رمضان حول العالم.. لغات عدة وعادات مختلفة والعبادة واحدة

بلادنا السبت ١١/مايو/٢٠١٩ ١٦:٢٩ م
رمضان حول العالم.. لغات عدة وعادات مختلفة والعبادة واحدة

ينفرد شهر رمضان المبارك بجو الدفيء والألفة والمودة فهو الشهر الذي تُصفى فيه النفوس وتقترب إلى خالقها سبحانه وتعالى، وفيه تفتح أبواب الرحمة وتغلق أبواب الحقد والكراهية.

يتطلع المسلمون في مختلف أنحاء العالم إلى هذا الشهر بكل توق وشوق، ففيه يمتنعنون عن المأكل والمشرب وكل ملذات الدنيا منذ شروق الشمس حتى غروبها إبتغاء مرضاة الله عزوجل وفيه يحرص الناس على إرضاء المولى عبر أداء صلوات النوافل وحلقات الذكر والتواصل مع الأرحام إضافة إلى قراءة وختم القرآن الكريم.

وينتظر المسلمون هذا الشهر الفضيل عبر تحري هلال رمضان وما أن تثبت الرؤية حتى يتجه الناس إلى المساجد لأداء صلاة التراويح والتي تتبعها عادة حلقة ذكر وأدعية، وتتبع الصلاة إرسال التهاني الرمضانية للأهل والأصدقاء.

ويمتاز شهر رمضان الكريم في سلطنة عمان بكونه شهر العطاء حيث يحرص الناس على أداء الأعمال التطوعية كتوزيع الأطعمة على عابري السبيل ومساعدة المحتاجين و توزيع الصدقات على الفقراء إضافة إلى تشييد موائد الرحمن في المساجد لنيل أجر إفطار الصائمين.

ولهذا الشهر نكهة خاصة بالسلطنة فالسيدات يتفنن بإعداد الأطباق الخاصة التي لا تعد في هذا الشهر منها "الشوربة" وهي حساء تتختلف مكوناته من بيت لآخر لكن المقادير الشائعة هي اللحم والبقوليات والبهارات، إضافة إلى طبق "الهريس" المكون من القمح المطحون والذي يخلط مع اللحم ويمزج ليكون متماسكاً، كما أن طبق "الثريد" أو الفتة العمانية هو طبق رمضاني بإمتياز مكون من مرق اللحم الممزوج مع رقائق الخبز وقطع من الخضار.

ويحتفل الناس في السلطنة في ليلة ال15 من الشهر الفضيل بعادة "القرنقشوه" والتي تعرف في بعض الدول الخليجية باسم "القرقعيان" ويرتدي الأطفال في هذه الليلة ملابس جديدة ويقومون بالمرور على البيوت وترديد الأهازيج الشعبية مقابل الحصول على قطع الحلوى.

ومع إنتهاء رمضان واقتراب عيد الفطر السعيد تشيد الأسواق المفتوحة المعروفة باسم "الهبطة" بالسلطنة ويتم خلالها بيع مستلزمات العيد من ملابس وألعاب وحلوى إضافة إلى المكسرات لكن ما يميز الهبطات هو بيع المواشي لإعداد طبق الشواء أو طبق المشاكيك (أو ما يعرف بالكباب في بعض الدول العربية) وهي أطباق لا غنى عنها طيلة أيام العيد.

ولهذا الشهر ملامح خاصة تختلف من دولة إسلامية إلى أخرى، ففي مصر يقترن اسم رمضان بالفوانيس (المصابيح) التي تعلق في كل مكان والتي يحملها الأطفال مرددين بعض الأهازيج الرمضانية وهي عادة متبعة منذ العهد الفاطمي كما يتسم الشهر الفضيل بروحانية فريدة حيث تشدو مكبرات الصوت في مختلف أرجاء مصر بأصوات قارئي القرآن الكريم ويحرص الناس على أداء جميع الصلوات في المساجد وزيارة أضرحة أولياء الله الصالحين.

ولا يمكن لأي مصري أن يحتفل برمضان دون الحلويات التي تمتاز بها بلادهم مثل البقلاوة والكنافة والبسبوسة إضافة إلى القطائف المحشوة بالمكسرات ومن العادات التي لا تزال تمارس في مصر حتى اليوم سماع صوت المدفع إيذاناَ بدخول موعد الإفطار.

