«هواة العود» تُعيد إحياء فن صناعة العود

مزاج الاثنين ١٥/أبريل/٢٠١٩ ١٢:٢٣ م
«هواة العود» تُعيد إحياء فن صناعة العود

مسقط - ش
يأسرنا ذلك الصوت المتدفق بترف من تلك الآلة الساحرة المدعوة (بآلة العود) أو كما يصفها البعض (بآلة المسرات) لقدرتها على استحضار مسرة النفس لمجرد الاستماع إلى ألحان أوتارها الشجية.. تلك الآلة الشرق أوسطية الأصل لصانع ماهر يمتلك نفس الروح التي تُطلقها، صانع لا يفقدها اتزان السحر الذي تُصدره أصواتها، بل يُساهم في ازديانها بنقوش وزخارف جذابة تحكي هوية الآلة وأصولها الشرقية القديمة.
وتعتبر الجمعية العمانية لهواة العود التابعة لمركز السلطان قابوس للثقافة والعلوم بديوان البلاط السلطاني من المؤسسات التي تولي لتلك الآلة الساحرة أهمية كبيرة وتحاول قدر الإمكان أن تهتم بها وتبرز هُويتها من خلال الفعاليات والبرامج المختلفة التي تصممها من قبل أساتذة ومحترفين سواء في مجال العزف أو صناعة الآلة نفسها، وتقوم حاليا الجمعية بأحياء تراث تلك الصناعة، وذلك من خلال تنفيذ ورشة للمهتمين والهواة في تعليم صناعة أجزاء العود والزخارف الملحقة بالطرق المختلفة في مقر الجمعية بمنطقة الحيل الجنوبية بولاية السيب، من المقرر الانتهاء منها أواخر الشهر الجاري، حيث تلاقي الورشة عدد لا بأس به من الهواة والشغوفين بصناعة آلة العود.

الزخرفة بواسطة الأركت
وللاقتراب أكثر من هذه الورشة وأهم ما تحتويه يقول يوسف بن سعيد الأزكي، فني صيانة آلات موسيقية، ومدرب الورشة: (الورشة ستحوي تدريب نظري وعملي على صناعة العود وعمل الزخرفة اليدوية عليه بواسطة منشار الاركت وهو منشار خاص بفن الاركت العريق الذي يحتاج إلى دقة ومهارة عالية ويتميز بأشكاله وتصميماته الخلابة ذات الذوق الرفيع، كما ستحوي الورشة على طرق مزج ألوان الخشب لتكوين أشكال مختلفة من الزخرفة والتطعيم على الخشب، كما سيتعرف المشاركون أيضا في الورشة على صناعة القوالب التي يتم تركيب الأعواد عليها، ونبذة عن السلامة المهنية عند صناعة الأعواد، وبشكل عام شرح واف عن عالم الأخشاب ومواطنها والجيد منها والرديء في صناعة الأعواد بشكل خاص؛ وتستهدف الورشة الأعضاء المسجلين لدى الجمعية من هواة الأعمال الخشبية تحديدا، وأعضاء جدد لديهم شغف في آلة العود وصناعتها).
(وتستهدف مثل هذه الورش التي تتبناها الجمعية العمانية لهواة العود- موطن بِناء هواة العود في عمان- إبراز المواهب الجديدة على ساحة الورش الفنية، فهناك شباب كثيرون يجيدون الصناعة والنقش على الأخشاب ويحتاجون لصقل مهاراتهم وتعليمهم الأساسيات الأكاديمية لخروج أعمالهم بالشكل الملائم لاسيما المهتمين بصناعة الآلات الموسيقية الوترية، كما أن الورشة تهدف إلى إعطاء أولئك الشباب معلومات علمية وتاريخية في عالم تلك الصناعة، وإيصال لهم ما هو جديد في هذا المجال، وفرز منها التحديات التي تواجه هذه المهنة للتمكن من رسم خطة لتخطيها وتشجيع الهواة عليها، ووضع الخطوط الأساسية لبناء ورشة متكاملة الأبعاد لصناعة الآلات الموسيقية).

السوق مليء بالأعواد الرديئة
من جانب آخر يقول الازكي إن مهنة صناعة الآلات الموسيقية الوترية في الوطن العربي بشكل عام وتحديدا آلة العود، تواجه تحديات عديدة أهمها ندرة الأخشاب وعدم توفرها فآلة العود كمثال تحتاج إلى نوعيات ومواصفات معينة من الأخشاب وطرق محددة الزخارف فاختلاف أصوات عودين أو أكثر وعدم تشابه أي منهما مع الآخر يعود إلى طريقة صنع العود والأخشاب المصنوع منها، كما إن الكثير من الهواة يعانون في الحصول على العود المناسب، فالسوق مليء بالأعواد الرديئة، والأخرى المبالغ في أسعارها، والمحلات التي تبيعها قليلة وتحتوي غالبا على الأعواد التجارية الرديئة، هذا غير إحجام الشباب في الوطن العربي عن هذه الصناعة ،وتوجهم لصناعات تدر لهم دخل أكثر، فمثل هذه الورش التي تحرص الجمعية العمانية لهواة العود أن تكون ضمن خططها السنوية تُساهم في مقاومة رياح الاندثار التي تعتري صناعة تلك الآلات الوترية، التي يُعتبر (العود) باكورة ظهورها في الساحات الفنية المختلفة على مر العصور.