نظام إلكتروني لكشف الغش الأكاديمي

بلادنا الخميس ١٨/أبريل/٢٠١٩ ١٢:٠١ م
نظام إلكتروني لكشف الغش الأكاديمي

مسقط - ش
من خلال نظام إلكتروني تطبقه وزارة التعليم العالي، من يقوم من الطلاب في السلطنة بتقديم أعمال منتحلة أو مسروقة أو يدفع أموالا لغيره ليقوم نيابة عنه بكتابة أو إعداد البحث أو الموضوع العلمي المطلوب منه إعداده، يعرض نفسه للطرد الفوري في حال اكتشفه النظام الإلكتروني الخاص بوزارة التعليم العالي.
تعرف هذه الممارسة باسم «الغش الأكاديمي» (contract cheating)، حيث يقوم الطلاب بدفع أجر لكتّاب محترفين أو خبراء في المجال الذي يحتاجون لإعداد بحث فيه مقابل كتابة أو إعداد البحث أو المادة العلمية المطلوبة، ويعتمد مقدار هذا الأجر على عدة عوامل منها عدد كلمات الموضوع المراد كتابته وعمق البحث المطلوب ومقدار الوقت المتبقي قبل الموعد النهائي المحدد لتسليم البحث أو الموضوع.
وقالت مديرة البرامج الأكاديمية بوزارة التعليم العالي، موزة بنت أحمد الوشاحية، لـ»الشبيبة» وتايمز اوف عمان: «بالطبع لا يمكن منع هذه الممارسة تماما بوزارة التعليم العالي ولكن الوزارة لديها نظام إلكتروني يقيس الانتحال الأدبي والأكاديمي عند قيام الطلاب بتسليم مشروعاتهم الأكاديمية».
وتقول»إن التجارة في المشاريع العلمية هي مشكلة عالمية وهناك مؤسسات رسمية في جميع أنحاء العالم تقدم هذه الخدمات ويمكن للطلاب الوصول إليها سواء من داخل السلطنة أو خارجها. وهذه المؤسسات تعرف كيف تتغلب على الأنظمة التي تتتبع وتكتشف السرقات الأكاديمية بحيث لا يتم اكتشاف أنها تنتهك تلك الأنظمة».
وواصلت الوشاحية حديثها قائلة: «لا يمكن الحد من هذه المشكلة إلا بزيادة وعي الطلاب بأهمية وفوائد الجهد الشخصي في دراساتهم. فلو أن الطالب قام بشراء عمل أكاديمي فقد يحصل على التقييم والدرجات والشهادة التي يطمح إليها، ولكن هذا الانتحال سيتم اكتشافه بمجرد دخول الطالب إلى سوق العمل حيث يتم هناك اختبار المهارات التي اكتسبها بالفعل».
وأضافت: «يجب على الطالب العمل بجد والتعلم من الصعوبات التي يواجهها بدلا من اللجوء إلى الغش من خلال مؤسسات تجارية، لأن هذه المؤسسات تغش الطالب أيضا، لأنه في بعض الحالات يقوم النظام باكتشاف عملية الانتحال ومن ثم يخسر الطالب الشهادة والمال معا».
ويقول عدد من أساتذة الجامعات: إن الطلاب الذين يتورطون في الغش الأكاديمي، إما من خلال قيامهم باستخدام آخرين أو قيام آخرين باستخدامهم، يمكن أن يواجهوا الطرد الفوري من الجامعة. وبالإضافة إلى وجود عدد من المواقع الإلكترونية التي تقدم مثل هذه الخدمات، هناك أيضا العديد ممن يمارسون الغش الأكاديمي من خلال الإعلان على وسائل التواصل الاجتماعي مما يسهل على الطلاب الوصول إليهم. وقال المهند البادي، المحاضر في اللغة الإنجليزية في الكلية التقنية بالمصنعة، إنه يجب سن قوانين لمعاقبة من يمارسون الغش الأكاديمي. «للأسف هناك بعض الناس يستغلون احتياجات الطلاب ويقومون بالإعلان عن قيامهم بكتابة التقارير والأبحاث نيابة عنهم. هذه الثقافة دخيلة على سلطنة عمان، وقد اكتشفنا أن هؤلاء الطلاب مارسوا عملية الغش الأكاديمي ببساطة شديدة وذلك لأن مستوى العمل الأكاديمي المقدم منهم جيد جدا بحيث لا يمكن أن يكونوا هم من قاموا به. الأستاذ يعرف الطالب، ولذلك فإن العمل الأكاديمي الذي لم يقم به الطالب بنفسه يظهر جليا، وأنا عادة ما أطلب من الطالب أن يشرح ويوضح العمل. بالطبع لدينا سياسات قوية ضد الغش الأكاديمي ولكن في بعض الأحيان يكون من الصعب اكتشاف بعض الحالات، إلا إذا كنت كأستاذ تعرف الطالب جيدا».
