تحدوا الرصاص

الحدث الاثنين ١٨/مارس/٢٠١٩ ١٢:٣٤ م
تحدوا الرصاص

كرايست تشيرش - نيوزيلندا - أ ف ب
أحيت نيوزيلندا أمس ذكرى ضحايا المجزرة التي وقعت في مسجدين في بلدة كرايست تشيرش، فيما تتضح وقائع الاعتداء ملقية الضوء على تفاصيل أليمة وعمل بطولي رافق عملية إطلاق النار.
وكشفت قائمة بالضحايا الخمسين نشرت الأحد أن أعمارهم تتراوح بين ثلاث سنوات و77 سنة. ومنفذ المجزرة متطرف أسترالي اسمه برينتون تارنت، شكل بيده شارة العنصريين لدى مثوله السبت أمام محكمة وجهت إليه تهمة القتل.
ولم يبد مدرّب اللياقة البدنيّة السابق البالغ من العمر 28 عاما والذي جاهر بكونه فاشيا، أي ردّ فعل عند توجيه التهمة إليه، لكنه جمع إبهامه وسبابته في رمز يستخدمه أنصار نظرية تفوق العرق الأبيض عبر العالم. وسيبقى قيد الاعتقال حتى جلسة مقبلة حدد موعدها في الخامس من أبريل.
وأعلن مفوض الشرطة مايك بوش أن رجلا آخر أوقف الجمعة سيمثل أمام القضاء الاثنين في اتهامات «على ارتباط» بالهجومين، ولو أنه لم يكن ضالعا بشكل مباشر على ما يبدو في المجزرة.

«فظيع»
وأثارت المأساة صدمة كبرى في نيوزيلندا، البلد البالغ عدد سكانه خمسة ملايين ويشكل المسلمون 1% منهم، والمعروف بهناء العيش فيه وبمستوى الإجرام المتدني وبتقاليد الحفاوة بين سكانه. وطالب ابن أحد الضحايا وهو أفغاني يدعى داود نبي عمره 71 عاما، بإحقاق العدالة معلنا قرب المحكمة «هذا أمر فظيع لا يمكن تصوره». وزارت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن السبت مرتديةً غطاء للرأس أسود اللون، المدينة حيث التقت ناجين وذوي الضحايا في جامعة أقيم فيها مركز استعلام. وقال إبراهيم عبدالحليم إمام مسجد لينوود، أحد المسجدين المستهدفين خلال صلاة الجمعة، «ما زلنا نحب هذا البلد»، مؤكدا أن المتطرفين «لن يقوضوا أبدا ثقتنا».
وتوافد أشخاص من كلّ القطاعات في نيوزيلندا السّبت إلى أمام الحواجز التي أقامتها الشرطة في محيط مسجد النور حيث سقط أكبر عدد من الضحايا، للتّعبير عن احترامهم وإظهار تضامنهم ورافقت باقات الزهور رسائل مكتوبة تُعبّر عن الصّدمة والتعاطف، كتب على إحداها «آسف أنّكم لم تكونوا آمنين هنا. قلوبنا حزينة لخسارتكم».
ونشر موقع «ستاف.كو.إن زد» الإخباري شهادة عبدالعزيز الأفغاني الأصل الذي وصفه بأنه «بطل» بعدما جازف بحياته لطرد القاتل. وروى المسلم البالغ من العمر 48 عاما أنه عند سماع إطلاق نار، هرع إلى خارج مسجد لينوود تاركا فيه ابنيه البالغين من العمر 5 و11 عاما.
وقام بمطاردة مطلق النار الذي كان يتوجه إلى سيارته لجلب قطعة سلاح جديدة، وعندما عاود المهاجم إطلاق النار، اقترب عزيز منه متسللا خلف سيارات مركونة، فرأى سلاحا تركه المسلح لنفاد ذخيرته. وعندما عاد الأسترالي مرة جديدة إلى سيارته لتبديل سلاحه، روى عبدالعزيز أنه استولى على السلاح المتروك بلا ذخيرة ورماه كالسهم لتحطيم زجاج السيارة. وقال «هذا ما أخافه»، مشيرا إلى أن المهاجم غادر عندها المكان.

