قطاع لوجستي يبنى من العدم !

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٣/يونيو/٢٠١٩ ١١:٤٣ ص

علي بن راشد المطاعني

الجهود التي تبذل في انشاء كيانات اقتصادية معتبرة تقود الاستثمار وتنمية القطاعات الاقتصادية في البلاد كقطاع اللوجستيات، ليس بالأمر بالسهل الذي يتصوره البعض، وخاصة إذا كانت هذه المؤسسات وتلك الشركات شاءت الأقدار أن تضمها المجموعة لها إرث قديم من الإدارات شبه حكومية وتزامن انشاؤها مع بدايات النهضة المباركة لادارة بعض المرافق كضرورة من ضرورات التنمية، فالتغير فيها وبلورتها في المجموعة اللوجستية وتحفيزها على النهوض من واقعها يحتاج له شبه معجزة.

تلك الحقيقة يجب ان تقال عندما نتحدث عن قطاع اللوجستي في البلاد وبعثرته وتهالكه ايضا وصل الى حد تصفية بعض شركاته، وعندما تذكر اسياد كمجموعة وتضم شركات حكومية خدمية قديمة تحاول بعثها من جديد لتكون رقما في التنويع الاقتصادي في البلاد، وجزءا لا يتجزاء من قطاع اللوجستيات في السلطنة وشركات ذات ديناميكية في العمل الاداري والتجاري لتشكل قطاعا اقتصاديا رديفا يسهم في تعزيز الاستثمار في البلاد ويقود التحديث والتطوير في بعض مجالاته، فالأمر يتطلب إعطاء الفرصة لهذه الجهود أن تعمل وتنهض وتعيد بناء قطاعا حيويا من نقطة الصفر تقريبا تتوجه الأنظار اليه في المرحلة القادمة لكي يكون من ابرز القطاعات الاقتصادية التي ترتكز عليها الجهود الحكومية لتنويع الاقتصادي والإستفادة المثلى من المرافق الحيوية وتوظيف الامكانيات والطاقات في مكانها الصحيح.

فعندما تفصح شركات حكومية عن ما حققته من إنجازات خلال الاشهر الفائتة من العام الجاري بتلك الشفافية والصراحة فهذا في حد ذاته تطور كبيرا، لم يكن في ابجديات بعض هذه الشركات طوال 40 عاما، وعندما تعلن شركة من شركات المجموعة عن تحقيق تقدم في توصيل خدماتها في الوقت بنسبة 95%، بعد سنوات طويلة كانت هذه الشركة عبئا على الحكومة لا انتاجية ولا خدمة ولا هم يحزنون على تدهور خدماتهم، فبلورت منها مجموعة اسياد شركة تقوم على قدميها كما يقال، ولتكون ضمن قطاع من القطاعات الاقتصادية الخمسة التي ترتكز عليها منظومة التنويع الاقتصادي في السلطنة، وعندما تتبنى شركة نقل وطنية عامة كانت جزء من الذكريات توارت خلف التطور ردحا من الزمن لتكون جزءا من منظومة تطوير النقل العام في البلاد، فذاك بحد ذاته نجاحا ليس للمجموعة وانما للسلطنة ان يكون بها نقل عام يتطور كما ونوعا كأحد مظاهر التطور والتقدم في الدول..
و عندما تجلب المناطق الحرة بصحار وصلالة التابعة للمجموعة 500 مليون دولار كاستثمارات أجنبية مباشرة فذاك نجاح لا يمكن أن يتحقق بدون متابعة وتقييم أداء والاحساس بالمسؤولية من جانب والمحاسبة من جانب آخر، والضغط احيانا. فهذه التطورات وتلك الإنجازات لم يكن نسمع عنها من قبل، فلا أحد يعرف ماهية هذه الشركات ودورها وأهميتها الاقتصادية ولا ارباحها وخسائرها...وغيرها الكثير لا يتسع المجال لذكره في هذه العجالة لكن كل ذلك موجود في الذاكرة وعجلة التغير.

فاليوم هناك قطاع لوجستي وله أهدافه ومنطلقاته ورؤيته ومسؤولياته وشركاته الكل يعمل كسلسلة المترابطة للوصول للأهداف العليا المحددة للقطاع ووفق خطط واضحة في تحديد المبتغى والغايات التي يجب الوصول إليها، بل إن التنافس على التطوير بين شركات المجموعة مفروض من ادارة المجموعة يحفز على زيادة الإنجاز وتسارع الخطى نحو الأفضل بما يسهم في المضي قدما إلى ما نتطلع اليه ان نرى قطاعا منظما يعتمد عليها، ليس للاستثمار في الداخل وإنما كذراع استثماري في هذا المجال في الخارج ايضا.

