بكين في كامل إزهارها مع افتتاح معرض البستنة الدولي

مؤشر الأربعاء ٠٨/مايو/٢٠١٩ ١٣:٢٠ م
بكين في كامل إزهارها مع افتتاح معرض البستنة الدولي

بكين - مسقط - شينخوا
خلف الممر التذكاري التقليدي، تقف المنازل البيضاء المزينة بالبلاط الرمادي المنحدر على السطح بالقرب من بحيرة خضراء. وفي الفناء توجد الحدائق ذات الشلالات بهدوء وسط أشجار الصنوبر وأشجار البرقوق وأشجار الدردار.

إنها حديقة مقاطعة آنهوي شرقي الصين في معرض بكين الدولي للبستنة 2019، حيث تبلغ مساحة الحديقة حوالي 3000 متر مربع.
وحرصاً على تقديم لمحة عن الثقافة الفريدة في المقاطعة، حاول المصممون إعادة بناء منازل قرية آنهوي القديمة للجمهور الدولي حتى الممر التذكاري صنع تقديرا لأسلوب عهد أسرة مينغ الإمبراطورية (1368-1644).

ويفتتح معرض البستنة الذي يلقى اهتماما دوليا خلال الفترة من 29 أبريل إلى 7 أكتوبر، ما يساهم في الازدهار الكامل للسياحة في بكين.
ويستعد المعرض الذي يستمر لمدة 162 يومًا لإثارة دهشة عدد متوقع من الزائرين يقدر بـ 16 مليون زائر من الداخل والخارج، بمجموعة كبيرة من النباتات والزهور والأجنحة الساحرة بالإضافة إلى أفكار للتنمية الخضراء.

وأكدت أكثر من 110 دول ومنظمات دولية بالإضافة إلى أكثر من 120 شركة عارضة غير رسمية مشاركتها، ما يمثل أعلى نسبة حضور في تاريخ المعرض.

ويتنافس العارضون على تقديم أحدث إنجازاتهم في مجال البستنة في المعرض الذي تبلغ مساحته 503 هكتارات عند سفح سور الصين العظيم في منطقة يانتشينغ على المشارف الشمالية للعاصمة الوطنية.

وسيتم تنظيم أكثر من 2500 حدث ثقافي، مثل الاستعراضات ومسابقات البستنة خلال المعرض. واختارت العديد من الدول المشاركة أيضًا «يومًا وطنيًا» لعقد مناسبات خاصة لعرض ثقافاتهم المميزة. وهذه هي المرة الثانية التي يعقد فيها الصين مثل هذا المعرض للبستنة على مستوى عالٍ، حيث أقامت مدينة كونمينغ بجنوب غربي الصين المعرض في عام 1999.
وتم إنجاز ما مجموعه 7 مشاريع طرق سريعة رئيسية تهدف إلى تحسين أحوال حركة المرور للمعرض.

ووفقًا لدائرة النقل في بكين، فإن الطرق السريعة المبنية حديثًا لن تخفف فقط من الضغط المروري على الطرق السريعة الوطنية السابقة المؤدية إلى موقع المعرض، بل ستعمل أيضًا على تعزيز التنمية والسياحة في المناطق المجاورة.

وانتهى المعرض من أعمال الرعاية، حيث قام بتوقيع عقود رعاية تبلغ قيمتها حوالي مليار يوان (149 مليون دولار أمريكي) مع 25 شركة صينية، من بينها أير تشاينا والصين منغنيو المحدودة للألبان، وهو رقم قياسي مرتفع للأحداث المماثلة في هذا المجال. ولن ترعى الشركات فحسب، بل ستمد المعرض أيضًا بالمنتجات والخدمات والتقنيات، وفقًا لما ذكره مستشار الحدث.

ووفقًا للمنظم، فقد تم توظيف 2000 متطوع في المعرض معظمهم لديه خبرة سابقة في العمل بالأحداث الكبيرة ويمكنهم تحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة، وبعضهم يتقن الفرنسية والألمانية والإسبانية.

أجنحة لافتة للنظر
في وسط موقع المعرض، يتواجد الجناح الصيني وهو عبارة عن قاعة عرض منحنية على شكل «روي»، وهي حلية صينية تقليدية ترمز إلى الحظ الجيد.

وباعتباره أحد الأجنحة الأربعة الرئيسية للمعرض، يعرض الجناح الصيني مجموعة واسعة من أنواع النباتات من جميع أنحاء الصين ويعرض تاريخ الحدائق الصينية والبستنة.

كما توجد تصميمات رائعة في الأجنحة الرئيسية الأخرى مثل الجناح الدولي الذي يضم 94 عمودًا على شكل مظلة زهرة وفراشة ومسرح غويروي متعدد الألوان والذي يستضيف مراسم افتتاح واختتام المعرض.