موجة تضامن
وفي أرجاء الجزيرة الهادئة، تفاعل المواطنون مع دعوات التّضامن العابرة للديانات، إذ تمّ جمع ملايين الدولارات، والتبرّع بالطعام الحلال، بل وحتّى تطوّع البعض بمرافقة المسلمين الخائفين الآن من السّير بمفردهم في الشوارع.
وتجمع الأنغليكانيون في كرايست تشيرش للصلاة أمس الأحد عن نفس الضحايا في كنيستهم التي يطلقون عليها اسم «كاتدرائية الكرتون» والتي شيدت بعد الزلزال عام 2011.
وقال اذان علي (43 عاما) المتحدر من فيدجي والذي كان في مسجد لينوود مع والده عند أطلاق النار «أولادي خائفون لكن يجب أن نواجه الخوف كمجموعة».
وما زال 36 جريحا في المستشفيات، بحسب الشرطة.
وقالت جاسيندا أرديرن إنّ الضحايا يتحدّرون من أرجاء العالم الإسلامي وبينهم أربعة مصريّين وسعودي وإندونيسي وأربعة أردنيّين وستّة باكستانيّين.
وأوضحت أن المهاجم جمع ترسانة من الأسلحة وحصل على رخصة حمل أسلحة في نوفمبر 2017. وتعهدت بإقرار إصلاحات واعدة «يمكنني أن أؤكّد لكم أن قوانيننا حول الأسلحة ستتغيّر».
وفي أرجاء الجزيرة الهادئة، تفاعل المواطنون مع دعوات التّضامن العابرة للديانات، إذ تمّ جمع ملايين الدولارات، والتبرّع بالطعام الحلال، بل وحتّى تطوّع البعض بمرافقة المسلمين الخائفين الآن من السّير بمفردهم في الشوارع.
وتجمع الأنغليكانيون في كرايست تشيرش للصلاة الأحد عن نفس الضحايا في كنيستهم التي يطلقون عليها اسم «كاتدرائية الكرتون» والتي شيدت بعد الزلزال عام 2011.
وقال اذان علي (43 عاما) المتحدر من فيدجي والذي كان في مسجد لينوود مع والده عند أطلاق النار «أولادي خائفون لكن يجب أن نواجه الخوف كمجموعة». وما زال 36 جريحا في المستشفيات، بحسب الشرطة. وقالت جاسيندا أرديرن إنّ الضحايا يتحدّرون من أرجاء العالم الإسلامي وبينهم أربعة مصريّين وسعودي وإندونيسي وأربعة أردنيّين وستّة باكستانيّين. وأوضحت أن المهاجم جمع ترسانة من الأسلحة وحصل على رخصة حمل أسلحة في نوفمبر 2017. وتعهدت بإقرار إصلاحات واعدة «يمكنني أن أؤكّد لكم أن قوانيننا حول الأسلحة ستتغيّر».

«بيان»
واستخدم المهاجم ما لا يقل عن قطعتي سلاح شبه أوتوماتيكي يعتقد أنهما من طراز «إيه آر 15» وبندقيتين. وتم تعديل بعض هذه الأسلحة لزيادة قوتها النارية.
وقبل تنفيذ الاعتداء، نشر الرجل الذي يعرف عن نفسه بأنه رجل أبيض من الطبقة العمالية ومن ذوي الدخل المتدني، «بيانا» عنصريا من 74 صفحة على تويتر بعنوان «الاستبدال الكبير»، في إشارة إلى إحدى نظريات المؤامرة المنتشرة في أوساط اليمين المتطرف، تقول إن «الشعوب الأوروبية» سوف «تستبدل» بشعوب غير أوروبية من المهاجرين.
ويعرض البيان سنتين من التطرف والتحضير ويقول الأسترالي فيه أن العاملين الحاسمين في تطرفه كانت هزيمة زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن في الانتخابات الرئاسية عام 2017 ومقتل الفتاة إيبا أكرلوند (11 عاما) في الاعتداء صدما بالشاحة في ستوكولم عام 2017.وقال إنه قرّر تنفيذ الاعتداء في نيوزيلندا لكي يُبيّن أنّ «ما من منطقة في العالم بمنأى. الغزاة منتشرون على أراضينا، لا مكان آمناً، حتّى أكثر الأماكن النائية».
ونقل المهاجم مباشرةً على الإنترنت مقاطع من الاعتداء، ظهر فيها يتنقّل داخل المسجد ويُطلق النار عشوائيّاً على المصلّين ولا يتردّد في العودة للإجهاز على من بقي حيّاً.
وأشاد مفوّض الشّرطة مايك بوش بـ»الشجاعة المطلقة» لرجال الشّرطة والمواطنين «الذين وضعوا أنفسهم في خطر» لإيقاف منفّذ الهجوم بعد 36 دقيقة من ورود أولى اتّصالات الاستغاثة.
وتم القبض على شخصين هما رجل وامرأة يحملان أسلحة نارية في سيارتهما عند وقوع الاعتداء وأوقفا رهن التحقيق لكن الشرطة أعلنت أنهما غير ضالعين بصورة مباشرة في المجزرة. وأطلق سراح المرأة لاحقا، لكن بوش قال إن الرجل لا يزال موقوفا في مسألة حيازة أسلحة.

