وزير التجارة: اتخذنا قرارات صعبة لكنها ضرورية

مؤشر الثلاثاء ١٩/فبراير/٢٠١٩ ٠٥:٤٥ ص
وزير التجارة: اتخذنا قرارات صعبة لكنها ضرورية

مسقط - خالد عرابي
أكد وزير التجارة والصناعة نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط معالي د.علي بن مسعود السنيدي على أن السلطنة اتخذت خلال الفترة الفائتة العديد من القرارات القاسية والمؤلمة ولكنها لم تكن خيارات بل كانت ضرورية ولابد منها.. وأوضح قائلا أن بعض من تلك القرارات هي التي اتخذت بشأن تغيير معادلة سعر الوقود في السلطنة إلى السعر العالمي والذي أدى في العام الفائت إلى زيادة الأقبال على وقود 91 بنسبة 40 % وتراجع الإقبال على وقود 95 بنسبة 20 %، مما رفع عدد ركاب حافلات شركة مواصلات إلى 6 ملايين راكب بعد أن كانوا ما بين 200 إلى 300 ألف في العام فقط، مما جعل شركة النقل الوطنية ناجحة، وكذلك تراجع استعمال السيارات الكبيرة ذات 8 أسطوانات إلى أستخدام السيارات الصغيرة والاقتصادية وحتى الحركة في الطرق تغيرت.
وأرجع الوزير ما حققته تلك القرارات من نتائج إلى أنه أمر واقعي ولامس الواقع كما لامس جيوب الناس ولذا فإن القرارات التي اتخذتها السلطنة ورغم صعوبتها إلا أنها أثبتت نجاحها. وعاد مؤكدا على أن ما لجأت إليه السلطنة ليس بديل مبنى على رغبة ولكنه الحل الأوحد لرفع كفاءة استخدام الموارد.
غير أن الوزير استطرد قائلا بأنه ما كان لهذه القرارات أن تتحقق لولا تقبل القطاع الخاص والصناعي لها، ولولا تحمل المستهلكين وتعاونهم وتحملهم لآلام المرحلة الانتقالية، لأنها كانت قرارات صعبة ولكنها كانت مصيرية ولابد منها.
وأشار د. السنيدي إلى أنه وبسبب تطبيق نوع من هذه السياسات والقرارات فإن السلطنة ولأول مرة قامت بتصدير الوقود في العام الفائت ولم تستورده بعكس الماضي، كما أشار إلى أنه وحتى مصفاة النفط التي تشيد الآن في الدقم بشراكة كويتية ربما لا تحتاج السلطنة لوقودها بل ستكون للتصدير وقال: فمن الآن نرحب بأي طلبات للاستفادة من منتجات وقود تلك المصفاة، مؤكدا على أن السلطنة كانت بحاجة إلى مصفاة كل خمس سنوات، لمواجهة الطلب المحلي المتنامي على الوقود ففي السابق كان استهلاك الوقود ينمو بمعدل ثلاثة إلى أربعة أضعاف النمو السكاني، وكان ينمو بنسبة 20 % سنويا، ولكن الآن نمو استهلاك الوقود يتماشى تقريبا مع النمو السكاني والاقتصادي في السلطنة.
وتحدث وزير التجارة والصناعة عن إيجابيات هيكلة قطاع الطاقة وتخصيص قطاع الكهرباء حيث اعتبر أن ذلك أفاد السلطنة كثيرا، طارحا مثالا على ذلك بقوله: «اليوم إذا ما أردنا أن نمول محطة إنتاج كهرباء بـ 400 مليون دولار فإن الحكومة لا تدفع شيئا وتطرحها للمنافسة ومن يعطي أفضل سعر طاقة مقسم على التكلفة نعطيها له».
وخلال الاجتماع قال الدكتور السنيدي بأن السلطنة بدأت برامج الشراكة ما بين الحكومة والقطاع الخاص وكان للقطاع الخاص دور كبير في برنامج «تنفيذ» الذي خلص لاختيار 5 قطاعات صناعية واعدة وهي: «الصناعة، السياحة، التعدين، الثروة السمكية، واللوجستيات»، كما كان له دور كبير أيضا في إعداد الوثيقة الأولى للرؤية المستقبلية.
وأكد ايضا على أن السلطنة تمر بهذه المرحلة وقد اكتملت كثيرا من معالم البنية الأساسية واكتملت الموانئ والمطارات، وتم التوسع كثيرا في قطاع الاتصالات في القرى والمدن كما توسعت الكهرباء، وهو القطاع الذي تم هيكلته وتخصيصه منذ بضع سنوات.

