد من حمايتهم وفي ذات الوقت حماية هذه الممتلكات العامة من هذا العبث المميت.