تحية للغرفة في عيدها الـ 45

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢١/فبراير/٢٠١٩ ١٢:٣٠ م
تحية للغرفة في عيدها الـ 45

علي بن راشد المطاعني
احتفال غرفة تجارة وصناعة عمان بمرور 45 عاما من عمرها المديد السعيد نحسبه وقفة رائعة لالتقاط الأنفاس، والنظر بتمهل وروية وموضوعية للتجربة، وهي تقف على مرمى حجر من إكمال نصف قرن من العطاء المستمر، وهي وقفة أيضا لاجترار الذكريات البعيدة الغائرة في حنايا الصدور، فهل أنجزت الغرفة بالفعل ما وعدت به وقد صقلتها التجارب وشيبها صعود المنابر؟ وهل التجار سعداء بالفعل بما قدمته لهم غرفتهم بعد أن تجاوزت 45 عاما؟ وهل حققت الغرفة بالفعل كل آمال وتطلعات منتسبيها؟ وهل حققت كل مراحل البناء الداخلي وأرست قواعد راسخة في منظومة البناء وغدت شريكا فاعلا في منظومة الاقتصاد الوطني وتحمل ذات هموم الدولة وهموم الوطن في غد أرغد وأسعد باعتبارها الشريك الأهم؟ كلها أسئلة هذا أوان طرحها، وهذا أوان جرد الحساب.
هي بالقطع مسؤولية كبيرة وأسئلة هائلة الحجم لا يتصدى لها إلا أولي العزم من الرجال والنساء، على ذلك وباعتبارها كيانا منتخبا وله على صعيد التجارب الانتخابية رصيد لا يستهان به وبما يؤهلها تماما لتحقيق كل تطلعات منتسبيها من رجال الأعمال والتجار وباعتبار أن أبوابها مفتوحة لكل قادر على العطاء والجود والبذل، فقد قدمت لنا العديد من الأسماء التي لمعت في سماوات العمل العام، منهم من كان وزيرا، ومنهم من ساهم بفاعلية في بناء مجتمعه ثم تقاعد تلاحقه دعوات صالحات من الناس بالتوفيق والسداد.
والتجربة في مطلق الأحوال يمكن النظر إليها باعتبارها الأفضل والأكثر رسوخا وثباتا قوميا وعربيا، فقد تعلمنا منها مغزى أن العضو المنتخب وعندما يتحدث فإنه يعبر بلسان ناخبيه، وهمه الأول والأخير تقديم كل ما وعدهم إياه.
وإذا ما قدر لنا في هذه العجالة أن نجري مقارنة ما بين عضو الغرفة وعضو مجلس الشورى باعتبار أن كليهما منتخب ديمقراطيا نجد بداية بأن عضو الشورى له مخصصات وامتيازات يحصل عليها لقاء عضويته في المجلس، بيد أن عضو الغرفة لا يحصل على هكذا مخصصات، ربما لأنه يعتبر تاجرا ومكتفيا ماليا، ولكن ومن ناحية أخرى فإنه يغدو أكثر قدرة على الحركة إذ ليس لديه ما يخسره أصلا، وهذه نقطة تحسب له بالطبع وهي نقطة جوهرية وشديدة الأهمية أيضا، ومن زاوية أخرى نجد أن عضو الشورى يحمل هموم كل أطياف المجتمع ويمثل كل المواطنين في ولاياتهم المختلفة في حين أن عضو الغرفة يمثل شريحة (مهمة جدا) من شرائح المجتمع، وبذلك تعتدل كفة الميزان وليستقيم تبعا لذلك ميزان العدل والإنصاف.
صحيح أن انتخابات الغرفة شهدت تطورا ملموسا بعد الانتقال لصيغة الانتخاب المباشر وبعد تجاوز مرحلة التعيين، إلا أنه لم يطرأ تغيير في التعاطي والتناول كفرق ما بين مرحلة التعيين ومرحلة الانتخاب المباشر، ولم تصل الغرفة بعد لشواطئ تحقيق كل تطلعات وآمال التجار ورجال الأعمال، وبقدر نستطيع معه إبراز الفروقات الجوهرية ما بين الحقبتين حتى ولو همسا، لم نسمع أن الغرفة قد تبنت مشروعا اقتصاديا ضخما وهائلا يعين الحكومة في دعم الاقتصاد الوطني وكمبادرة تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل هذا على سبيل المثال لا الحصر.
وبذلك نخلص إلى أن استقلالية القرار الذي تتمتع به الغرفة لم يعنها على مرونة الحركة لتقديم المبادرات الخلاقة، عكس أعضاء الشورى الذين يباشرون إسداء النصائح والخدمات للجهاز التنفيذي لصالح ناخبيهم، وهذا واضح للعيان.
نأمل أن نرى وأن نشاهد بصمات واضحة للغرفة في كل مفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية حتى تتسنى لنا المجاهرة بالقول بأن الغرفة وفي إطارها الديمقراطي المتفرد تقود الأحداث كما ينبغي.