مخاطر الركود في 2020

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٣/يونيو/٢٠١٩ ١٢:١٠ م
مخاطر الركود في 2020

نورييل روبيني

في الصيف الفائت، قمت أنا وزميلي برونيلو روزا بتحديد عشرة مخاطر سلبية محتملة ربما تؤدي إلى ركود اقتصادي في الولايات المتحدة والعالم في عام 2020. ولا تزال تسعة من هذه المخاطر قائمة حتى يومنا هذا. تساهم الولايات المتحدة في العديد من هذه المخاطر. فقد تخلف الحروب التجارية مع الصين ودول أخرى، إلى جانب القيود المفروضة على الهجرة والاستثمار المباشر الأجنبي ونقل التكنولوجيا، تأثيرات عميقة على سلاسل الإمداد العالمية، مما يزيد من خطر الركود التضخمي. وقد أصبح خطر تباطؤ النمو في الولايات المتحدة أكثر حِدة الآن بعد أن بلغ برنامج التحفيز من التشريع الضريبي لعام 2017 منتهاه.

من ناحية أخرى، ظلت أسواق الأسهم في الولايات المتحدة سطحية ضحلة منذ تعليقنا الأولي. وهناك مخاطر إضافية مرتبطة بظهور أشكال أحدث من الديون، بما في ذلك في العديد من الأسواق الناشئة، حيث كان قسم كبير من الاقتراض مقوما بعملات أجنبية. ومع تقييد قدرة البنوك المركزية على الاضطلاع بدور الملاذ الأخير للإقراض على نحو متزايد، أصبحت الأسواق المالية غير السائلة عُرضة للانهيارات السريعة وغير ذلك من أشكال الانقطاع. وقد يأتي أحد أشكال الانقطاع هذه نتيجة لتصرفات ترمب، الذي ربما يستسلم لإغراء إحداث أزمة في السياسة الخارجية («تشتيت الانتباه») مع دولة مثل إيران. وهذا من شأنه أن يعزز أرقام استطلاعات الرأي المحلية لصالحه، لكنه قد يشعل أيضا شرارة صدمة نفطية.

بعيدا عن الولايات المتحدة، لا تزال هشاشة النمو في الصين المثقلة بالديون وبعض الأسواق الناشئة تشكل مصدرا للقلق، وكذا المخاطر الاقتصادية والسياسية والمالية ومخاطر السياسات في أوروبا. الأسوأ من ذلك أن صندوق أدوات السياسات في مختلف الاقتصادات المتقدمة لا يزال محدودا في ما يتصل بالاستجابة للأزمة. ولا يمكن تطبيق نفس التدخلات النقدية والمالية وأشكال دعم القطاع الخاص التي استخدمت بعد الأزمة المالية في عام 2008 ببساطة على نفس المنوال اليوم.
على الجانب المالي، تعاني أغلب الاقتصادات المتقدمة اليوم من عجز أعلى وديون عامة أكبر مقارنة بفترة ما قبل الأزمة المالية، مما يترك حيزا ضئيلا للإنفاق التحفيزي.
بين المخاطر التي قد تؤدي إلى إحداث الركود في عام 2020، تستحق الحرب الصينية الأميركية التجارية والتكنولوجية اهتماما خاصا. فقد يتصاعد الصراع على أكثر من نحو. فربما تقرر إدارة ترمب تمديد التعريفة الجمركية إلى الصادرات الصينية التي تبلغ قيمتها 300 مليار دولار والتي لم تتأثر بعد. أو ربما يؤدي منع شركة هواوي وغيرها من الشركات الصينية من استخدام المكونات الأميركية إلى إشعال شرارة عملية تامة النطاق من التراجع عن العولمة، مع اندفاع الشركات إلى تأمين سلاسل الإمداد التي تعنيها. وإذا حدث هذا فسوف يكون لدى الصين عدة خيارات للانتقام من الولايات المتحدة، مثل إغلاق سوقها أمام الشركات الأميركية المتعددة الجنسيات مثل أبل. في ظل هذا السيناريو، ستكون الصدمة التي تتعرض لها الأسواق في مختلف أنحاء العالم كافية لإحداث أزمة عالمية، بصرف النظر عن كل ما قد تفعله البنوك المركزية الكبرى. ومع تسبب التوترات الحالية بالفعل في التأثير على ثقة الشركات والمستهلكين والمستثمرين وإبطاء النمو العالمي، فإن المزيد من التصعيد كفيل بدفع العالم إلى الركود. ونظرا لحجم الديون الخاصة والعامة، فمن المرجح أن يترتب على الركود اندلاع أزمة مالية أخرى.
يعرف كل من ترمب والرئيس الصيني شي جين بينج أن مصلحة بلديهما تستلزم تجنب أزمة عالمية، وهذا يعني أن كلا منهما لديه الحافز لإيجاد حل وسط في الأشهر القليلة المقبلة. ومع ذلك لا يزال الجانبان يصعدان الخطاب القومي ويلاحقان التدابير الانتقامية. ويبدو أن كلا من ترمب وشي يعتقد أن أمن بلده الاقتصادي والوطني الطويل الأجل ربما يعتمد على عدم التقهقر أو إظهار أي بادرة ضعف في مواجهة حرب باردة جديدة. وإذا كان كل منهما يعتقد حقا أن الطرف الآخر سوف يخضع أولا، فإن هذا يعني أن خطر الصدام المدمر شديد حقا.

من المحتمل أن يجتمع ترمب وشي جين بينج لإجراء محادثات أثناء قمة مجموعة العشرين يومي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من يونيوفي أوساكا. ولكن حتى لو اتفقا على استئناف المفاوضات، فإن التوصل إلى اتفاق شامل لتسوية نقاط الخلاف العديدة سيكون أمرا بعيد المنال. ومع اتساع شقة التباعد بين الجانبين، يتقلص الحيز المتاح للتسوية، ويرتفع خطر الركود العالمي والأزمة العالمية في ظل اقتصاد عالمي هش بالفعل.

أستاذ في كلية ستيرن لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك