أهالي إمطي.. مشروع تخليد اللحظة الأثرية بالفن

مزاج الاثنين ٢٥/مارس/٢٠١٩ ١١:٥٧ ص
أهالي إمطي.. مشروع تخليد اللحظة الأثرية بالفن

مسقط - ش
أشاد أهالي قرية إمطي بولاية ازكي بمحافظة الداخلية بالمشروع الفني الثقافي التشكيلي لقرية (إمطي) والذي تشرف عليه الفنانة التشكيلية مريم بنت محمد الزدجالية بمبادرة شخصية منها بالتعاون مع أهالي القرية من الشباب المبدعين ومجموعة من شركات القطاع الخاص وبإشراف وزارة التراث والثقافة حيث يعد المشروع بفكرته الفنية نموذج متفرد في إعادة القرى العمانية القديمة ببيوتها ومكوناتها إلى الواجهة واستغلالها بما يخدم مجتمع القرية وأهاليها.

المشروع سيسهل في إقامة فعاليات متعددة فنية سياحية ثقافية
سعادة يونس بن علي بن عزان المنذري عضو مجلس الشورى ممثل ولاية إزكي قال: إن ولاية إزكي تعتبر من أقدم المدن العمانية وتقع في محافظة الداخلية. أسسها مالك بن فهم الأزدي قبل الإسلام عندما دخل عمان ليحررها من الفرس وكانت تسمى قبل ذلك بـ"جرنان" نسبة إلى كهف جرنان. وبعد دخول أهلها الإسلام تغير اسمها إلى "إزكي" لأنهم زكوا أنفسهم بدخولهم للإسلام وكانوا أول من أخرجوا الزكاة. وتوجد في إزكي الكثير من الآثار ما بين قلاع وحصون وأبراج وحارات قديمة. ومن ضمن هذه الحارات "حارة العين الأثرية" ببلدة إمطي، حيث تم تصنيف هذه الحارة في المستوى الأول ضمن تصنيف وزارة التراث والثقافة. وتتميز الحارة عن غيرها من الحارات ببنائها الهندسي الجميل ويظهر ذلك جليا في بناء أقواس الصباحات "المداخل" وكذلك جدران المنازل التي بنيت من الحجارة والأسقف بطريقة هندسية متميزة. تتخلل الحارة الطرقات الضيقة ويمر خلالها من الجهة الشرقية فلج السواد الذي يكاد تسمع خريره أثناء المرور داخل الحارة. يعكف أبناء القرية حاليا على ترميم بعض أجزاء الحارة وتجميل مداخلها ويتم ذلك بالتعاون مع بعض الجهات الحكومية كوزارة التراث والثقافة ووزارة السياحة. كما تنفذ مدرسة أم الخير للتعليم الأساسي مشروعها من أجل الوطن تفاعل ايجابي وشعور بالمسؤولية وهو مشروع يعنى بتفعيل دور الحارة واستغلالها بما يتناسب معها.
كما تقوم الفنانة التشكيلية مريم الزدجالية وبالتعاون مع أهالي القرية بترميم بعض أجزاء الحارة وتجميلها من أجل إقامة معرض فني متكامل والذي بلا شك سيكون له دور كبير للتعريف بالحارة وإبراز دورها مما سيسهل إقامة فعاليات متعددة طوال العام وهنا نتوجه بالشكر الجزيل لكافة الجهات الداعمة والمتعاونة للدفع بمشروع ترميم الحارة والذي كان له الأثر الطيب في نفوس الأهالي".

تجربة فريدة في خلق التجانس بين مفردات مختلفة في هذا الموقع
وقال أحمد بن محمد بن حمود التميمي مدير دائرة التراث والثقافة بمحافظة الداخلية مشروع الفنانة القديرة مريم الزدجالية يعد من المشاريع الاستثنائية التي ستقدم نموذجا لتوظيف المواقع التاريخية وشد الأنظار إليها، ويجسد مدى قدرة الفنان في تسخير الفن نحو خدمة التراث، والفنانة مريم الزدجالية بخبرتها الطويلة ستقدم للجمهور تجربة فريدة في خلق التجانس بين مفردات مختلفة في هذا الموقع ، وتجاوبا مع هذا المشروع فقد قوبل المشروع باستجابة من الجميع حيث قدمت دائرة التراث والثقافة بالمحافظة التسهيلات اللازمة لإنجاح هذه الفكرة فيما وجدت الفكرة تجاوبا واستحسانا من قبل الأهالي الذين شكلوا بدورهم فريقا للتواصل المستمر مع الفنانة وقدم القطاع الخاص الدعم اللازم لإنجاح الفكرة والذي نقدم لهم الشكر جميعا على مبادراتهم خدمة لتراث هذا البلد.
وأضاف: إن هذه الفكرة التي تطرحها الفنانة مريم لإحياء الموقع وتظافر هذه الجهود جميعا هي مؤشرات نحو الإحساس الفردي والجماعي بمسؤولية المشاركة مع الجهات الحكومية نحو إيلاء هذه المواقع الرعاية وغرس قيم المحافظة عليها في فئات المجتمع المختلفة وفي الأجيال الناشئة من طلبة المدارس.

