جمعية المكفوفين ليست للمبصرين!!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٤/مارس/٢٠١٩ ٠١:١٨ ص
جمعية المكفوفين ليست للمبصرين!!

علي بن راشد المطاعني
أستغرب من بعض المبصرين إذ نراهم يزاحمون المكفوفين في جمعيتهم التي بنيت من نقطة الصفر إلى أن وصلت إلى ما هي عليه اليوم من تطور كأحد مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة في خدمة المنضوين تحت مظلتها كجمعية تطوعية بمواصفات خاصة.
فوجود أعضاء من المبصرين في هذه الجمعية لا نراه ملائما ولا نعرف بالتالي الهدف منه، وماذا ترك هؤلاء الأخوة لأصحاب العلاقة من مساحات ليعرضوا قضاياهم ويطرحوا همومهم ويدافعوا عن مطالبهم وفقا لمرئياتهم وأوضاعهم؟، وهو ما يتطلب تغيير نظام الجمعية الذي يتيح للأسف العضوية لغير المكفوفين بالانتساب للجمعية والترشح لعضوية مجلس الإدارة ما افقد الجمعية صفتها الرئيسية بأنها للمكفوفين التي من المهم أن تكون على غرار جمعيات الصحفيين والكتاب والمحامين و المهندسين والمرأة وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني وفق اختصاصها.
وعندما تكون مثل هذه الجمعيات رسالة هادفة تعكس أصحابها وتنقل للمجتمع أهدافها وتسهم في تنمية أفرادها وتكون جسر صله مع المجتمع فإن معايير الثقة قد تفقد في حال أنها لا تراعي هذه الأهداف والغايات ومن بينها أن الكفيف هو محورها على سبيل المثال.
الأمر الذي يتطلب سرعة تغيير النظام وحصره على المعنيين بالأمر وتدخل الجهات المختصة لفض هذا التداخل غير الطبيعي وإيجاد حلول للمشكلات التي تعتري هذه الجمعيات ذات الطبيعة الخاصة.
لا شك أن جمعية المكفوفين إحدى الجمعيات الفاعلة في السلطنة ولها دور محوري في احتضان أعداد كبيرة من المكفوفين ورعايتهم وتوفير متطلباتهم، وأسهمت خلال السنوات الماضية في إيجاد العديد من المرافق والخدمات لأعضائها، الا أن الأمر أصبح الآن فالتا من أيديهم بإدارة شؤونهم من قبل غيرهم غير آبهين بحقوق هذه الفئة و التعبير عن مطالبها وحقوقها لتكون أكثر مصداقية في عكس ما يتطلع إليه المكفوفون وبدون تدخلات جانبية تفقد هذه الجمعية صفتها.
فعلى الرغم من أن النظام لم يحدد للأسف من ينتسب للجمعية مما يتطلب منها عقد اجتماع للجمعية العمومية وتغير النظام بما يتوافق مع اختصاص الجمعية بحيث لا تضم إلا المعنين، بل لكي تكون اسما على مسمى هي وغيرها من الجمعيات ذات الطبيعة الخاصة من ذوي الإعاقة، الا أن ذلك لا يعفي الجهات المختصة من الفصل في هذا الجانب الذي قد يتعذر عن طريق الجمعيات العمومية لسيطرة غير مكفوفين على الجمعية منذ سنوات و توجيه القرار بها، وذلك بحصر عضويتها في الفئات ذات الشأن بآليات تحتكم لقانون الجمعيات الأهلية وكذلك تقدير الأوضاع و المصلحة العامة.
والأمر ينسحب كذلك على كل الجمعيات ذات الطبيعة الخاصة كذوي الإعاقة، باعتبار أن أعضاء هذه الجمعيات هم الأقدر على تمثيل أنفسهم والتعبير عن مكنونات ذواتهم والأصدق على عكس مطالبهم، ثم إن تفاعل المجتمع والقطاع الخاص مع مطالبهم سيكون بالطبع أقوى وأصدق وأشمل.
فاليوم بعد سنوات من بناء هذه الجمعيات وتشكيلها على ما هي عليه لتعبر عن مطالب أعضائها سواء من ذوي الإعاقة أو الأسوياء، حان الوقت أن نسلم هذه الجمعيات لأصحابها باعتبارهم قادرين على تمثيلها وتوضيح مراميها واقدر على إدارتها ولديهم من الكفاءات ما يستطيعون بها إدارة دفتها.
‏فعلى سبيل المثال هل يعقل أن يكون بجمعية المكفوفين اكثر من ألف عضو منهم 75% من المبصرين، هو بالطبع وضع لا يعكس طبيعة هذه الجمعيات وينأى بها عن تحقيق أهدافها بنحو غير مرض وسليم، ما يتطلب تحركا حكوميا لحماية هذه الجمعيات من هذا التغول الواضح والذي لا يوجد له ما يبرره في سياق المنطق السليم والحصيف، فإذا كان البعض لديه الرغبة في التطوع في خدمة هذه الجمعيات ولوجه الله تعالى فلا بأس في ذلك وله الشكر والتقدير على مساعيه الحميدة، ولكن لا ينبغي أن ينال شرف عضوية الجمعية إذ الشروط لا تنطبق عليه، كما إنه يتعين عليه أن يعي بأن الجمعية ليس لديها ما تقدمه له غير عميق الامتنان ومن خلف الأبواب الموصدة.
نأمل من الجميع ممن ليست لهم علاقة بهذه الجمعيات ووفقا لمسمياتها أن يرفع يده عنها وأن ينأى بنفسه عنها، ويتركها لأصحاب العلاقة ولأصحاب القضية فأهل مكة أدرى بشعابها هكذا قالت العرب قديما، وذاته القول يعود مجددا وبصيغته المحدثة، فالمكفوفون هم أدرى بشعاب حياتهم، والمبصر لا يستطيع مهما حاول أن يتحدث بذات لسان أصحاب القضية.