ولم تدخر 31 منطقة على مستوى المقاطعة في الصين وكذلك هونغ كونغ وماكاو وتايوان وسعا في تقديم العناصر الثقافية البارزة في مناطق المعرض الخارجية، مثل حديقة تحمل عنوان الباندا العملاقة وأقامتها مقاطعة سيتشوان وكهوف موغاو المصغرة في مقاطعة قانسو ونموذج لبيت القرية التبتية القديمة والذي أقيم بواسطة منطقة التبت ذاتية الحكم.

وفي حديقة مصممة بدقة تغطي حوالي 3000 متر مربع، أعادت مقاطعة يوننان للسياحة بجنوب غربي الصين بناء العديد من معالمها المشهورة، مثل طريق شاي الخيل القديم في شمالي يوننان والمنازل التقليدية في مدينة دالي السياحية ومجموعة من التماثيل البرونزية التي تعرض عملية إنتاج شاي بوير.
ويوجد أيضًا في أكثر من 40 حديقة وجناحًا بناها العارضون الدوليون وتميزت بالثقافة والتاريخ الفريد لكل بلد.

وقال نرمين جارشالوفا، مدير جناح أذربيجان، إن الجناح صمم على شكل صدفة بحرية ليرمز إلى «ديناميكية وشغف البلاد بالتنمية والابتكار».

وإلى جانب النباتات والزهور الأصلية في أذربيجان، يعرض الجناح الأطعمة التقليدية في البلاد والسجاد المصنوع يدويًا وصور لمواقعها ذات المناظر الخلابة. ويمكن للزوار أيضًا مشاهدة مقاطع الفيديو المتحركة التي تظهر ثقافة أذربيجان داخل الجناح الخشبي.
وزرعت شجرة الرمان بجانب الجناح أيضا، والتي وصفها جارشالوفا بأنها «رمزا وطنيا للازدهار والخصوبة».

وصُممت الحديقة اليابانية لإظهار جوهر البستنة اليابانية، وتضم ساحة فناء جميلة مليئة بالأشجار والزهور والصخور والشلالات والجدران المصنوعة من الخيزران. وقال تاكاهاشي ناروكي، المسؤول عن مشروع البناء «إن تصميم الحديقة اليابانية يخلق تناسقا مثاليا لساحة الدار والنباتات والمياه والجبال البعيدة»، مضيفا «إنه يمثل السعي وراء نمط حياة أخضر في الحدائق اليابانية التقليدية». وتقدم جميع أجنحة المعرض والحدائق شيئًا ما لإبهار الزوار.

وقال جياو يو تونغ، من مكتب تنسيق المعارض الدولية في بكين «إن معرض بكين بمثابة منصة للدول المشاركة لعرض ثقافاتها المميزة»، لافتا إلى «أنه يوفر للدول فرصة لمزيد من التعاون في مجال البستنة والزراعة».

مملكة النباتات والزهور
وفي دفيئة ارتفاعها 20 مترًا وتغطي 3000 متر مربع، تترعرع نباتات نادرة مثل خشب الصندل الأحمر واللوز في موطنها الجديد. وقال فو تشونغ رن، المدير التقني لجناح النبات، إن الجناح أحد الأجنحة الرئيسية ويضم ما يصل إلى 1000 نوع من النباتات، من ضمنها أكثر من 100 نوع نادر. ويحتوي الجناح أيضًا على حديقة على السطح مليئة بالزهور الملونة ذات الرائحة العطرة، ومختبر لعلم الوراثة النباتية حيث يمكن للزوار التعرف على أحدث الإنجازات العلمية في تسلسل الجينوم النباتي.
وقال فو «جناح النبات يظهر (مملكة علم النبات) المدهشة للزائرين».

ووفقا لتشو جيان بينغ، نائب المدير العام لمكتب تنسيق معرض البستنة الدولي في بكين، فإن المعرض يقدم مجموعة كبيرة من الزهور والفواكه والخضروات والأعشاب من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أكثر من 1200 نوع من الزهور الأصلية للصين مثل الفاوانيا واللوتس والسحلبية والكاميليا والرودودندرون.

وأضاف تشو أنه يمكن للزوار أيضًا مشاهدة أكثر من 40 نوعًا من أنواع الزهور الجديدة من الدول الأجنبية. وفي حديقة مقاطعة آنهوي، يتم عرض أكثر من 300 نوع من النباتات بما في ذلك أكثر من 200 نوع من الأنواع المحلية للمقاطعة. وقال وانغ يين، رئيس مصممي الحديقة «إن النباتات في حديقة آنهوي تشمل الأنواع المهددة بالانقراض مثل نبتة باروتيا سباكواليس، وقد بذلنا كل الجهود لرعايتها».

