قنبلة الجولان

الحدث الأحد ٢٤/مارس/٢٠١٩ ٠٤:٥٠ ص
قنبلة الجولان

دمشق-عواصم-وكالات:

نددت دمشق بموقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الداعي الى الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ حرب 1967، واعتبرته «انتهاكا سافرا» للقرارات الدولية، كما دانت دول ومنظمات اقليمية ذلك.

وكتب ترامب مساء الخميس في تغريدة «بعد 52 عاماً، حان الوقت لكي تعترف الولايات المتحدة بالكامل، بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان».
وقال ترامب إنّ منطقة الجولان الاستراتيجيّة التي استولت على غالبيتها إسرائيل من سوريا في حرب 1967 وضمّتها في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي، تُعتبر «ذات أهمّية إستراتيجيّة وأمنية بالغة لدولة إسرائيل واستقرار المنطقة». في دمشق، نقلت وكالة الانباء الرسمية (سانا) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية إن»الموقف الأميركي تجاه الجولان السوري المحتل يعبر وبكل وضوح عن ازدراء الولايات المتحدة للشرعية الدولية وانتهاكها السافر لقراراتها».

قرار احمق
يقول غسان ابو جبل، من سكان مجدل شمس لفرانس برس تعقيبا على قرار ترامب، «هناك احمق يعطي ما لا يملكه لشخص اكثر حماقة وسارق».

وأضاف أن «توقيت ترامب دعاية انتخابية خدمة لنتانياهو، لقد سلمه القدس من قبل والان جاء دور الجولان».
وتابع أن «الغالبية العظمى في الجولان ترفض هذا القرار، ولا اعتقد ان الناس ستسكت على ذلك».
اما اميلي قضماني وهي ربة بيت فقالت «نتانياهو ضعيف وترامب صديقه يريد ان يدعمه (...) ترامب رئيس غير محنك وموتور فقد رمى قنبلة لا يعرف نتائجها».
من جهته،قال نزار ايوب مدير مركز المصدر- لحقوق الانسان في الجولان (مستقل عن المصدر في لندن) لفرانس برس «هذا القرار تكريس لسياسية استغلتها إسرائيل نتيجة الوضع في سوريا منذ عام 2011. حاولت اسرائيل انتزاع اعتراف اوروبي اميركي بالسيادة وضغوطها اثمرت».
واعتبر أن «هذا الاعتراف ستكون له تداعيات خطيرة (...) في الشرق الاوسط» مشيرا الى «تواطؤ بين بعض الدول لتقاسم النفوذ في سوريا».
وتابع ايوب أن «إسرائيل تدعي ان سوريا لم تعد دولة واحدة، مع مناطق نفوذ اميركية وروسية وإيرانية وتركية (...) والجولان الذي تحتله اسرائيل منطقة نفوذها».

لا يغير من الحقيقة
ونزح عشرات الآلاف من السوريين أو فروا عندما احتلت إسرائيل جزءا من مرتفعات الجولان ابان حرب 1967. وبعد ذلك ضمت إسرائيل مرتفعات الجولان في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي في عام 1981. وأبقت اسرائيل على بعض القرى التي يقدر عدد سكانها بنحو 20 الفا.

