الرئيس الانتقالي

الحدث الأربعاء ١٠/أبريل/٢٠١٩ ١٠:٥٧ ص
الرئيس الانتقالي

الجزائر- أ ف ب

عيّن البرلمان الجزائري، امس رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح رئيساً مؤقتاً للبلاد، فيما أفادت وسائل إعلام جزائرية بخروج تظاهرات للشارع احتجاجاً على تعيين بن صالح رئيساً مؤقتاً.

وكان البرلمان الجزائري قد ثبّت أثناء الجلسة التي عقدها الشغور النهائي لمنصب الرئيس، وقال الرئيس المؤقت: «نحن أمام واجب وطني لتوفير أنجع الظروف خلال الفترة القصيرة القادمة».
ويعارض المتظاهرون، الذين يطالبون بإصلاحات ديمقراطية شاملة، شخصيات مثل بن صالح الذي كان أحد أفراد الدائرة المقربة من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة التي هيمنت على الحياة السياسية في الجزائر على مدى عقود.
وبموجب الدستور الجزائري، سيدير بن صالح البلاد لحين إجراء انتخابات جديدة.
وقال بن صالح للبرلمان إنه يتعين العمل على تمكين الشعب الجزائري من انتخاب رئيس في أقرب وقت ممكن.

وبعد اكثر من شهر من الاحتجاجات العارمة وغير المسبوقة في كل أنحاء البلاد، اضطر بوتفليقة إلى الاستقالة في الثاني من أبريل تحت ضغط الشارع وضغط الجيش الذي هدد بالتوقف عن الاعتراف بسلطته. وحكم بوتفليقة (82 سنة) الجزائر لنحو 20 سنة بينها سبع سنوات وهو مريض بعد اصابته بجلطة في الدماغ في 2013، لكن رغبته بالترشح لولاية خامسة في الانتخابات التي كانت مقررة في 18 أبريل فجّرت تظاهرات حاشدة.

وبعد أسبوع من استقالته من المقرر أن يجتمع البرلمان بغرفتيه، المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، صباح الثلاثاء لمعاينة «شغور» رئاسة الدولة.
وبحسب الدستور يتولى رئيس مجلس الأمة «مهمات رئيس الدولة لمدّة أقصاها 90 يوما، تنظم خلالها انتخابات رئاسية ولا يحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة أن يترشح لرئاسة الجمهورية».