وأضاف البادي: «عندما أسال بعض الطلاب يقولون لي إنهم لم يشتروا العمل ولكنه طلب من أخيه أو صديقه القيام بالمهمة نيابة عنه، ولكني لا أصدقهم دائما. لا يمكنك اتهام الطلاب بالغش الأكاديمي إن كنت لا تعرف فعلا هل هذا العمل عملهم أم لا، إلا إذا كان هناك سياسات تنظم هذا الأمر. والحمد لله أنني لم أواجه سوى حالات قليلة من هذا النوع من الغش، ولكنه موجود. أرى أننا بحاجة إلى قوانين للتعامل مع الذين يقدمون هذا النوع من الخدمات لأن هذا النشاط يجب ألا يكون موجودا في عُمان». وقال محمد ياسين، مدير التعليم الإلكتروني في كلية مجان الجامعية، إن الغش الأكاديمي يتعارض مع الأمانة الشخصية والأكاديمية التي يجب أن تكون جزءا من أي مهمة عمل أكاديمي يقوم الطالب بها. «الأمانة الأكاديمية هي جزء جوهري من أي تعليم عالي، وعلينا أن نقول للناس إن هذا خطأ وليس هناك قيمة في الحصول على درجة علمية من خلال هذا السلوك. فإن كنت خريجا جامعيا وكنت تقوم بالغش أثناء دراستك الأكاديمية للحصول على شهادتك فلن تحصل على وظيفة في أي مكان. أولا، يجب أن تعلم أن الغش الأكاديمي يعد جريمة ولن يفيدك، وثانيا، إذا تواصل معك أحد من هؤلاء الأشخاص يجب عليك عدم التعامل معه، بل عليك إبلاغ المسؤولين في كليتك أو مشرفك الأكاديمي وحظر حساباتهم».
وأضاف محمد ياسين: «هناك أنواع مختلفة من العقوبات، بحسب الظروف، منها الرسوب مهمة العمل أو في المادة الدراسية نفسها في حالة تكرار هذا الفعل. وهذه الممارسات تعد جرائم أكاديمية ويمكن أن تؤدي إلى طرد الطالب من الكلية، وهذا يتوقف على درجة وشدة كل حالة».
وتحدث أحد الطلاب إلى «الشبيبة» و»تايمز اوف عمان» قائلا: «أنا نادم على هذا الفعل، ولن أكرره بعد ذلك. في ذلك الوقت كنا مجموعة من الزملاء مكلفين بمهمة أكاديمية جماعية، فكنت أنا الذي أقوم بالعمل، لأن كثيرا من الفتيات اللواتي كنّ معي في المجموعة كنّ مشغولات بالعمل أو بالأطفال ووضعوا كل عبء العمل في المهمة الأكاديمية على عاتقي أنا. كان المطلوب أكثر من قدرتي لذلك طلبت المساعدة من شخص آخر للقيام بالمهمة المطلوبة مقابل أجر».
وقال طالب آخر: «العديد من الزملاء الذين اعتدت الدراسة معهم لم يكلفوا أنفسهم عناء كتابة الأبحاث بأنفسهم، بل كانوا يدفعون لشخص آخر للقيام بإعداد البحث نيابة عنهم. وقد عرفهم الأساتذة وبالطبع تم ضبطهم». كما تحدثت الشبيبة أيضا إلى كتّاب أكاديميين محترفين لمعرفة أسباب توليهم لمثل هذه المهام. قال أحد هؤلاء الكتّاب: «أنا أقوم بهذا العمل منذ أكثر من سبع سنوات، وأتقاضى مبلغ 25 ريالا عمانيا عن كل 2000 كلمة، وأستطيع أن أكتب أي شيء تريده، كل ما احتاجه منك هو أن تخبرني عن الكلية التي تدرس فيها وماذا يريد الأستاذ وإن كنت تريد أنت شيئا إضافيا».
وقال آخر: «بعض الناس يخافون جدا من استخدام هذه الخدمات إلكترونيا عبر الإنترنت والبريد الإلكتروني، فهم يفضلون عدم الحصول على البريد الإلكتروني للشخص الآخر، لذلك فإنهم يتفقون على اللقاء في مكان معين ويستلم الطالب البحث أو مهمة العمل يدا بيد».