من أنحاء العالم
يتحدر ضحايا المجزرة التي نفذها متطرف عنصري أسترالي في مسجدين في كرايست تشيرش بنيوزيلندا من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وقد أسفر الاعتداء عن سقوط خمسين قتيلا بينهم أطفال، فيما لا يزال 36 جريحا في المستشفى صباح الأحد، بحسب الشرطة.

في ما يلي نبذة عن بعض الضحايا
قضى وهو يحاول حماية مصلين قتل داود نبي، الأفغاني البالغ من العمر 71 عاما، وهو يحاول إنقاذ مصلين في مسجد النور بوسط مدينة كرايست تشيرش.
وكان داود فر من بلاده في السبعينات ويقيم منذ أكثر من أربعين عاما في نيوزلندا التي يصفها بأنها «قطعة جنة»، وفق ما قال ابنه عمر لوكالة فرانس برس.
وقال عمر لموقع «ستاف.كو.إن زي» الإخباري «علمت من والد أفضل أصدقائي أنه وثب أمام شخص لإنقاذه» مضيفا «تحدى الرصاص لإنقاذ حياة شخص آخر، وقضى هو نفسه».
وكان يمى، ابن داود الآخر، متوجها إلى المسجد للتصالح مع والده بعد خلاف، حين صادف صديقا له في الخارج قال له «والدك أنقذ حياتي»، وفق ما أوردت صحيفة «ذي إيدج» الاسترالية.
لكنه لم يدرك المأساة فعلا إلا عندما شاهد مقاطع من المجزرة صورها المهاجم، ورأى فيها والده ممددا على ظهره.
وقال يمى نبي لفرانس برس «لم يخطر لي يوما أن هذا يمكن أن يحصل في نيوزيلندا. إنه بلد يعمه السلام».

«جندي صغير شجاع» في الـ14 من العمر
قضى سياد ميلني الفتى البالغ من العمر 14 عاما في مسجد النور الذي كان يقصده كل يوم جمعة للصلاة مع والدته وأصدقائه، بحسب صحيفة «نيوزيلند هيرالد».
وقال والده جون ميلني إن وفاته لم تؤكد رسميا بعد، لكنه تم إبلاغه أن ابنه شوهد ممددا أرضا مضرجا بالدماء في المسجد.
وأوضح للصحيفة «خسرت ابني الصغير، كان بلغ الرابعة عشرة للتو».
ووصفه بأنه «جندي صغير شجاع. من الصعب للغاية أن أعرف أنه سقط برصاص شخص لا يأبه لأي كان ولا لأي شيء كان».

طفل في الثالثة لا يزال مفقودا
آخر مرة شوهد فيها مقد ابراهيم طفل الثالثة على قيد الحياة كان في مسجد النور برفقة شقيقه ووالده. تمكن شقيقه عبدي من الفرار من المجزرة، وتظاهر والده بأنه قتل بعدما أصيب بالرصاص ونجح في الفرار بدوره، بحسب ما أوردت صحيفة «ذي إيدج». غير أن مقد لم يشاهد منذ ذلك الحين. وقال عبدي إن العائلة فقدت الأمل في العثور عليه على قيد الحياة بعدما تعذر رصد اسمه في سجلات مستشفى كرايست تشيرش.

الأب والابنة في المستشفى
أصيب الحلاق الأردني وسيم الساطي وابنته لين (4 سنوات) بجروح بالغة في مسجد النور. وقال في مقطع فيديو صور في سريره في المستشفى «أرجوكم صلوا لأجل ابنتي ولأجلي». وقالت كارولاين فيليبيس وهي من أصدقاء وسيم إنه خضع لعملية جراحية إثر إصابته برصاصة اخترقت أمعاءه وبجروح في الحوض وشظايا في الورك. وكان وسيم الساطي وصل إلى نيوزيلندا عام 2014.