سواد يغشى المدن

الحدث الثلاثاء ١٢/مارس/٢٠١٩ ٠٤:٠١ ص
سواد يغشى المدن

كاراكاس - فنزويلا - أ ف ب

مع دخول الانقطاع الشامل للتيار الكهربائي في فنزويلا يومه الثالث دعا رئيس البرلمان الفنزويلي خوان غوايدو الذي أعلن نفسه رئيساً بالوكالة، الجمعية الوطنية لعقد جلسة استثنائية سيطلب فيها «إعلان حالة الطوارئ» من أجل إتاحة دخول المساعدات الإنسانية.

ودعا غوايدو الشعب للنزول إلى الشارع قائلا «لأن هذا النظام يترك الفنزويليين يموتون. أيها السادة في القوى الأمنية، حان الوقت لتكفوا عن حماية الديكتاتور»، في إشارة إلى الرئيس نيكولاس مادورو الذي لا تعترف المعارضة بإعادة انتخابه.
وتشهد فنزويلا منذ الخميس انقطاعا شاملا للتيار الكهربائي ما تسبب بحرمان السكان من الكهرباء والمياه ووسائل النقل، وفاقم صعوبة التمّون في بلد يعاني من أزمة سياسية واقتصادية خانقة.
والأحد قال غوايدو الذي اعترفت به أكثر من خمسين دولة بينها الولايات المتحدة رئيسا بالوكالة للبلاد «سأطلب الإثنين من الجمعية الوطنية إعلان حالة الطوارئ لإتاحة دخول المساعدة الإنسانية» للبلاد ما سيتيح «طلب المساعدة الدولية».
وأضاف «يجب أن نتصدى الآن لهذه الكارثة».

