حسنا فعلت هيئة الطيران

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٤/مارس/٢٠١٩ ٠٤:٢٥ ص
حسنا فعلت هيئة الطيران

علي بن راشد المطاعني
حسنا فعلت الهيئة العامة للطيران المدني عندما علقت رحلات طائراتها من طراز بوينج 737 ماكس من الطيران من وإلى مطارات السلطنة في خطوة احترازية بعد الحوادث التي وقعت لهذا الطراز وآخرها فاجعة طائرة الخطوط الأثيوبية قبل أيام والتي راح ضحيتها 157 راكبا، وقبلها حادث الطائرة الأندونسية في أكتوبر الفائت والتي راح ضحيتها 189 راكبا.
هذه الخطوة تعكس المسؤولية الوطنية التي تستشعرها الشركة تجاه الركاب وعلو كعب مبدأ الحفاظ على سمعتها وسمعة الوطن، فلهذه الحوادث المؤسفة تداعياتها العميقة على كافة الأصعدة، ثم إن هذه الخطوة تأتي متناغمة ومنسجمة مع إيقاف هذا الطراز في العديد من الدول ومن ضمنها الصين والبرازيل وسنغافورة ونيوزيلندا والبقية تأتي.
الواقع الآن يشير إلى أن بوينج وجدت نفسها تعايش أسوأ اللحظات في تاريخها المهني، إذ لا تستطيع أن توقف تدهور أسهمها في البورصات العالمية، كما لا تستطيع أن تقاوم القرارات الاحترازية التي اتخذتها العديد من الدول بعد الحادث الأخير، إذ يتعين عليها الآن إعادة النظر في أنظمة الحاسوب الخاص بالطائرة، فالاجتهادات الأولية تشير إلى أن الحاسوب يوعز للطائرة كذبا أنها على وشك الهبوط، وإلى أن تنجلي الحقيقة كاملة فإن بوينج ما عليها إلا تقبل قرارات هذه الشركات بصدر رحب. فإذا كانت الدول المشار إليها قد أوقفت استخدام ماكس فإن التحذيرات ما برحت متواصلة لكل شركات الطيران في العالم بأن عليها اتخاذ ذات الإجراء، وقد نجد في الأيام المقبلة بأن ماكس قد توقفت كليا في كل أنحاء العالم.
عليه فإن ما فعلته الهيئة العامة للطيران المدني يندرج في إطار مبدأ الوقاية خير من العلاج، فأرواح الناس أهم وأغلى وأعز من أي ارتباط مادي أو تجاري مع أي شركة كانت على وجه الأرض، فما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي من استمرار بعض شركات الطيران بما فيها شركات أمريكية من الاستمرار في استخدام ماكس فإنه من المتوقع أن تتراجع كل تلك الشركات عن قراراتها تلك لسبب واحد وبسيط هو أن الركاب لن يصعدوا أبدا على متن طائرات بوينج ماكس مها قدمت لهم من إغراءات.
بالطبع مع كل حادث طيران يقع وفي أي بقعة من العالم لا بدَّ من أن يخلف أصداء من الرعب لدى المسافرين بغض النظر عن الطائرات وأنواعها، فالأحاسيس والمشاعر الإنسانية لا علاقة لها بوطن أو بدولة معينة، وهنا وفي هذا النقطة تحديدا فإن الجهات المسؤولة عن أمن الطيران المدني في العالم ما من شك أنها ستبذل جهودا مضاعفة لتبديد مخاوف الناس، مع وجود حقيقة قد لا ينتبه إليها الركاب وهي أن ضحايا حوادث السيارات في العالم أكثر بمئات المرات من ضحايا حوادث الطائرات.
نأمل أن تكلل كل الجهود الرامية لتحقيق أقصى درجات توفير الأمن والطمأنينة للركاب والمسافرين على متن الطائرات لا محليا فقط بل عالميا بالتوفيق والنجاح، وأن يكشف النقاب بأسرع وقت ممكن عن السبب الحقيقي لسقوط ماكس الأثيوبية، فإن تلك المعلومة المنتظرة على أحر من الجمر كفيلة بنزع فتيل الرعب والقلق من قلوب المسافرين في كافة أنحاء العالم.