فبلاشك أن إعلان مجموعة اسياد عن بعض مؤشرات أداء شركاتها وأفضل الأعمال التي قدمتها كايجاز يعكس مدى الوضوح والشفافية التي تتبناها المجموعة كاداء عمل لا يقبل القسمة على اثنين، فالنمو في الأرباح التشغيلية بنسبة 14 بالمائة في الاشهر الفائتة عن ماكانت عليه في نفس الفترة من العام الفائت وتوقعها أن تصل إلى 23 بالمائة بنهاية العام الجاري تطلع طيب يبهج النفس في هذه الظروف الاقتصادية الحالكة، ونمو حقوق المساهمين في المجموعة من 16 بالمائة إلى 23 بالمائة مؤشر رائع ان تذكر هذه المؤشرات الجديدة في فكر الشركات الحكومية، كانت في غياهب الزمن، والتوقع بتحقيق أرباح للمجموعة بنهاية العام لاول مرة منذ انشائها أيضا له من الدلالات التي تؤكد على نجاح فكرة انشاء هذه التكتلات الاقتصادية التي تقود الاقتصاد الوطني إلى المستقبل، كان لوقت قريب مطلوب التخلص منها، وادخال البلوك تشين لرقمنه التعاملات المالية كخطوة نوعية لتسخير التكنولوجيا في قطاع كان يعمل بالكاش والخردة.
فكهذا يمضي القطاع اللوجستي بثقة وثبات بمستويات تضاعف من العائد على الاستثمار فيه وترفع القيمة المضافة المحلية منه ويستغل امكانات البلاد بشكل افضل، فضلا عن استيعاب شركاته لكوادر وطنية أصبحت تتولى قيادة الشركات بكفاءة عالية وتدير مفاصله، ناهيك عن إيجاد سياسات واضحة لإدارة الشركات وحوكمة قوية تلزم إداراتها بالعديد من المحددات المالية والإدارية وتبلور فكرا إداريا متطورا يعرف الحدود التي يتحرك فيها على ضوء فصل في الصلاحيات والتفاويض بين الجهات المخططة والمشرفة والتنفيذية.
فكل هذه الجوانب وغيرها لم تكن موجودة في شركات حكومية، كانت أكثر من الجهات الحكومية نفسها، في حين اليوم تحاول ادارة المجموعة الخروج بها من دهاليز هذا الفكر إلى تحقيق الربحية والتكامل والترابط لإنشاء قطاعا من عدم وتعزيزه بكل الامكانيات وتغرس في ادارات الشركات مفاهيم ادارية جديدة في بيئة الاعمال ومعنى الاداء والانتاجية والتقييم للنهوض بها مما هي عليه لم تسمع عنها من قبل، وهو بحد ذاته انجازا يجب ان يذكر.

بالطبع التحديات ماثلة أمام هذا القطاع أو غيره وهذا طبيعي جدا في اي عمل إداري، فما بالك بلملمة قطاع شبه متهاكل وتطويره بشكل يتواكب مع التطور الذي يشهده القطاع اللوجستي في العالم، لكن يحتاج بعض الوقت والتقدير لما يبذل وتعزيز الجهود المبذولة كغيرها التي منحت الفرص والمجال وعدم الاستعجال في اصدار الاحكام المسبقة وبعضها كيدية للاسف..

فالاعمال بهذه السرعة وذاك الانجاز في مثل هذه الظروف التي نعلمها جميعا ونعاني منها تستحق الثناء والمساندة التي ترفع المعنويات وتعزز الثقات، فهكذا قامت كيانات الاستثمار في الدول المجاورة وتسابق الضوء اليوم نحو التطور، وليس بالتثبيط والتنمر الذي نشهد بعضه.
نأمل أن تكلل هذه الجهود بالنجاح وان تسهم في الارتقاء بالقطاعات الاقتصادية وبناءها لتكون ذات قيمة مضافة على كل المستويات والأصعدة وقبل كل شيء لدينا ان يكون لدينا قطاع نعرف ساسه من رأسه كما يقال، بدلا من البعثرة السابقة.