وأوضحت قضماني «عندما أعلنت اسرائيل قرار الضم أضرب سكان الجولان ستة اشهر لدى حصول اي شخص من الجولان على الجنسية الاسرائيلية كان يتعرض للمقاطعة اجتماعيا ودينيا.»
واكدت «سواء أعلن ترامب أو نتانياهو ضم الجولان (...) بالنسبة لنا سيبقى الجولان سوريا عربيا. هذا لا يغير الحقيقة».
اما بالنسبة لفان ميتر (61 عاما) التي تعيش في الجولان منذ 35 عاما وغيرها من المستوطنين في الهضبة، فان الاعتراف في حال حصوله لن يغير شيئا.
ورأى المصدر «أن الولايات المتحدة بسياساتها الرعناء التي تحكمها عقلية الهيمنة والغطرسة باتت تمثل العامل الأساس في توتير الأوضاع على الساحة الدولية وتهديد السلم والاستقرار الدوليين»، داعيا «دول العالم لوضع حد للصلف الأميركي وإعادة الاعتبار للشرعية الدولية والحفاظ على السلم والأمن والاستقرار في العالم».
وفي رسالة بعثت بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، طلبت وزارة الخارجية السورية إعادة تأكيد رفض الأمم المتحدة لمطالب إسرائيل في مرتفعات الجولان، بحسب وكالة (سانا).
وكانت الولايات المتحدة صوتت في منتصف نوفمبر للمرة الاولى ضد قرار أممي يعتبر ضم اسرائيل للجولان «لاغيا وليس في محله». وكانت الدولة الوحيدة التي اتخذت هذا الموقف.
ووردت تلميحات أميركيّة في شأن مرتفعات الجولان قبل أسبوع، عندما غيّرت وزارة الخارجيّة وصفها لتلك المرتفعات، واستبدلت وصفها بـ»المحتلّة» بعبارة «التي تسيطر عليها إسرائيل».
وأعلنت المعارضة السورية إدانتها لموقف ترامب. وذكرت هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان «إن هذا الموقف سوف يزيد من تعقيد الاوضاع في منطقتنا ويقوض كل فرص الاستقرار والسلام وسيحرض على مزيد من الحروب والدمار».

أرض محتلة
ونددت الجامعة العربية باعلان ترامب مؤكدة أن «الجولان أرض سورية محتلة».

وقال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط إن «التصريحات الصادرة عن أقطاب الإدارة الأميركية والتي تمهد لاعتراف رسمي أميركي بسيادة إسرائيلية على الجولان السوري المحتل تعتبر خارجة بشكل كامل عن القانون الدولي». وأكد أنّ «الجولان هو أرضٌ سورية محتلة بواقع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وباعتراف المجتمع الدولي».
من جهته، حذر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من أن موقف ترامب يضع المنطقة على حافة «أزمة جديدة».
كما أعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي تدعم بلاده الحكومة السورية، عن «صدمة» بلاده بعد إعلان ترامب، وكتب في تغريدة «الجميع صُدم بمواصلة دونالد ترامب محاولة منح ما ليس له لإسرائيل العنصرية: أولا القدس والآن الجولان».
وتشارك موسكو، الحليف الآخر لدمشق، رأي طهران، حيث اعتبر الكرملين «ان دعوات كهذه من شأنها زعزعة استقرار الوضع بشكل كبير في الشرق الأوسط» قبل أن يضيف «إنها مجرد دعوة الآن ، نأمل أن تبقى كذلك».
وأكدت مصر موقفها الثابت باعتبار الجولان السوري أرضا محتلة وفق قرارات الشرعية الدولية.
من جهته، أعرب مجلس التعاون الخليجي عن أسفه لتصريحات ترامب مؤكدا أن هذا لن يغير من «الحقيقة الثابتة» باعتبار مرتفعات الجولان أراض سورية.
كما أكد الأردن موقف المملكة «الثابت بأن الجولان أرض سورية محتلة وفقا لجميع قرارات الشرعية الدولية».
وفي باريس، قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن «الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان سيكون مخالفا للقانون الدولي، بالأخص واجب الدول بعدم الاعتراف بوضع غير قانوني».
واحتلّت إسرائيل غالبية مرتفعات الجولان والضفة الغربية والقدس الشرقيّة وقطاع غزة في حرب 1967. وبعد ذلك ضمّت الجولان والقدس الشرقيّة في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي. وكان أمين سرّ منظّمة التحرير الفلسطينيّة صائب عريقات ندد بـ»الدعم الأميركي» للاحتلال الإسرائيلي، وقال لوكالة فرانس برس إنّ «سياسة (ترامب) لن تُغيّر القانون الدولي الذي يعتبر الجولان وسائر الأراضي الفلسطينيّة أراضي عربيّة محتلّة». ويعيش في منطقة الجولان المطلّة على الأراضي السوريّة نحو 20 ألف مستوطن إسرائيلي.