سفرة الصيف

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢١/مايو/٢٠١٩ ١٢:٤١ م
سفرة الصيف

محمد الراسبي
جملة (وين بنسافر هذه السنة) تبدأ في بدايات الصيف او قبله بقليل. حين يبدأ الأبناء في كثيرمن العوائل استعطاف ابائهم او امهاتهم، وحين تسنح الفرصة للأم قد تسأل نفس السؤال موجهة بضغط عاطفي من الابناء، وطلب التدخل في تحقيق مايحلموا به. يقع الاب المسكين في حيرة من امره، عليه ان يجيب بتصريح رسمي، او ان يجد حيلة يتهرب بها باستخدام دبلوماسيته، وجميع الممارسات السياسية في الاجابه، سواء المباشرة او غير المباشرة. ..لانه يعرف بأنه محاصر من الصحافة المنزلية (القريبة الى قلبه)، واحد تلو الأخر فما عليه إلا ان يكون مستعدا لبقا.
بطبيعة الحال، لا مجال من عدم الاكتراث او التجاهل. .، او التهرب او عدم الاجابة. قد يكون لايملك الاجابة في حينها، ولكن مصيره ان يوضح موقفه (لامفر)، وأن يظفر بالإقناع ولو الإقناع المؤقت، وخاصة للصغار منهم كونهم يعتقدون ان سفرة الصيف انه امر مسلم به، فلا يهمهم ظرفك المادي، العملي، او حتى الفكري. .سفره يعني سفره ! انها براء الطفولة.
مع مرور الأيام تبدأ الحوارات العائليه الديمقراطية، بالمفاوضات والتشاور وبعض التنازلات من الطرفين، والتوصل الى شئ من الحلول مع بعض المقايضات البينية، والبدائل المرضية مثل برامج صيفيه بديله ترفيهيه، تعليميه لكي يستفيد منها الأبناء كأحد الخيارات.
الأب دائما يضع لديه البدائل في اجندة النقاشات كخطط بديله في حالة ان لم تتم السفره المرتجاة حسب الطلب لهذا الصيف، او غيرها من الاجازات، بعدها يتم التوصل الى اتفاق عائلي مشترك، يسعد الجميع بغض النظر من الذي ظفر بجولات التفاوض.
مع التفاهمات والتخطيط العائلي والرأي المشترك، قد يتم التوصل الى رأي موحد وهو السفر الى المكان المناسب في الوقت المناسب، سواء في الوطن او خارجه، وبما يتناسب مع الميزانيه العائلية المعدة لذلك اوما تم اعدادها مسبقا دون ان تكون مؤثرة سلبا على رب الأسره او الأسرة معا وهذا يكون نتاج التخطيط السليم.
بامكان الأب ان يكون ديكتاتورا فيغلق الباب منذ البدايه، بل يسافر هو واصدقاؤه ويترك ابناءه في المنزل طوال فترة الاجازه غير عابئا بما تم طلبه كما يفعل الكثير، ولكن تقتضي الحكمه ان يكون هناك حوار وتفاهم ورضى وتقدير وعرض موازنة ووضع حلول تسعد الجميع والميول الصيفية كونها فترة اجازة ليست بالقصيرة بغض النظر ان كان هناك برنامج سفر او ما شابه.
بمجرد ان تقرر هذه او تلك العائلة سفرة الصيف، تبدأ الاتصالات بوكلاء السفر والنقر على الخدمات الإلكترونية ومواقع شركات الطيران للبحث عن افضل الأسعار التنافسية المباشرة او الحزم السياحية، في الوقت نفسه تتم الاستعانة بالأصدقاء ممن لهم خبره في ذلك المكان المرشح، وحتى تكون السفرة سلسة وغنية بالمعلومات قبل السفر الى الوجهة المرشحة. ماهو مهم في في الأمر ان يكون ذلك مبكرا قدر الاستطاعة سواء لتذاكر السفر، او محل الإقامة لأنه كلما تم الحجز متاخرا، يكان السعر مرتفعا، مما ينتج عنه عبئ مالي اضافي.
هناك الكثير من اجتاحهم واستهواهم سفر الصيف (كل صيف) غير مكترثين بسداد التزاماتهم الأساسية او احتياجاتهم اليوميه وهم قد يكون دخلهم محدود، واضعين سفرة الصيف كمحطه رئيسيه لهم ولأسرهم من اجل ان لايلام اولربما اجل ان يعرف بان فلان سافر في محيط مجتمعه.على ضوء ذلك اصبحت البنوك تقدم اغراءاتها، وتتصيد مثل هؤلاء بتقديم سلفيات ماليه خاصه للسفر، وكذلك تقديم التأمينات الحياتية والطبية وغيرها من الخدمات مما يثقل كاهلهم وكاهل اسرهم.
نجد اشخاصا يغرقون انفسهم بالديون مقابل قضاء عطلة مكلفه فوق مقدرتهم وقد يكون الراتب اول المرحب بهم من قبل البنوك بعد عودة صاحبه من السفر كونه الضمان الوحيد في كثير من الأحيان، فيصبح استقطاعه مقلقا بعد ان كان امنا.
السفر ليس مشروطا ان يكون بعيدا، مكلفا، طويل المده بقدر مايكون مناسبا مريحا غير مقلق ودون عواقب.
هناك اولويات يقتضي علينا كاشخاص ان نسددها ان كان ليس لدينا القدرة المالية للسفر المكلف، والبدائل بطبيعتها موجوده بكثره في سلطتنا الجميلة من جنوبها الى شمالها ومن شرقها الى غربها.
حينما تكون الفرصة للسفر البعيد متاحه، وجميع اركانه مكتملة ليكون ناجحا ماديا ووقتيا، حينئذ ننطلق حيث شئنا ومتى شئنا، مستمتعين، ويسعد كل من بصحبتنا.