إعادة النظر للقطاع الخاص
وأشار وزير التجارة والصناعة إلى أنه سواء بالنسبة للسلطنة أو غيرها من الدول التي كانت تعتمد على الريع أو الدخل الذي يأتي من النفط والغاز لا يمكن أن تستمر بهذا الوضع ولذلك لابد من إعادة النظر في العلاقة مع القطاع الخاص، بحيث يعطى له الدور الأكبر، وهذا يتطلب إعادة النظر في تأطير بعض القوانين التي تكون ضامنة للقطاع الخاص وداعمة له للمشاركة في تملك وإدارة كثير من المرافق في قطاعات مثل المياه والصرف الصحي ومعالجة النفايات، وحتى في التعليم والصحة، فحتى وإن كان القطاع الخاص له دور في هذين القطاعين الأخيرين إلا أنه يمكن أن يكون له دور أكبر فيهما خلال الفترة المقبلة خاصة في السلطنة وذلك لأنها مقبلة على إلزامية التأمين، وإذا لم نعمل من الآن على هذا الأمر فسنصادف مشكلات كبيرة مستقبلا لأن الاستدامة التي كانت قائمة بالدرجة الأولى بالاعتماد على دخل ريع النفط والغاز ليست الآن كما الماضي. مؤكدا على أن هذا الواقع في عمان ربما لا يختلف كثيرا عن الوضع في الدول العربية الأخرى.
وقال: فإذا لم يكن داخل القطاع الخاص ومصانعنا وشركاتنا نوع من الاعتراف ونوع من إعادة التأهيل والتدريب وإعادة الدفع بالناس إلي وظائف أخرى سيكون هناك «باحثون عن عمل» وكلا القطاعين لن يستوعبهم وإن استوعبهم ستكون له تبعات أخرى، وكلا القطاعين لن يستطيع استيعابهم لأن الحل الحقيقي هو في التعاون بينهما وعقد اتفاقات بين القطاعين ولا يمكن أن يتخلى أحد الطرفين عن المسؤولية المشتركة للدولة وليس للحكومة او القطاع الخاص لأن هناك الآن نوعا من إلقاء المسؤولية بين الطرفين على الآخر ولكن هناك تحديا كبيرا ومسؤولية مشتركة يجب أن تصاغ بالشراكة بين الطرفين وليس في غرف مغلقة.

وظائف المستقبل
وتحدث السنيدي عن وظائف المستقبل قائلا: الآن الوضع أصبح أصعب بكثير بسبب التطور الكبير والمتلاحق مثل الثورة الصناعية الرابعة وإنترنت الأشياء والسحابة الإلكترونية واستخدام الأتمتة (التشغيل الألي) في المصانع وغيرها، وهذا ما سيؤدي الى فقدان الكثيرين لوظائفهم الحالية مستقبلا، ولذلك ينبغي أن ينشئ نمطا تعليميا مغايرا عن التعليم الحالي لمواكبة متطلبات الثورة الصناعية الرابعة.
للحصول على الوظيفة الحالية، فحتى وأن انتشرت مؤسسات التعليم والتدريب فإن غياب مؤسسات التدريب في القطاع الخاص وعدم وجودها معه سينشئ أجيالا غير قابلين للعمل فيما يطلبه القطاع الخاص الآن. وعن وظائف المستقبل أضاف السنيدي: سينحصر دور المؤسسة التعليمية في وقت يستبدل بالتدريب على المهارات ولذلك أنظر في كثير من مصانعنا وشركاتنا كم من الإدارات مسؤولة عن التدريب والإنفاق عليه، وكم مخصص له، وفي بعض الأحيان يكون غير موجود، والبعض يعتقد أن دور ومسؤولية التدريب تكون على الأسرة والحكومة، ولكن الحقيقة أنه دور المستهلك أيضا وعليه تحمل جزء من إعادة تأهيل هذا الموظف وذلك من خلال السعر العادل للمنتج كما يتحمل المستهلك الآن جزء من التعامل مع البيئة.
وقال بأن السلطنة تفتح باب الاستثمار للجميع والاستفادة من الفرص المتاحة والبنية الأساسية ولدينا ميناءين مطلين على الخليج الهندي ولدينا قدرات بشرية وعلاقات متميزة مع جميع الدول.
وأكد السنيدي على أن السلطنة دائما تسعى للتكامل وليس التنافس فنحن ليس لدينا توجه أن نقدم حوافز سخية وننتج منتج خيالي وسعره الحقيقي أعلى بنسبة 10:20 % من مثيله في السوق، فهذا النمط من الدعم بعض الدول في العالم اعتمدته ولكنه لم يكن قابلا للاستمرار.