حصص أفلاج غير موثقة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٩/مارس/٢٠١٩ ١١:١٥ ص
حصص أفلاج غير موثقة

محمد الراسبي
منذ مئات السنين وأفلاجنا بشتى انواعها تدار بالطرق التقليدية والتفاهمات البينية الموروثة من زمن اجدادنا عبر مئات السنين، وما زالت هكذا في كل مناطق السلطنة او في معظهما، وقد تختلف من محافظة الى اخرى بعض الشيء في كيفية إدارة مياه الأفلاج ولكن في النهاية اوجه التشابه كثيرة في كيفية توزيع مياها ونصاب كل شخص من اصل حقوقه التي يملكها سواء كان ذلك ملكا قديما موروثا او حديثا مشترى.
بعض الأفلاج العمانية تعتمد إداراتها على النسخ الموروثة او ماتسمى بالعرضة او كتاب الفلج او الجامعة او الدفتر او السجل وكلها تفيد في توزيع الأنصبة المائيه الموروثة او المباعة او الهبة او الوقف، حيث يتم فيه تدوين كل من له حق ويعتمد عليه حاسب الفلج، والمسؤولون عن جدولة الفلج وقد يتم تحديث المحتوى من وقت الى اخر يدويا.
قي المقابل هناك بعض من افلاجنا ليس لدى اهاليها حتى اليوم مما ذكر وما زالوا يعتمدوا في توزيع الأنصبة بما ورثوه من معلومات ممن سبقهم ومن ممارستهم وتعاملهم مع ملاك المياه الأصليين وغير الأصليين دون تدوين يذكر في دفتر او سجل او صكوك اهلية او رسمية برغم تداخلات حصص المياه بين الملاك الأصليين وبين من هم مشترين او مستاجرين فضلا عن الحصص الأخرى مثل مياه الوقف او الماء والزائد وغيره من الحصص وهذا فيه حد ذاته يتسبب مع مرور الزمن الى ضياع الحقوق وغن كانت نسبيه كونها غير موثقه اصلا بأي شكل من الأشكال ويظل الحاسب هو المرجع الأول والأخير في جدولة المياه.
مع اشتغال وابتعاد الكثير عن ادارة حقوقهم المائية مباشرة وعدم توثيق تلك الحقوق وملكيتها واختلاط مياههم مع الاخرين بمرور الزمن ليس معناه ان تضيع حقوقهم ويعتبره الآخرون مكسبا لهم. تنتج عن مثل هذا نزاعات اهلية مستمرة بغض النظر عن حجم تلك النزاعات والادعاءات والتي على اثرها يكون للمحاكم نصيب في ذلك من قضايا بينيه وقد يكون احد الاسباب الاستمرار في الادارة التقليدية لتوزيع المياه دون توثيق مسبق او بمعنى اخر عدم اصدار توثيق رسمي لمن له نصيب من ماء الفلج سواء للشخص او العائلة او غيرهم سواء بده او اثر او نصف اثر او غيره.
إن ما يقوم به محاسبو الأفلاج وجميع من هم في إدارة مياه الأفلاج لهي جهود عظيمه ومسؤوليه وأمانة وثقة اولوها لهم الأهالي والمستفيدين من الفلج ولهم في ذلك عظيم الامتنان وبوركت جهودهم في جدولة الماء سواء بالليل او النهار ولكن الاستمرار في نفس المنهجية التقليدية دون تثبيت ملكية مياه الافلاج رسميا او حتى دون الإشارة إليه كتابيا في اكثر في نسخة موثقه معتمده بالتعاون ما بين الاهالي والوزارة او الاهالي انفسهم معا سيظل هاجس ضياع الحقوق واستمرار النزاعات بين الحينة والأخرى مستمرا فعليه يجب التعجيل وليس التأجيل في كل ما من شانه ان يثبت الحقوق وإن كانت معروفة لدى الجميع.
نتمنى ان نرى مشروعا أن يكون هناك توجيه من قبل الجهات المختصة بالبدء في تقييد الموروث من الحصص المائية وجعل الحقوق واضحة دون لبس خاصة لمن ليس لديهم اي وثيقه حتى اليوم كخطوة اولى تفاديا لأي سوء فهم مستقبلي، ومن ثم تنظيم عملية التملك لمياه الأفلاج بتفاصيلها وتحديثها كلما تطلب الأمر بهدف حفظ حقوق اسهم المياه وتوزيعاتها كما هو متعارف عليها. بمجرد وضع الأمور في نصابها بالتوثيق سوف يغنينا عن اي منغصات في حالة ظهوراي نزاع او خلاف مهما طال الزمن، حيث سيكون يكون الاحتكام اليها (اي الوثيقة) كمرجعية لا غنى عنها وقت الحاجة.