مساعدات عالقة

ولا يزال 250 طنا على الأقل من المساعدات الإنسانية والأغذية والأدوية غالبيتها من الولايات المتحدة مخزّنة عند حدود كولومبيا والبرازيل مع فنزويلا.
وفي 23 فبراير منعت الحكومة الفنزويلية دخول المساعدات معتبرة أنها غطاء لمحاولة تدخل عسكري أميركي في البلاد.
وتوفي بسبب انقطاع الكهرباء حتى الآن 15 مريضاً في المستشفيات التي لا تمتلك إلا قلة منها مولّدات كهرباء، لكن بغياب أرقام رسمية ووسائل تواصل، من المستحيل معرفة ما الذي يجري تحديداً.
وأكد غوايدو وفاة 17 شخصا حتى الآن في المستشفيات من دون إعلان مصدر هذه الحصيلة أو توضيح ما إذا كانت تشمل المتوفين الـ15 الذين قضوا بسبب إصابتهم بالتهابات في الرئة. وقال سول دوس سانتوس (22 عاما) الذي تعالج ابنته في إحد مستشفيات كراكاس لفرانس برس «هذا رهيب، إنه سواد تام. ليس هناك سوى بضع خدمات متوافرة بفضل مولّد أتى به أحدهم لأن المستشفى لا يعمل».
وصباح امس الأول الأحد، أعلنت الشركة العامة للكهرباء أن التيار عاد إلى 40 % من العاصمة ما يعني أن 60 % منها كان لا يزال غارقاً في الظلام.
في هذه الأثناء، بدت المدينة هادئة ما عدا بعض أعمال نهب في المتاجر، شاهدها مراسلو فرانس برس في كراكاس.
وتمدّ محطّة غوري لتوليد الطاقة الكهرمائية، الواقعة في ولاية بوليفار(جنوب) والمسؤولة عن العطل، ثلاثة أرباع البلاد بالكهرباء. وفي أول ظهور علني له منذ الانقطاع الكهربائي ندد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بما اعتبره «هجوما الكترونيا» في «حرب الكهرباء» التي تشنها الولايات المتحدة.
وأكدت الحكومة الفنزويلية أنها ستزوّد الأمم المتحدة «أدلة» على اتّهاماتها.
واعتبر غوايدو «هوليودياً» اتهام مادورو الولايات المتحدة بالقيام بـ هجوم إلكتروني» ضدّ محطة الطاقة الكهرومائية الأساسية في البلاد، والتي تسبب عطل فيها بكارثة في البلاد. ويشلّ هذا العطل الذي وقع الخميس عند الساعة 16:50 (20:50 ت غ) الحركة في البلاد، وهو غير مسبوق من حيث اتساعه ومدته في البلد النفطي الذي يبلغ عدد سكانه 30 مليون نسمة.
وفي المدينة، لم تقبل المتاجر القليلة التي فتحت أبوابها سوى الدولار. ودفع لويس 20 دولاراً مقابل بعض الجبن والخبز وعلبتين من التونا.
وبسبب التضخم، باتت العملة المحلية نادرة جداً، وبات ثمن ليتر من الحليب 10 ملايين بوليفار. وللتكيف مع هذا التضخم، يجري اعتماد الدفع عبر الانترنت، لكن ذلك توقف بفعل انقطاع الكهرباء.
وبسبب انقطاع الكهرباء ايضا، فسدت المواد الغذائية التي تحتاج إلى حفظها في الثلاجات في سوق شاكاو نتيجة الحرارة المرتفعة في العاصمة.
وأغلقت المدارس والمتاجر والمكاتب، وشلّت حركة النقل. وعلق مئات الركاب في مطار مايكيتا بعد إلغاء رحلاتهم.
كل يوم، تحاول روسي فرنانديز البالغة من العمر 72 عاماً المغادرة إلى ميامي لزيارة شقيقها لثمانية أيام.
وتقول «لا أحد يستطيع شراء (بطاقة طائرة) في المطار لأن أحداً لا يملك نقوداً معه. الدولار فقط يجري تداوله. لكنني قوية ولن أغادر هذا البلد أبداً، فليغادروا هم أولاً!»، في إشارة إلى الحكومة.
ومع حلول الليل زاد الظلام من قلق السكان في المدينة التي تضم خمسة ملايين نسمة والتي تعتبر إحدى أخطر المدن في العالم.
وقالت ياديرا ديلغادو البالغة 49 عاما والمقيمة مع والدتها (72 عاما) وابنتها (16 عاما) «إنها معاناة.. نحن نمتنع عن التجول اعتبارا من الساعة الخامسة مساء. نحاول الخروج باكرا لشراء ما أمكننا ونعود سريعا». وتوفر هذه الأزمة أرضية جديدة للنزاع بين الزعيمين اللذين يتنازعان السلطة في فنزويلا.

تعليق

وقال وزير الإعلام الفنزويلي خورخي رودريغيز، يوم الأحد، إن الحكومة ستعلق عمل المدارس والشركات الاثنين بسبب استمرار انقطاع الكهرباء.
وكتب رودريغيز على حسابه الرسمي بـ «تويتر»، «بأمر من الحكومة الفنزويلية، سيتم تعليق العمل في المدارس، وإعطاء المواطنين إجازة من العمل غدا (امس الأثنين) ، 11 مارس».
وتعرض 23 إقليما من أقاليم فنزويلا لانقطاع إمدادات الطاقة يوم الخميس الماضي، وأعلنت شركة الكهرباء الوطنية أن حالة الإظلام نجمت عن حادث في محطة «سيمون بوليفار» للطاقة الكهرومائية. ووصفت المؤسسة الوطنية للكهرباء الحادث بأنه عمل تخريبي ويمثل جزء من حرب الطاقة ضد فنزويلا.
واستمر الانقطاع يوم الأحد في أنحاء البلاد لليوم الرابع على التوالي في حدث لم يسبق له مثيل مما أثار مخاوف السكان من آثاره المحتملة على منظومات الصحة والاتصالات والنقل.
وقال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، أمس السبت 9 مارس، إن ما وصفه بـ»الإمبريالية الأمريكية» هي المسؤولية عن الحادث، بينما نفت وزارة الخارجية الأمريكية ضلوعها فيه.
وأضاف أن سبب انقطاع الكهرباء في بعض المناطق في فنزويلا جاء بعد هجوم إلكتروني استهدف نظام التحكم الآلي بمحطة توليد الطاقة الكهرومائية، مما استدعى إغلاقها مؤقتا.