كنوز لا توصف تحملها هذه القرية
من جانبها أكدت عائشة بنت علي السليمية مديرة مدرسة أم الفضل للتعليم الأساسي إن القرية الأثرية القديمة هي كتاب يحكي تاريخ ماضي الآباء والأجداد بما تحويه من أدوات تراثية تشهد على عراقة الماضي الأصيل .من هنا تولدت فكرة الفنانة التشكيلية مريم الزدجالية بإنشاء معرض فني ثقافي باختيارها قرية إمطي (العين والسواد) لتحظى بهذا التجسيد الرائع لتحيي من خلاله ماضي الآباء والأجداد كنوز لا توصف تحملها هذي القرية تحكي كل قطعة بها تاريخا عظيما ما بين أدوات ووسائل الطبخ وأدوات التشييد من أبواب وشبابيك بجانب أدوات الحياة اليومية التي استخدمها آباءنا وأجدادنا في هذه القرية للزراعة وتربية المواشي.
المعرض سيشمل وفقا لتواصلي مع الفنانة مريم الزدجالية مديرة الجمعية العمانية للفنون التشكيلية على العديد من الأعمال التجميلية للقرية مع الحفاظ على الهوية العمانية الأصيلة ' وتركيب لوحات جدارية من تصميمها الشخصي، وتشكيل مجسم لبئر قديم بالقرية، وإعادة الجلسة تحت إحدى الأشجار المعمرة (شجرة السوقمة)، وإعادة تأهيل البوابات والنوافذ المتأثرة وصيانة لبعض المنازل الموجودة بإشراف من وزارة التراث والثقافة وبتعاون شركات القطاع الخاص وأهالي القرية وشبابها، بالإضافة إلى تنظيم معارض تعود بالفائدة على أهالي القرية لاحقا.

عُماننا الحبيبة حباها الله بموروثات جميلة
وعبر فلاح التوبي أحد أهلي القرية عن فرحة بإعادة قرية امطي إلى الواجهة من خلال هذا المشروع وقال إن عُماننا الحبيبة حباها الله بموروثات جميلة وكل من يزورها يلفت انتباهه الحارات القديمة المترامية في معظم الأحياء العمانية، بيوت حجرية وبعضها طينية أسقفها خشبية من حطب الكندل وجذوع النخيل، هجرها سكانها واتجهوا نحو البيوت الحديثة ، ومن هذه الحارات حارة العين بقرية إمطي بولاية إزكي، كما أن منظومة الحياة قد اكتملت بجريان فلج السواد بطريقة هندسية فريدة بين بيوت الحارة والمزارع والذي شقته الأيادي البارعة ،فهذه الحارة تشكل كنزا تراثيا فعندما تتجول فيها تشاهد جمالها وسحرها وتحس بالراحة والدفء بحيث تشعر بأنك تمشي ضمن حكاية تروي حياة سكانها ، حيث كانت الحارة عبارة عن مدينة مصغرة لها أبوابها ومساجدها ومدارسها لتحفيظ القرآن الكريم تغرس في النشأ جذور العادات والتقاليد العريقة قبل أن تلقن الأطفال العلم وتربي الأجيال على مبدأ العلم والعمل والكفاح من أجل الحياة.

توظيف أدوات الفن التشكيلي المعاصرة في هذه القرية الحضارية
من جانبها أوضحت الفنانة مريم الزدجالية إلا أن الأعمال جارية لإحياء النبض بهذه القرية التاريخية والذي سوف يضم على مجموعة من الفعاليات المختلفة ذات الطابع الفني والثقافي ومعرضا شخصياً في كل من القرية والمتحف الوطني في الفترة القادمة، و يكون هذا المشروع عبارة عن معلم ثقافي، سياحي تعليمي يخدم المجتمع من خلال توظيف أدوات الفن التشكيلي المعاصرة في هذه القرية الحضارية والتي ستكون بلاشك معلم جذابا للسياحة يضاف إلى المعالم الأخرى التي تنفذها بعض المؤسسات، ومازلنا بحاجة إلى المزيد من الدعم لتكملة بقية المتطلبات لإخراج القرية بشكل يليق لمكانتها التاريخية والجغرافية، وقدمت الزدجالية شكرها للشركات والمؤسسات التي قدمت مساهمتها ودعمها لهذا المشروع وأشادت بأهالي القرية فرداً فرداً على تعاونهم الكبير، وثمنت جهود سعادة يونس بن علي المنذري عضو مجلس الشورى ممثل ولاية إزكي على وقفته ودعمه المتواصل في إنجاز هذا المشروع الذي يحكي تاريخ هذه القرية بموروثها المادي والمعنوي مؤكدة على إن ، هذا العمل بمثابة ترويج للحارة وتوثيقها في مختلف وسائل الإعلام كجزء من الموروث الثقافي والحضاري لعمان، لتصبح مزاراً سياحياً للكثير من المهتمين بتتبع أثر وملامح الماضي".