وتم نقل شتلات وزراعتها في المعرض لأنواع نباتات نادرة من أجزاء أخرى من الصين لإثارة دهشة زوار المعرض، بما في ذلك شجرة صفصاف عمرها 100 عام من التبت وشجرة صنوبر طولها 3 أمتار من جبال تشينلينغ في شمال غربي الصين.
وتحيط بجناح تايلاند مجموعة كبيرة ومتنوعة من الزهور والخضروات ونباتات الأعشاب وأشجار الفاكهة، وهو منزل على طراز شائع في وسط تايلاند.

وستعقد خلال المعرض معارض متعاقبة لأشجار المانجو واللجان والدوريان والمانجوستين وكذلك زهور السحلبية وأوعية الزهور.
وقال تيم بريركليف، الأمين العام للجمعية الدولية لمنتجي البستنة، إن معرض بكين «سوف يجذب العديد من الزوار للتعرف على أهمية النباتات والتخضير في حياتهم».

المعرض الأخضر
ويقام معرض بكين تحت عنوان «حياة خضراء، حياة أفضل»، وهو ما يتجسد بشكل جيد في تصميم حدائق المعرض والأجنحة.
قال جينغ تشي وان، من شركة الصين جروب للبحث والتصميم والهندسة المعمارية، إن الجناح الصيني صمم كهيكل محمي من الأرض، مع وجود معظم قاعات العرض الخاصة به في شكل تصميم معماري للحدائق المفتوحة، حيث يمكن الحفاظ على الحرارة والرطوبة في الداخل عليهما بشكل أفضل.

وذكر جينغ أنه نظام لجمع مياه الأمطار على السطح وتخزينها في بحيرة تحت الأرض ليتم استخدامها في ري الحدائق المفتوحة، مضيفًا أنه تم أيضًا تركيب أكثر من 1000 لوحة زجاجية ضوئية على السقف الصلب لاستخدام الطاقة الشمسية.
وتابع جينغ قائلا: «من خلال الاستفادة من الظروف الطبيعية لتوفير الطاقة، فإن تصميم الجناح الصيني يتضمن المفاهيم المعمارية الصينية التقليدية والحكمة الصينية».

أثناء تخطيط وبناء موقع المعرض، تم الحفاظ على 50 ألف شجرة موجودة في المنطقة والتي أصبحت مقدمة للتصميم. وفي الوقت نفسه، تم زراعة أكثر من 100 ألف شجرة وشجيرة لتحسين ظروف الأراضي الرطبة وتنقية المياه وتوفير الموائل للطيور المهاجرة.

ولحماية أشجار الصفصاف البالغ طولها 15 مترًا والتي تصطف على جانبي الطريق المؤدي إلى جناح تجربة الحياة البستانية، فقد عدل المصممون أرتفاع الأساسات للأبنية القريبة لتناسب الأشجار العالية. وقال تشنغ شي وي، رئيس مصممي الجناح: «إنه على الرغم من التكاليف، تمكنا من حماية الأشجار وهذا هو ما يهم، حيث تأتي البيئة أولاً».

وتم تحويل مخلفات البناء مثل الأحجار والطين إلى جدران وطرق وتلة يبلغ ارتفاعها 25 مترًا، يمكن للزوار أن يطلوا من فوقها على منطقة المعرض بأكملها.
وبجانب موقع المعرض يوجد منتزه غابة نهر قوي، والذي به أكثر من 100 نوع من النباتات والطيور والحشرات. حيث تفصل منطقة عازلة بين المعرض والمنتزه بحيث لا تضطرب هذه الأنواع.

وقال تشنغ قوان هوا من مكتب تنسيق معرض بكين الدولي للبستنة: «يمكن للزوار أثناء زيارتهم مشاهدة الحياة البرية الغزيرة هنا، بما في ذلك البجع».

وقال تشو جيان بينغ إن مبدأ تحديد الأولويات البيئية لم يتم فقط التأكيد عليه من أجل تخطيط وتصميم وبناء المعرض، ولكن سيتم التأكيد أيضًا على تفعيله واستخدامه في المستقبل، مثل استخدام السيارات الكهربائية في منطقة المعرض.

وقال الأمين العام للجمعية الدولية لمنتجي البستنة «إن معرض بكين يوفر فرصة مثيرة لإظهار للعالم أحدث الرؤى والأفكار الجديدة حول كيف يمكن للنباتات والمناظر الطبيعية أن تجعل الحياة أفضل».
وأضاف «لدينا توقعات حقيقية للغاية في أن تصبح بكين عام 2019 معترف بها كمثال للحياة الخضراء».

( وكالة أنباء الصين الجديدة - شينخوا).