الشارع يرفض

وساد الهدوء صباحا العاصمة الجزائرية، بينما كان المواطنون يتجهون الى أعمالهم، والمتاجر تفتح أبوابها كالعادة.
ويرفض المتظاهرون الذين يتجمعون بمئات الآلاف منذ أكثر من شهر كل يوم جمعة خصوصا في كل أنحاء البلاد، أن تتولى شخصيات مرتبطة ببوتفليقة وعلى رأسها بن صالح قيادة المرحلة الانتقالية.
وقال حميد (47 عاما) داخل مقهى قرب البريد في وسط العاصمة الجزائرية صباح الثلاثاء «بن صالح يعني بوتفليقة. الناس لا يريدونه. يجب أن نجد نحن أشخاصا يحكمون البلاد». وأضاف «إذا تم تعيين بن صالح، سنعود الى الشارع بالتأكيد».
وقالت نور (17 عاما) لفرانس برس قرب مدرستها في الجزائر الثلاثاء «بوتفليقة انتهى. ولا نريد بن صالح. الشعب هو من يختار». وقال المقاول مراد (خمسون عاما) بينما كان يوصل ابنتيه الى المدرسة إن على بن صالح «أن يستقيل. إنه صوت الشعب»، مشيرا الى أنه يتظاهر كل يوم جمعة مع ابنتيه البالغتين من العمر ست وتسع سنوات. المتظاهرون الذين طالبوا منذ شهر ونصف شهر برحيل «النظام» كاملا من السلطة، يرفضون أن تتولى شخصيات مرتبطة ببوتفليقة وعلى رأسها بن صالح قيادة المرحلة الانتقالية.
وكانت تظاهرة يوم الجمعة السابع، الأولى بعد استقالة بوتفليقة، رفعت شعار رفض «الباءات الثلاث»، وهم عبدالقادر بن صالح، والطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري، ونور الدين بدوي رئيس مجلس الوزراء. وقررت حركة مجتمع السلم، التي دعمت بوتفليقة حتى انسحابها من التحالف الرئاسي في 2012، مقاطعة جلسة البرلمان معتبرة حضورها «تثبيتا تلقائيا للسيد عبدالقادر بن صالح كرئيس للدولة وهو موقف مخالف لمطالب الشعب المعبر عنه بوضوح في الحراك». وأضاف الحزب الاسلامي الأكبر والمعارض الأبرز في البرلمان (34 نائبا من أصل 462) ان «جلسة البرلمان شكلية» بما أن «استقالة الرئيس نهائية بأحكام الدستور».
ويبدو أن رغبة الشارع الجزائري كان لها الصدى الايجابي لدى أصحاب القرار، فقد أشارت صحيفة المجاهد الحكومية التي تنقل عادة رسائل السلطة في الجزائر، في عددها الصادر الأحد، الى إمكانية استبعاد عبدالقادر بن صالح من رئاسة المرحلة الانتقالية عبر اختيار رئيس جديد لمجلس الأمة. وجاء في الصحيفة «يجب العثور في أسرع وقت ممكن على حل لمسألة رئاسة مجلس الأمة، إذ إن الشخصية الحالية غير مقبولة من المواطنين» الذي يتظاهرون دون انقطاع منذ 22 ‏فبراير.
وبالنسبة للصحيفة الناطقة بالفرنسية فإن «الأمر ليس مستحيلًا، فيمكن إيجاد شخصية توافقية لها مواصفات رجل دولة لقيادة مرحلة انتقالية قصيرة؛ لأن المهم هو تجاوز الخلافات».

مشكلة فعلية

لكن المشكلة تكمن في إصرار رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح الرجل القوي في الدولة، على أن تتم خلافة بوتفليقة في إطار أحكام الدستور. بينما يطالب المحتجون بالخروج عن إطار الدستور وإنشاء مؤسسات انتقالية يمكنها إطلاق إصلاحات عميقة وتنظيم انتخابات حرة. وما اقترحته صحيفة المجاهد هو ان ينسحب بن صالح، فيعود منصب رئيس الدولة إلى خليفته على رأس مجلس الأمة.
لكن رشيد غريم أستاذ العلوم السياسية في المعهد العالي للتسيير والتخطيط بالجزائر العاصمة، اعتبر أن «الشارع سيرفض بن صالح وأي شخص آخر من مجلس الأمة». وفي حال شغور منصب رئيس مجلس الأمة، فإن الدستور ينص على أن يتولى الرئاسة، الطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري المرفوض هو الآخر.
ويضيف غريم «وهنا يكمن المشكل الحقيقي، فالجيش يريد أن يتم كل شيء مع احترام الدستور، بينما يريد الشارع الخروج من إطار الدستور. وإذا لم تُليّن المؤسسة العسكرية موقفها سنصل إلى حالة قطيعة، وسيكون من الصعب التحكم بالشارع». والاثنين الفائت، أكدت افتتاحية صحيفة المجاهد، التي واكبت الأحداث الأسبوع الفائت فتحولت من متحدث باسم الرئاسة إلى الجيش، أن «نجاح العملية الانتقالية يتطلب انتقالًا سلسًا وتدريجيًا دون مواجهات، من النظام الحالي إلى نظام جديد لتجنب أي انزلاق».
لكن الصحيفة تحدثت أيضا عن حل وسط بإنشاء «لجنة مستقلة» تكون مسؤولة عن العملية الانتخابية بشكل كامل. وأشارت الصحيفة المملوكة من الدولة أن «الجيش الوطني الشعبي لا يريد أن يكون له أي دور سياسي» في المرحلة الانتقالية.