أما في باكستان فمن العادات الرمضانية قيام الناس بعادة "زفاف المرة الأولى" والتي يزف فيها الطفل الصائم لأول مرة كالعريس كما يمتاز شهر رمضان في باكستان بإعداد المشروبات المنعشة كشراب "روح أفزا" المعد من مستخلصات الفاكهة والأعشاب والورد ويمزج عادة مع الحليب أو الماء.

وتحفل المائدة الباكستانية خلال شهر رمضان بما لذ وطاب من أصناف, يأتي في مقدمتها طبق "حليم" المكون من القمح المطهو مع الأرز والعدس والشعير ويضاف إليه الدجاج والبهارات المختلفة ويستغرق إعداد هذا الطبق 8 ساعات, ومن الأطباق الشعبية خلال هذا الشهر السمبوسة وهي عبارة عن فطائر مقلية محشية باللحم المفروم أو الخضار.

ورغم الساعات الرقمية الحديثة والتكنولوجيا، لازال المسحراتي يقوم بدوره في باكستان حيث يطوف الأحياء السكنية ويقرع الطبول إيذاناَ بقرب موعد السحور.

وفي ماليزيا تنعكس الملامح الرمضانية عبر قيام السيدات بالمرور على المنازل لقراءة القرآن الكريم في الفترة الممتدة ما بعد وجبة الإفطار حتى وجبة السحور ويشهد هذا الشهر إنتعاشاً تجارياً لا يضاهيه أي شهر حيث تشيد الأسواق الشعيبة المفتوحة ليلاً لإشباع شهية الصائيمن في فعاليات تستمر حتى موعد السحور.

كما يتميز شهر رمضان في ماليزيا بإستبدال الشباب الملابس العصرية الحديثة بالملابس التقليدية البسيطة وإرتداء القبعة المستطيلة التي تتميز بها ماليزيا.
وفي تركيا يقوم الناس بنثر العطر والمسك على أبواب المنازل طيلة أيام الشهر كما يتسم رمضان في تركيا باللافتات الضوئية التي تعلق بين مآذن المساجد تحمل عبارات الترحيب بشهر الخير وهي عادة متوارثة من الدولة العثمانية تعرف ب"المحيا".

ومن العادات الطريفة المميزة لدى الأتراك خلال رمضان، دس خاتم من الفضة داخل إحدى كرات طبق الكفتة أو "داوود باشا" ويكون الخاتم من نصيب من اكتشف وجوده أثناء تناول الكفتة, ونظراً لأن هذا الشهر هو شهر السماح يقوم الأزواج في تركيا بتقديم "خطاب الولاء" للزوجة يؤكد فيه على حبه لها ويجدد من خلاله الحب ويعتذر عن كل ما بدر منه وتقوم الزوجة في المقابل بإهداء الزوج سوار من ذهب وقد بدأت هذه العادة بالإندثار.

فيما يحتفل مسلمو الصين بقدوم الشهر الكريم من خلال تنظيف البيوت وتزيين الجدران والأسقف بالأعلام الملونة واللوحات القرآنية إضافة إلى فرش السجاد الجديد وتزدحم المساجد بالمصلين والمعتكفين في الشهر الفضيل وتقام حلقات الذكر والدروس الدينية التي تهدف إلى حث الناس على التقرب الى الخالق عزوجل عبر الصوم والأغمال الخيرية.

و يهدف مسلمو الصين على توطيد أواصر الاحترام و زيادة الروابط وينعكس ذلك عبر موائد الإفطار الجماعي والذي لا يخلو من أصناف مميزة كالشاي الأخضر والبطيخ والأرز المطهو على البخار مع لحم الضأن إضافة إلى الكعكة الصينية والتي تحضر من التمر والزبيب والمشمش المجفف.

بينما تنفرد الجزائر بأطول ساعات صيام في الوطن العربي لمدة تصل إلى 16 ساعة تخللها شعائر رمضانية مختلفة كسماع القرآن الكريم والمحاضرات الدينية وحضور الدروس الفقهية.

وتحرص السيدات الجزائريات خلال شهر رمضان على إبراز مهارتهن في إعداد المأكولات الشعبية كالكسكس المطهو مع اللحم والحمص إضافة إلى "المسمن المفتت" والمكون من مرق اللحم والعجين كما تمتاز المائدة الرمضانية الجزائرية بشوربة الحريرة و فطائر البوارك التي تحشى باللحم او الجبن و الخضار.